إضاءات
ومفاهيم قرآنية (١): سورة الفاتحة، وسبب تسميتها، ونزولها، وفضلها؛
كتب: د. علي
محمد الصلابي
الأمين العام
للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
سورة الفاتحة: هي سورةٌ
مكيَّةٌ تتكوَّن من سبعِ آياتٍ، وسمِّيت بالفاتحة لافتتاح القرآن الكريم بها، كما
وسمِّيت أمُّ الكتاب؛ لاشتمالها على معاني توحيد الله -عزَّ وجل-، والتعبُّد بأمر
الله، ونهيه، وبيان وعد الله ووعيده، وتسمَّى بالسَّبع المثاني؛ لأنَّها تتكوَّن
من سبع آياتٍ، ولأنَّها تُثنَّى في الصَّلاة، أي: تُعاد، نزلت قبل هجرة النَّبيِّ
-صلى الله عليه وسلم- من مكَّة إلى المدينة.
وإنّ لسورة الفاتحة عدَّة
أسماءٍ، منها ما هو توقيفيٌّ ورد في الكتاب أو السُّنَّة، ومنها ما اجتهد به بعض
العلماء في وضع مسمياتٍ لسورة الفاتحة فيما يأتي:
- الأسماء
التوقيفية: فاتحة الكتاب، والسبع المثاني، وأمُّ القرآن، وأمُّ الكتاب.
- الأسماء
الاجتهادية: الكافية، والواقية، والكنز، والدُّعاء، وغيرها.
زمن وسبب نزول
سورة الفاتحة:
نزلت فاتحة الكتاب في مكَّة
قبل الهجرة على أصحِّ الأقوال، قال تعالى: (وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني
وَالقُرآنَ العَظيمَ)، وهي آية من سورة الحجر وهي سورةٌ مكيَّةٌ أيضاً. وفي سبب
نزولها روى عمرو بن شرحبيل (رضي الله عنه): (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ
علَيهِ وسَلَّمَ كانَ إذا برَزَ سَمِعَ منادِيًا ينادي يا مُحمَّدُ فإذا سَمعَ
الصَّوتَ انطلَق هارِبًا فقال له ورَقَةُ بنُ نَوفَلٍ إذا سَمِعتَ النِّداءَ
فاثبُتْ حتَّى تَسمَعَ ما يقولُ لكَ فلمَّا برزَ سمِعَ النِّداءَ فقالَ لبَّيكَ
قال قُلْ أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ
اللَّهِ ثُمَّ قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حتَّى فرغَ مِن فاتِحَةِ الكِتابِ). [رواه الألباني].
موضوعات سورة
الفاتحة:
تناولت سورة الفاتحة على قلة
آياتها مقاصد الإسلام؛ كالتَّوحيد، والعبادة، والوعد، والوعيد، بِشكلٍ مُجمّل،
فهي رُكنٌ في الصَّلاة،
والتي هي أفضل أركان الإسلام بعد الشَّهادتين، وتبطُل الصَّلاة بعدم قراءتها، كما
أنَّها أجملت ما ذُكر في غيرها من السُّور، وأمَّا المعاني الواردة فيها فكما
يأتي:
▪ الحمدُ والثَّناء والتَّمجيدُ لله تعالى، وأقسام التوحيد
الثلاثة؛ وهي توحيد الرُّبوبيَّة، والألوهيَّة، والأسماء والصِّفات.
▪ التَّرغيب والتَّرهيب، وإثبات الجزاء والبعث، والعمل وجزاء
صاحبه.
▪ إرشاد النَّاس إلى كيفيَّة الاستعانة بالله تعالى، وحمده،
والثَّناء عليه، وإخلاص العبادة له، وذكرها لأقسام النَّاس الثلاثة، وهُم: المُنعَم
عليهم؛ وهُم المُهتدون والموفّقون للعمل الصَّالح، والمغضوب عليهم: وهُم الذين عرفوا
الحقَّ ولم يعملوا بهِ، والضَّالين: وهُم الجاهلين بالحقِّ والعاملين بالباطل.
▪ إثبات الرُّسل والوحي والرِّسالات.
فضل سورة
الفاتحة
إنّ سورة الفاتحة لها فضل
كبير، نورد أهمّها فيما يأتي:
• يروي أبو
هريرة عن النَّبيِّ ﷺ في فضل الفاتحة فيقول: (أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: وقرَأَ عليه
أُبَيٌّ أُمَّ القُرآنِ، فقالَ: والذي نفْسي بيَدِه، ما أُنزِلَ في التوراةِ، ولا
في الإنجيلِ، ولا في الزَّبورِ، ولا في الفُرقانِ مِثلُها، إنَّها السبْعُ
المَثاني، والقُرآنُ العظيمُ الذي أُعطِيتُ)، وهذا إن دلَّ على شيء فيدلُّ على
عظيم شأنها وأجرها. [رواه شعيب الأرناؤوط]
• عن أبي
سعيد بن المعلى عن النَّبيِّ ﷺ قال: (لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هي أعْظَمُ
السُّوَرِ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ. ثُمَّ أخَذَ بيَدِي،
فَلَمَّا أرادَ أنْ يَخْرُجَ، قُلتُ له: ألَمْ تَقُلْ: لَأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً
هي أعْظَمُ سُورَةٍ في القُرْآنِ؟ قالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ). [رواه البخاري]
• سببٌ في
غفران الذنوب لما ورد عن النَّبيٍ -صلى الله عليه وسلم-: (إذا قالَ الإمامُ:
(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فَقُولوا آمِينَ، فمَن
وافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلائِكَةِ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ). [رواه
البخاري]
• ورد عن
النَّبيِّ ﷺ وصحابته أنَّهم كانوا يَرْقون بها. تعدُّ سورة الفاتحة ركناً من أركان
الصَّلاة، فلا تقوم الصَّلاة إلَّا بها، وأجر قراءتها عظيمٌ، كما هي كلُّ سور
القرآن الكريم.
المراجع:
1- جعفر شرف
الدين، الموسوعة القرآنية، خصائص السور (الطبعة الأولى)، صفحة 3، جزء 1
2- محمد
العثيمين، تفسير الفاتحة والبقرة (الطبعة الأولى)، صفحة 3، جزء 1.
3- محمد سيد
طنطاوي، التفسير الوسيط للقرآن الكريم (الطبعة الأولى)، صفحة 11، جزء 1.
4- ابن
عاشور، التحرير والتنوير، صفحة 130، جزء 1.
5- محمد أحمد
إسماعيل، تفسير القرآن الكريم، صفحة 16-22.
6- الواحدي،
أسباب النزول، صفحة 19-20، جزء1.