خطبة
الجمعة|
شهوة النساء في المنظومة الإسلامية
الشيخ بن سالم باهشام
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
عباد الله، يقول اللّه تعالى في سورة الأعراف: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ
اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ
آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ، كَذلِكَ نُفَصِّلُ
الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)[الأعراف: 32]، خلق الله تعالى الإنسان جسدا وروحا،
عقلا وشهوة وعاطفة، ومن خلال هذه الآية ومثيلاتها؛ يتبين أن الدين الإسلامي دين الفطرة،
ومن مميزات هذا الدين؛ أنه دين الاعتدال والاتزان والوسطية، إذ ليس العمل في مجاله
مقصورا على الدنيا، ولا مقصورا على الزهد والآخرة، وليس هو دين رهبنة وتقشف وإهمال
للدنيا، ولا دين أخلاق وعبادة وعقيدة فحسب، وإنما الإسلام هو دين شامل لمصالح الدنيا
والآخرة، إذ يقترن فيه العمل بالاعتقاد، والعبادة بالاحتراف، والمادة بالروح، لهذا
ليس ممنوعا على المسلم حب الدنيا ومظاهرها، ولكن الممنوع؛ هو المبالغة والإسراف فيها،
والاقتصار عليها، حتى تطغى على الناحية الدينية، وتُهمل أمور الآخرة. قال تعالى في
سورة آل عمران: ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ
وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ
وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ، ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَاللَّهُ عِنْدَهُ
حُسْنُ الْمَآبِ) [آل عمران: 14].
عباد الله، أمامنا معالجة ثلاثة مصطلحات في هذه الآية من سورة آل عمران:
التزيين، والشهوة، والنساء، فالمقصود بالتزيين عموما، هو تصيير الشيء زيّنا، أي حسنا،
والزينة هي ما في الشيء من المحاسن التي ترغّب الناظرين في اقتنائه، وفي هذه الآية:
حُسِّن وحُبِّب إلى الناس، والزينة مجملا ثلاث:
* زينة
نفسية: كالعلم والاعتقادات الحسنة.
* وزينة
بدنية: كالقوة وطول القامة.
*
وزينة خارجية: كالمال والجاه.
عباد الله، في هذه الآية الكريمة من أوائل سورة آل عمران، والتي تتضمن
الشهوات السبع التي حببت للإنسان، لم يبين الله تعالى فيها مَن المزين لحب هذه الشهوات،
وباستقرائنا للقرآن الكريم، نجد أن الله سبحانه
وتعالى نسب التزيين في مواضع ثلاث:
*
مرة نسبه إلى نفسه: كما في قوله تعالى في سورة الحجرات: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ
إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) [الحجرات: 7].
* ومرة
نسبه إلى الشيطان: كما في قوله تعالى في سورة الأنفال: ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ) [الأنفال: 48].
* ومرة
لم يسم فاعله: ليُحمل النص على الاحتمالين، كما في قوله تعالى من
سورة آل عمران: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشهوات)، وصياغة الفعل للمجهول هنا؛ تشير
إلى أن التركيب الفطري للناس قد تضمن هذا الميل؛ فهو محبب ومزين، وهذا تقرير للواقع
من أحد جانبيه، ففي الإنسان هذا الميل إلى هذه «الشهوات»، وهو جزء من تكوينه الأصيل،
لهذا لا حاجة إلى إنكاره، ولا إلى استنكاره واستقذاره في ذاته، فهو ضروري للحياة البشرية
كي تتأصل وتنمو وتطّرد، كما أن الواقع يشهد كذلك بأن في فطرة الإنسان جانباً آخر يوازن
ذلك الميل، ويقوم بحراسة الإنسان من أن يستغرق في ذلك الجانب الجسدي الشهواني وحده؛
فيفقد قوة النفخة العلوية أو مدلولها وإيحاءها. هذا الجانب الآخر هو جانب الاستعداد
للتسامي، والاستعداد لضبط النفس ووقفها عند الحد السليم من مزاولة هذه «الشهوات»، وهذا
الحد هو الباني للنفس وللحياة؛ مع التطلع المستمر إلى ترقية الحياة ورفعها إلى الأفق
الذي تهتف إليه النفحة العلوية، وربط القلب البشري بالملإ الأعلى؛ وبالدار الآخرة،
وبرضوان الله تعالى، هذا الاستعداد الثاني يهذب الاستعداد الأول، وينقيه من الشوائب،
ويجعله في الحدود المأمونة التي لا يطغى فيها جانب اللذة الحسية ونزعاتها القريبة،
على الروح الإنسانية وأشواقها البعيدة، والاتجاه إلى الله وتقواه، إنه خيط الصعود والتسامي
إلى تلك الأشواق البعيدة.
عباد الله، إن هذه الشهوات السبعة المذكورة في أوائل سورة
آل عمران، هي مستحبة ومستلذة في ذاتها؛ وليست مستقذرة ولا كريهة، والتعبير على صيغة
المجهول؛ لا يدعو إلى استقذارها وكراهيتها؛ إنما يدعو فقط إلى معرفة طبيعتها وبواعثها،
ووضعها في مكانها حتى لا تتعداه، ولا تطغى على ما هو أكرم في الحياة وأعلى. والتطلع
إلى آفاق أخرى بعد أخذ الضروري من تلك “الشهوات”؛ في غير استغراق ولا إغراق!
عباد الله، هذا ما يميز الإسلام ويمتاز به؛ مراعاته للفطرة
البشرية وقبولها بواقعها، ومحاولة تهذيبها ورفعها، لا كبتها وقمعها، والذين يتحدثون
من علماء النفس عن «الكبت» وأضراره، وعن «العقد النفسية» التي ينشئها الكبت والقمع،
يقررون أن السبب الرئيسي للعقد هو «الكبت»، وليس هو «الضبط» الذي يميز تعاليم الإسلام
الحنيف، ولا استقذار دوافع الفطرة واستنكارها من الأساس، مما يوقع الفرد تحت ضغطين
متعارضين:
* ضغط من شعوره: – الذي كوّنه الإيحاء، أو كوّنه الدين، أو
كوّنه العرف – بأن دوافع الفطرة؛ دوافع قذرة لا يجوز وجودها أصلاً، فهي خطيئة ودافع
شيطاني!
* وضغط هذه الدوافع التي لا تُغلب: لأنها عميقة في الفطرة،
ولأنها ذات وظيفة أصيلة في كيان الحياة البشرية لا تتم إلا بها، ولم يخلقها الله في
الفطرة عبثاً. وعندئذ وفي ظل هذا الصراع، تتكون «العقد النفسية»، وحتى إذا سلّمنا جدلاً
بصحة هذه النظريات النفسية، فإننا نرى الإسلام قد ضمن سلامة الكائن الإنساني من هذا
الصراع، بين شطري النفس البشرية: بين نوازع الشهوة واللذة، وأشواق الارتفاع والتسامي،
وحقق لهذه وتلك؛ نشاطها المستمر في حدود التوسط والاعتدال.
عباد الله، إن التزيين الذي يكون من الله تعالى لحب الشهوات؛
يطلق ويراد به خلق حبها في القلوب، وهو بهذا المعنى مضاف إليه سبحانه وتعالى حقيقة؛
لأنه لا خالق إلا هو، وهو على وجهين:
الوجه الأول: يكون تزيين الشهوات للمؤمنين: على جهة الامتحان،
إذ أن هذه الشهوات؛ هي ذريعة لنيل سعادة الدارين عند كونِ تعاطيها على نهج الشريعةِ
السمحة، ووسيلةً إلى بقاء النوع البشري.
الوجه الثاني: يكون تزيين الشهوات للكفار: على جهة العقوبة
مع الخذلان.
أما التزيين الذي يطلق ويراد به الحض على تعاطي الشهوات المحظورة،
فهو مضاف إلى الشيطان تنزيلا لوسوسته وتحسينه منزلة الأمر بها، والحض على تعاطيها.
عباد الله، إن المقصود بالشهوات في الآية، جمع شهوة، وهي
ثوران النفس وميلها نحو الشيء المشتهى، والمراد بها هنا الأشياء المشتهاة من النساء
والبنين وغيرهما، وعبر عنها سبحانه وتعالى بالشهوات، للإشارة إلى ما رُكّز في الطباع
من محبتها والحرص عليها؛ حتى لكأنهم يشتهون اشتهاءها.
عباد الله، بعد استيعاب معنى الزينة، ومعنى الشهوة، بين سبحانه
وتعالى بعد ذلك أهم
المشتهيات التي يحبها
الناس، وتهفو إليها قلوبهم، وترغب فيها نفوسهم، فأجملها في أمور سبعة في أوائل سورة
آل عمران، وجعل أولها النساء، لأن أعنف غرائز الإنسان هي غريزة الجنس، ولتصحيح المفاهيم،
فإنه كثيرا ما نسمع على الألسن عند الحديث عن الشهوة الجنسية، قولهم: الشهوة البهيمية،
ونقولها قاصدين الانتقاص من البهائم، لكن الحقيقة المؤلمة، والتي يشهد لها الواقع المعيش
الذي هو محك التجارب، أن الحيوان يفضل الإنسان المجرد عن منهج الله في الشهوة الجنسية،
لعدم تحصنه بشريعة الإسلام وهديها، فالحيوان منظم من قبل الله تعالى، ولا اختيار له
في هذا المجال، لهذا نجده قد أخذ العملية الجنسية، لاستبقاء النوع، بدليل أن الأنثى
من الحيوان إذا تم لقاحها من فحل، لا تُمكِّن فحلاً آخر منها، والفحل أيضاً؛ إذا ما
جاء إلى أنثى وهي حامل، فهو لا يُقبل عليها، إذن فالحيوانات قد أخذت غريزة الجنس كاستبقاء
للحياة، ولم تأخذها مثل الإنسان المجرد عن منهج الله لذة متجددة، يعيث بها في الأرض
فسادا، ومع ذلك تجد من الناس من يظلم الحيوانات، ويقول في وصف شهوة الإنسان: إن عند
فلان شهوة بهيمية. وياليتها كانت شهوة بهيمية بالفعل؛ لأن البهيمة قد جعلها الله فيها
على القدر الضروري، لكننا لما استغنينا بأهوائنا عن منهج الله، فلسفناها إلى درجة اللواط
والمثلية. والخروج بالشيء عما يمكن أن يكون مباحاً ومشروعا؛ يسمى: دناءة شهوة النفس.
عباد الله، إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يضمن للكون بقاءه،
والبقاء له نوعان:
* أن يُبقِي الإنسانُ حياته: بالمطعم والمشرب.
* أن يُبقِي الإنسان نوعه الإنساني: بالتزاوج الحلال الذي
أباحه وحرم الزنا، كما حرم كل مقدماته المفضية إليه.
عباد الله، إذا نظرنا إلى مسألة الشهوة الجنسية عند الإنسان،
والحكمة من جعلها قوية على سائر الشهوات الأخرى، وجدنا الخالق سبحانه وتعالى اللطيف
الخبير، يعلم أن طفولة أي حيوان بسيطة بالنسبة لأبيه وأمه، لكن حصيلة الالتقاء بين
الرجل والمرأة، والتي أراد الله لها أن تنتج الأولاد، تحتاج إلى شقاء، إلى أن يبلغ
الولد، وذلك ليكون هناك تكافؤ وتناسب بين ما يحرص عليه الإنسان من شهوة جنسية، وما
يتحمل من مشاق ومتاعب في سبيل الاستمتاع بها واستبقائها، لهذا زيّن اللّه حب الدنيا
للناس، وغرسه في قلوبهم حتى صار غريزة عندهم، وذلك من أجل تعمير الدنيا وتقدمها، فلو
لم يحبها الناس لأهملوها وقصّروا في بناء معالمها، وشهوات الدنيا كثيرة، تشتمل على
حب النساء وغيرها من الأصناف الستة الباقية، وذلك كله متاع الحياة الدنيا وزينتها،
أي ما يستمتع به وينتفع به الإنسان لمدة معلومة محصورة، وتُذم هذه الأشياء إن كانت
سببا للشر والبعد عن اللّه، وعند ذلك تكون خطرا على صاحبها، أما إن كانت سببا في الخير،
ولم تمنع صاحبها من القيام بواجباته الدينية والخيرية والإنسانية، فتكون خيرا له، وعند
اللّه حسن المرجع والمآب.
عباد الله، إن حب النساء شهوة من شهوات النفس الإنسانية،
جعلها الله تعالى قوية، إلا أن بعض الرجال قد يستهين بكل شيء في سبيل الوصول إلى المرأة
التي يهواها ويشتهيها، دون مراعاة الحلال والحرام، والأمثال على ذلك كثيرة، وحين ننظر
إلى الآية، فإننا نجدها توضح لنا أن الميل إذا كان مما يؤكد حقيقة استبقاء الحياة،
فهو مطلوب ومقبول، ولكن إن أخذ الإنسان الأمر على أكثر من ذلك، فهذا هو الممقوت .فبدأ
بالنساء؛ لأن الفتنة بهن أشد، كما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ
زَيْدٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-
: ( مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ). [رواه
البخاري (5/1959، رقم 4808)، ومسلم (4/2097 ، رقم 2740)].
فإذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب
فيه مندوب إليه، كما وردت الأحاديث بالترغيب في الزواج والاستكثار منه، منها ما رواه
البخاري في صحيحه: (وإنَّ خَيْرَ هَذه الأمَّةِ كَانَ أكْثرهَا نسَاءً) [(رواه البخاري
في صحيحه برقم (5069) موقوفا على ابن عباس]. وقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم
في صحيحه: ( الدُّنْيَا مَتَاع، وخَيْرُ مَتَاعِهَا المرْأةُ الصَّالحةُ، إنْ نَظَرَ
إلَيْها سَرَّتْهُ، وإنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْه، وإنْ غَابَ عَنْها حَفِظْتُه في نَفْسهَا
وَمَالِهِ) [رواه مسلم في صحيحه برقم (1467)، والنسائي في السنن (6/69)، وابن ماجه
في السنن برقم (1855)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه]، وقوله عليه
الصلاة والسلام في الحديث الآخر الذي رواه أحمد في المسند وغيره: (حُبِّبَ إلَيَّ النِّسَاءُ
والطِّيبُ، وجُعلَتْ قُرة عَيْني فِي الصَّلاةِ) [رواه أحمد في المسند (3/128) والنسائي
في السنن (7/61) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه]، وقالت عائشة، رضي الله عنها:
(لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء إلا الخيل)، وفي رواية:
(من الخيل إلا النساء) [ رواه النسائي في الكبرى (4404) من طريق سعيد عن قتادة عن أنس
بن مالك، به. وله شاهد من حديث معقل بن يسار، رواه أحمد في مسنده (5/27)].
عباد الله، إن شهوة النساء، سلاح ذو حدين، إن استعملت في
الخير كانت خيرا، وإن استعملت في الشر كانت شرا. وإن كبتت وحرمت، كان ذلك مصادمة للفطرة،
وتعطيلا للمنفعة، ومنافاة لحكمة الله تعالى الذي ركبها في الإنسان وفطره عليها، ومصادمة
لسنته تعالى في الحياة.
عباد الله، عندما يقال شهوة النساء، يقصد بها شهوة الفرج،
وقد جعلها الله تعالى من الشهوات العاتية، والغرائز الطبيعية، التي ركبها الله تعالى
في الإنسان لحكمة أرادها سبحانه وتعالى لتسوقه بسلطانها، وتدفعه بقوتها، إلى ما فيه
مصلحته في هذه الحياة، وبقاؤه بصفته نوعا بشريا استخلفه الله في هذه الأرض قصد عمارتها،
ومن شأن شهوة الفرج، أن تطلب متنفسا تؤدي فيه دورها، وتشبع نهمها، ولهذا شرع الإسلام
الزواج، ويسر سبيله، ونهى عن التبتل واعتزال النساء، وحرّم الزنا، فهو محرم لذاته،
وحرم كل ما يمت إلى الزنا بصلة من قريب أو بعيد، واعتبره محرما لغيره، ولولا تحريم
الزنا ووجوب اختصاص الرجل بزوجته أو زوجاته، لما تكونت أسرة تُظلها المودة والرحمة
والعطف والحنان والإيثار، ولولا وجود الأسرة، لما وُجد المجتمع الذي تسوده الأخوة والعدالة
والمحبة والمساواة، ولخطورة شهوة الفرج وعتوها، سد الإسلام كل وسيلة تؤدي إلى جريمة
الزنا، فحرم الخلوة بالأجنبية، وحرم الدخول على النساء، وحرم على المرأة إبداء الزينة،
وحرم عليها التبرج. وحرم عليها التعطر لغير زوجها، وحرم عليها الخضوع بالقول. قال تعالى
في سورة النور: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) [النور:
31]، وقال تعالى في سورة الأحزاب:( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)
[الأحزاب: 33]، وأمر تعالى المؤمنين بغض البصر، كما أمر بذلك المؤمنات، فقال تعالى في سورة النور:( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) [النور: 30، 31]. وفي صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس
رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لاَ يَخْلُونَّ أَحَدكُمْ بامْرَأَةٍ
إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) [أخرجه البخاري 4/72 (3006)، ومسلم 4/104 (1341) (424)]،
وفي صحيح البخاري ومسلم، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ،
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْت الْحَمْوَ؟ قَالَ:
الْحَمْوُ الْمَوْتُ). ولخطورة شهوة الفرج، رتب الإسلام على الكابح لها، والمنضبط بتعاليم
الإسلام، المقام بالجنة دار الخلود، فقد روى البخاري في صحيحه، عن سهل بن سعد الساعدي
رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ
لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ؟). [البخاري في صحيحه ج6/ص2497 ح6422]. والحمد لله
الذي بنعمته تتم الصالحات.