ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!
جمع وترتيب: د. منذر القضاة
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الحمدُ لله وحدهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على من لا نبي
بعدهُ، وبعد..
وصف الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بأنهم يأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر، فقال تعالى: [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ
بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ] (سورة التوبة:71).
إنَّ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُعدُّ من كبائر
الذنوب لكن؛ هل يقفُ الأمر عند هذا الحد فقط؟!
إنَّ من سُنن الله الماضية أن يُسَلِّط عقوباته على المجتمعات
التي تفرِّط في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الله تعالى: [لُعِنَ الَّذينَ
كَفَرُوا مِنْ بَني إِسْرائيلَ عَلى لسان دَاودَ وعيسى بن مَرْيَمَ ذلكَ بِما عَصَوْا
وكَانُوا يَعْتَدونَ * كَانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنْكَر فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا
كَانُوا يَفْعَلونَ] (سورة المائدة: 78- 79).
فالواجب على المسلمين أن يتآمروا بالمعروف، وأن يتناهوا
عن المنكر، وأن يحذروا أن تُصيبهم المصيبة التي أصابت بني إسرائيل؛ فإنَّ بني إسرائيل
-وهم أتباع موسى وأتباع عيسى بعد ذلك- لما وقعت فيهم المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا،
فجالسوهم، وواكلوهم، وشاربوهم، فلمَّا رأى الله ذلك منهم ضرب بقلوب بعضهم على بعضٍ،
ثم لعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم
فيجب على المسلمين أن يتعاونوا على الخير ونشره، وأن يتعاونوا
على كفِّ الشر، فإذا لم يفعلوا فهم على خطر عظيم
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه: أنَّ النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال: " والَّذي نفسي بيدِه لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتنهَوُنَّ عن المنكرِ
أو ليوشِكَنَّ اللهُ يبعثُ عليكم عذابًا منه ثمَّ تدعونه فلا يستجيبُ لكم ". رواه
الترمذيُّ، وقال: حديثٌ حسن
إنه تهديد يهزُّ القلوب الحيَّة..
أيها الناس:
كل من أعطاه الله صفة تمكنه من الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر فليعمل بما أوجبه الله عليه؛ فالواجب علينا جميعًا أن نأمر بالمعروف وننهى
عن المنكر بضوابطه الشرعية
فالإنسان إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يستجب المأمور
لا يكون جليسه ولا أكيله حتى يستجيب، إذا كان المنكر باقيًا يُشاهده الناس فالواجب
إنكاره، وعدم مجالسة صاحبه، فلا تكن صاحبًا له، أكيلًا له، شريبًا له؛ لأنَّك إذا فعلتَ
هذا كأنَّك لم تُنكر، لكن يجب الإنكار والهجر عند الحاجة إذا لم يمتثل؛ لأنَّ هذا أردع.
نخشى أيها النَّاس أننا في هذا الزمان قد اقتربنا من عقوبة
مُعجَّلة لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هل يمكن أن يحدث ذلك؟!
نعم نخشى بسببِ ذلك أن يعمنا الله بعقابٍ منه فقد يكون
في الأموال، وقد يكون بأمراض وأوبئة عامة يعجز الأطباء عن علاجها، وقد يكون بكثرة الموت،
أو بتسليط علينا الأعداء من حولنا فيؤذينا، ويستبيح بيضتنا، وقد يأخذ هذا العدو بعض
ما في أيدينا، ويتحكم في رقابنا وفي أموالنا رغم وجود الصالحين بيننا.
عندها إذا وقعت هذه العقوبة
ندعو الله ونلح في الدعاء من أجل أن يرفعها عنا فلا يستجيب
لنا مُبالَغةً في العُقوبةِ صدق الله، وصدق رسوله، وما يمكن أن يكون ذلك إلا حقَّا
"...ثم تدعونَه، فلا يُستجابُ لكم".
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..