في وداع القائد المجاهد إسماعيل هنيه
كتبه: م. احمد المحمدي المغاوري
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
إذا أردنا أن نُعرُفهُ فهو الأخ القائد المجاهد السياسي الهادئ أبا العبد [إسماعيل هنيه] القارئ الرباني الحافظ لكتاب الله.
* قليل ما هم من يعرفون طريقهم، ويختارون حتفهم، ومن هؤلاء أبا العبد هنية، عرف لماذا خُلقْ؟ فكانت حياته لله هكذا لحظة بلحظه، ساعاته، يومياته، سنواته، كله جهاد في كل ساح ابدا لم يُلْقِ السلاح ، سلاحه إيمانه ويقينه بالله ثم ما كان مُتاح ، ذاك هو العقل الناضج ذو الوجه الوضاح، صاحب العقل الأريب والقلب الذي من ربه قريب، صاحب الهمة العَلِيّْة، الطواق للمعالي ذو تفس السوية ، يتقدم نحو ما يريد، هدفه واضح وأمام العدو لم يهُن ولم يلين، هنية، السياسي المحنك أمير كتائب القسام وغزة العزة التي أوقفت العالم على رأسه، عجبا بما يصنعون والغرب وبني صهيون، أمامهم عاجزون ! فكيف بالقادة وقائد مثل هنيه، تلك هي سيرته وسيرتهم الذاتية! تلك هي القيادة يا ساده!! خًلاصتُها قول الله [ولكن كونوا ربانيين، بما كنتم تعلمون الكتب وبما كنتم تدرسون] فكانوا!
-كثيرون هم من يبحثون عن الألقاب سواء كان، الدكتور والبروفسير والمهندس والقاضي المستشار والاستاذ والأمير، وما هي سراب خادع يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا!! نعم لم نجد منهم شيئا فالعقول فارغه والقلوب أصابها الوهن بحياتهم الفارهة! إلا ما رحم ربي.
* لا تنعوه فقد وصل لبُغيته، لا تَبْكُوه فقد ادى مُهمته، فالرجل لا يُبكى عليه حين يلقى أُمنيتَه وأحبته، وإنّما يُبكى حين تفوتُه ضالته ، وما كان لمثلِهِ أن لا يصل لضالَّتِهِ، فإنْ لم تكُنْ هذه أُمنيةُ كُلُّ مِنَّا فعلى أيِّ شيءٍ نسيرُ إلى الله في هذا الطريقِ بوحشته، وبأيِّ شيءٍ نرفعُ الأَكُفَّ وندعو الله ! هكذا دعا الصاحبي الجليل عبد الله بن عمرو بن حرام لما شهد يوم أحد استقبل القبلة ودعا ربه، فقال:
"اللهم خذ من دمي هذا حتى ترضى".
فحقق الله أمنيته ومات شهيدا، يسمع رسول الله ابنه جابر وبعض أهله يبكون عليه، فيقول صلى الله عليه وسلم لأخته فاطمه: (تَبْكِينَ أَوْ لاَ تَبْكِينَ مَا زَالَتِ المَلاَئِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ") ذاك الذي كلم ربه كفاحا اي دون حجاب!!
فقال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لجابر ابنه " مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَكَلَّمَ أَباكَ كِفَاحا، فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَارَبِّ تُحْيِنِي، فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَة، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: إِنَّهُ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ، قَالَ: يَارَبِّ، فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي، فَنْزَلَ في حقه قوله تَعَالَى: [وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ -ال عمران].
* لا تنعوا هنية لقد صدق فصدقه الله واصطفاه الله كإخوانه واتخذ منهم شهداء، واستحقوا ان يكونوا بمثابة البوصلة والنور لأمة ضلت طريقها وأصابها الركود، ومن عزة العزة ستعود، لعزتها رمز الصمود، لأنهم كما قال الرئيس الشهيد مرسي (كانوا رجال) وصفهم الله لنا لنكون مثلهم فقال (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا - الأحزاب) فكان أبا العبد( اسماعيل هنية) منهم، فتشبهوا بهم إن التشبه بالرجال فلاح، ولكل امرءا نصيبا من اسمه فاسمه إسماعيل، ذلك الأبن البار لأبيه ابراهيم عليه السلام، الذي قدم نفسه قربانا لله وطوعا لأمره، وعلى طريق الشهيد إسماعيل هنيه الابن البار لدعوته ولغزته وغزوته، عاش حياته غازيا في سبيل قضيته، ذاك لقبه وشهرته الأخ المجاهد أبا العبد.
* لا نبكي ولا ننعي الأخ المجاهد هنية فعلى أيِّ شيءٍ كنا نردد [وأمتنا على الشهادة في سبيلك] صباحَ مساءَ وأنّنا لن نتركَ السّاحَ ولن نُلقيَ السّلاح ولا نهين ولا نستكين! إنهم أبناء المقاومة أصحاب المعالي يقولون لنا لا تبكوه ولا تنعوه، ومن منّا دمه لا يرْخُص لأجلِ مسرى الحبيب ؟، فلا تبكُوا هنيه فهنيئا له الشهادة ، زُفُّوه إلى حيث تاقتْ همّته ، وانثُروا على جسده الدامي المقطع الورود والزهور ، وأما الرُّوح ففي عليين بإذن رب العالمين (مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا- النساء).
* لا تبكوا هنية وإخوانه، فقد عطروا الدنيا وهم بيننا وبقوا قدوة لنا ، ومضوا وهم احياء عند ربكم يُرزقون، فرحين، يبثون فينا الأمل، وإخوانهم على العهد باقون فقد ذهب ياسين وجاء مائة ياسين وذهب عياش وجاء ألف عياش والرنتيسي وصيام وغيرهم من الصادقين وكان منهم هنيه ، فلست ككل نفس يا هنية انت وإخوانك فقد عدتم بنا إلى جيل الصحابة المخلصين!
مررت مرور الكرام يا هنية، فأكرم بروح علت على الدنيا الدنية، دخلت مدخل صدق وخرجت بنفس أبية، صادق العهد قد وفيت فاجتباك رب البريه، ، إليك يا شهيد الحق ليقيته يوما وصافحته وتواعدنا اللُقا بالقدس لكن؛ سبقتني لجنة الخلد، في مقعد صدق عند رب البريه.
* لا نبكيك ففي الخالدين أنت مع الشهداء وأهل الله اقرأ وارتق تلك منزلتك نسأل لنا إن للحق رجالا مخلصين صدقوا الله وأنفسهم تقية، قليل ما هم مروا كراما عبر الزمان ذكراهم نقيه،
منذ النبوة كانوا مثال صدقٍ وقدوتهم خير البريه، عقدوا العزم على ان لا يهنوا وكنت منهم ابا العبد هنيه..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.