إضاءة في كتاب.. سلسلة «أولو العزم من
الرُّسل (عليهم الصلاة والسلام)»
الكاتب: د. علي محمد الصَّلابي
الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
أتم الله فضله عليّ بإتمام الموسوعة التي كنت أحلم وأعمل على
إنجازها، وهي موسوعة «أولو العزم من الرسل»؛ نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد
(عليهم الصلاة والسلام)، فقد طُبعت بحمد الله عدة طبعات، وتُرجمت إلى عدة لغات،
وانتشرت انتشاراً كبيراً على مستوى العالم الإسلامي، وتعدّ هذه الموسوعة ذات أهمية
كبيرة، فإنها تَعرض للناس سير قادة الحضارة الإنسانية بداية مؤسس الحضارة
الإنسانية الثانية وهو سيدنا نوح (عليه السلام)، وحتى خاتمهم محمد ﷺ؟
وإن البشرية في أشد الحاجة لمعرفة سير الأنبياء والمرسلين من خلال
كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وشرح تراجمهم
وأخلاقهم وأصول دعوتهم من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وأقوال
العلماء الراسخين بأسلوب عصري يلائم المرحلة التي تمرُّ بها الإنسانية الباحثة عن
إجابات شافية لتساؤلها عن الله والكون والحياة، والجنة والنار، والقضاء والقدر،
والرسالات والنبوات والحضارات الإنسانية القديمة، ومتى نشأت؟ وما مصيرها؟ وسنن
الله في خلقه، وأصول الأخلاق، والقيم الروحية...إلخ، وإدارة الصراع بين الحق والباطل والهدى والضلال والخير والشر والكفر والإيمان.
مشروع فكري ثقافي
لأول مرة في تاريخ المكتبة الإنسانية تُقَدم دراسة عن الحضارة
الإنسانية بهذا المنهج.
موسوعة تشمل الحديث عن قادة الحضارة الإنسانية العظام «أولو العزم من
الرُسل»، وهو مشروع فكري ثقافي عقائدي ديني تاريخي أطلقت عليه «نشأة الحضارة
الإنسانية وقادتها العِظام» وتضمن قصة بدء الخلق وآدم عليه السلام كأول مجلد في
الموسوعة.
إن
هذا المشروع استمد معانيه وأفكاره وتفصيلاته، بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، من
القرآن الكريم كما في قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ
نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ
وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)، وقوله سبحانه وتعالى:
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ
وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا
غَلِيظًا)، وقد خصهم الله بصفات العظمة والقوة والصبر والتقوى ومقارعة الطغيان والظلم والاستكبار والكفر،
وقال جل في علاه: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)
الأحقاف: 35.
إنّ أولي العزم هم الأنبياء العظماء والرُسل الكرام والأسوة
الحسنة والنماذج الإنسانية المثالية والمصطفاة، الذين ذُكروا في كتاب الله العزيز،
كما في سورة الشورى والأحزاب، وجاء ذكرهم في سورة آل عمران في قول الله تعالى:
﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ ٣٣
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ٣٤﴾ (آل عمران ٣٣-٣٤).
تضمن الحديث عن «أولو العزم من الرسل» نحو أربعة آلاف وخمسمائة
صفحة، وتتألف من 5 مجلدات متوافرة في الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلّابي: -
* نوح (عليه السلام) والطوفان العظيم: ميلاد الحضارة الإنسانية
الثانية،
رابط الكتاب: http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/624
* إبراهيم خليل الله (عليه السلام): داعية التوحيد ودين الإسلام
والأسوة الحسنة،
رابط الكتاب: http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/27
* موسى كليم الله (عليه السلام)؛ عدو المستكبرين وقائد
المستضعفين،
رابط الكتاب: http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/691
* المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام): الحقيقة الكاملة،
رابط الكتاب: http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/626
* محمد رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين (السيرة النبوية)،
رابط الكتاب: http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/690
فالموسوعة في مجلدها الأول، تتحدث عن مؤسس الحضارة الإنسانية
الثانية، وهو سيدنا نوح (عليه السلام) وما حدث من قصة الطوفان العظيم، وكيف نجتْ
الإنسانية في سفينته (عليه السلام)، وعن أسباب زوال الحضارة الإنسانية الأولى،
والأُسس التي بنيت عليها الحضارة الإنسانية الثانية واتساعها وقيامها على الحق
والعدل والتوحيد.
مقارعة الظلم
وانتقلت في المجلد الثاني إلى محطة
كبرى في تاريخ الإنسانية، وهي فترة تأسيس الممالك والدول وبناء الجيوش والحكومات
ومؤسسات الملك في عصر الكلدانيين والكنعانيين الذي هو عصر إبراهيم عليه السلام، في
قوله تعالى: «إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا» (البقرة: 124)، وهي مدة
تأسيسية مهمة في مسيرة الحضارة الإنسانية، وما تفرع من دعوة خليل الله ومن ذريته
من أنبياء ومرسلين، سواءً كان في فرع إسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وداوود
وسليمان (عليهم السلام)، أو الفرع الإسماعيلي ممثلاً في دعوة إسماعيل عليه السلام
ثم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وهو خاتم النبيين ورسول العالمين.
أما في المجلد الثالث، فدرستْ مرحلةً
مهمةً، بعد إبراهيم عليه السلام، وهي مرحلة هيمنة النظام الاستبدادي الفرعوني
الديكتاتوري، ورسالة كليم الله موسى (عليه السلام)؛ عدو المستكبرين وقائد
المستضعفين، وما في قصته وتجربته الدعوية وحواراته مع الطغاة من دروس وعِبر،
وفوائد عقدية وروحية وإيمانية وتاريخية في مقارعة الظلم ورد الكفر، وإفراد الله
بالعبادة والتوحيد.
وفي المجلد الرابع،
تناولتْ قصة المسيح عيسى بن مريم (الحقيقة الكاملة)، أيِ الحقيقة التي جاءت في
القرآن الكريم من الناحية التاريخية والعقائدية والقيمية، والرد على الشبهات
المتعلقة بقصة عيسى عليه السلام وحقيقة دعوته إلى الله وحده.
تجربة عظيمة
واختتم المجلد الخامس الموسوعة،
بتناولِ سيرة إمام القادة العِظام وسيد الأولين والآخرين وخاتم النبيين والمرسلين
للإنسانية محمد (صلى الله عليه وسلم)، في كتاب عنونته بـاسم «السيرة النبوية؛ عرض
وقائع وتحليل أحداث: دروس وعِبر»، فكانت تجربة عظيمة سواءً الدعوة النبوية السرية
والعلنية، ومجابهة الشرك والكفر والانتقال الدعوي إلى الطائف والحبشة والمدينة،
والمراحل التي مرَّ بها، والسُّنن التي تعامل معها؛ كسنة الابتلاء والتدرج وتغيير
النفوس والأخذ بالأسباب والتمكين لدين الله، والأحداث التي ذُكرت في القرآن الكريم
كالغزوات الخالدة مثل غزوة بدرٍ الكبرى في سورة الأنفال، وغزوة أحد في سورة آل
عمران، وغزوة تبوك في سورة التوبة، وبني النظير في الحشر، وفتح مكة في سورة الفتح،
وما جاء من السيرة في الأحاديث الصحيحة الثابتة، وكل ما يتعلق بسيرة ومغازي ودعوة
الرسول الكريم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) في كتب التفسير والتراجم
والطبقات والأعلام وأهل الحديث.
وهذه المجلدات هي جزء من الموسوعة
الكبرى «نشأة الحضارة الإنسانية وقادتها العِظام»؛ التي تبدأ بقصة بدء الخلق
والحضارة الإنسانية الأولى مع أبينا آدم (عليه السلام).
وهذه موسوعة أسياد البشرية وقادة هذا
الركب الإنساني العظيم، الذين يستحقون أن تكون سِيرهم وتجاربهم ومُعاناتهم وتدرجهم
بالأخذ بالأسباب والصبر على الابتلاء وحواراتهم الواسعة مع أعداء الله ورحمتهم
وعمق إيمانهم وطاعتهم لخالقهم، مرجعيةً لكل البشر في المسائل العقائدية والروحية
والأخلاقية والقيمية، وفي التصورات والأفكار والعبادات والأخلاق والمعاملات.
قيمة الرسالات السماوية
إن أولئك القادة العِظام هم رُسل الله
تبارك وتعالى إلى الناس لهدايتهم وتعريفهم بحقيقة وجودهم وسبب خلقهم، ألا وهي
عبادة الله وحده، وهذه هي الحقيقة والقول الفصل، وجوهر وقيمة الرسالات السماوية
والدعوات التوحيدية.
وإنني أحمد الله العلي الكبير أن وفقني
للاهتمام بهذه المواضيع، وأحمده وأشكره على نعمه التي لا تحصى ولا تعدّ، وأسأله أن
يمدني بتوفيقه وتسديده وتأييده في الكتابة المنهجية النافعة لبني الإنسان، وأن
تسهم هذه الكتابات في تنوير العقول وتطهير النفوس وتزكية الأرواح البشرية؛
لاستشراف الحق والتمسك به والذود عنه.
ولا يسعني في نهاية هذه المقدمة إلا أن
أتوجه بجزيل الشكر لكل من كان له دور في إنجاز هذا العمل المتواضع، وأخص أخي
الدكتور طالب عبد الجبار الدغيم الذي أشرف على مراجعة وتحرير وتنقيح المجموعة خلال
أربع سنوات، وترك فيها بصمات واضحة في إخراجها، فتقبل الله منا ومنه صالح الأعمال.
وأخيراً، نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العُلى أن يجعل عملنا
لوجهه خالصاً، ولعباده نافعاً... آمين.