الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يدعو شيخ
الأزهر إلى مضاعفة الجهود لإنهاء حرب الإبادة في غزة ولبنان
دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فضيلة الإمام
الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، إلى تكثيف الجهود لوضع حد لحرب الإبادة
الجماعية المستمرة في قطاع غزة، والتي مضى عليها عام كامل دون أي بوادر للتراجع أو
التوقف، بل توسعت لتشمل لبنان في حرب غير مسبوقة.
وفي تصريح خاص لـ "عربي21" بمناسبة الذكرى
السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، أكد الدكتور علي محمد الصلابي، الأمين
العام للاتحاد، أن هذه الحرب العدوانية المستمرة تخلف آثارًا إنسانية مدمرة
وتتعارض مع كافة الشرائع السماوية والقوانين الدولية.
كما أشار إلى أن الجرائم المرتكبة من قبل الاحتلال
الإسرائيلي تجاوزت كل الحدود والخطوط الحمراء دون وجود موقف حازم من المجتمع
الدولي لوضع حد لهذا العدوان.
وأبرز الصلابي أن غياب الإرادة السياسية من قبل القوى
العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي تنحاز بشكل كامل لإسرائيل،
يجعل من الضروري على شعوب العالمين العربي والإسلامي اللجوء إلى مؤسساتهم الدينية
للقيام بدورها في حماية الأرواح البشرية، التي خصها الإسلام بمكانة عظيمة تفوق
أهمية الكعبة المشرفة.
تحالف عالمي لنصرة فلسطين ولبنان
وقال الصلابي، إن المطلوب اليوم هو تحالف علماء الأمة
وقادتها مع الشعوب والدول الحرة التي تنحاز إلى الحق والعدل، بهدف إقناع محكمتي
العدل الدولية والجنائية الدولية بتجريم الاحتلال الإسرائيلي ودعوته لوقف حرب
الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، ومحاسبة قادته كمجرمي حرب.
وأضاف الصلابي أن توسيع تحالف العرب والمسلمين وأنصار
الحرية والعدل في العالم أمر ضروري من أجل إنصاف الشعبين الفلسطيني واللبناني،
اللذين يتعرضان لعدوان إجرامي من احتلال تجاوز جميع الخطوط الحمراء.
وأكد أن الأزهر الشريف يظل منارة إسلامية مهمة، ليس فقط
لجمع المسلمين حول الكلمة السواء، بل أيضًا في قيادة جهد عالمي فعال لإنهاء حرب
الإبادة بحق الفلسطينيين.
وأشار إلى تاريخ الأزهر في مناصرة الحق، مستشهدًا بكلمات
رسول الله ﷺ عن أهل مصر ودورهم في محاربة التتار بقيادة العلماء مثل العز بن عبد
السلام في معركة عين جالوت.
كما ذكر دور الأزهر في التصدي للاحتلال الفرنسي بقيادة
نابليون بونابرت، وتضحيات الشعب المصري في الثورات ضد الاستعمار الإنجليزي في
أعوام 1806، 1882، 1919، و1952، مما أسهم في نصرة ديار الإسلام وجهادهم في سبيل
الله.
مواقف الأزهر في نصرة فلسطين
وأشاد الدكتور علي محمد الصلابي، الأمين العام للاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين، بموقف شيخ الأزهر من دعم فلسطين، مؤكداً أن الأزهر
وعلماءه كان لهم دور مشرف في التصدي للصهاينة منذ بدايات مشروع الاستيطان في ظل
الاستعمار الإنجليزي.
وأشار الصلابي إلى مظاهرات عام 1929 التي قادها شيخ
الأزهر مصطفى المراغي (رحمه الله) وعلماء وطلاب الأزهر، حيث ندّدوا بتجمعات اليهود
في تل أبيب التي طالبت بعبارات "حائط البراق حائطنا"، وهي أحداث لا تزال
ترددها الأجيال.
كما أشار إلى الحشود الشعبية الغفيرة التي انطلقت من
باحات الأزهر احتجاجًا على قرارات اللجنة الملكية البريطانية بتقسيم فلسطين عام
1937، مما يعكس مسؤوليتهم وولائهم للأمة.
وأضاف الصلابي أن الأزهر قد استمر في إظهار مواقفه
المشرفة تجاه الكفاح ضد الصهاينة، مستذكراً موقف شيخ الأزهر الراحل عبد الحليم
محمود (رحمه الله)، الذي كان له دور بارز في تعبئة الروح الوطنية للمصريين ودعم
القيادة السياسية في مصر خلال حرب أكتوبر عام 1973.
الأزهر يمثل الأمل للمظلومين في فلسطين
وأكد الدكتور علي محمد الصلابي، أن الله قد هيأ للشيخ
أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الظروف اللازمة ليضطلع بأمانة رئاسة الأزهر، التي تمثل
مكانة اعتبارية في ضمير الشعب المصري والأمة الإسلامية.
وعبّر الصلابي عن ثقته في قدرة شيخ الأزهر على القيام
بدوره في الدفاع عن قيم ومبادئ الشعب المصري والأمة الإسلامية، والدعوة لوقف
العدوان الإجرامي ضد الفلسطينيين.
وقال الصلابي: "إن أمل المظلومين في فلسطين، وأمل
الأحرار في هذه الأمة، معقود بعد الله بمواقفكم الشجاعة، والروح الأبية للشعب
المصري، والدور المحوري لدولة مصر، لدفع المظالم ونصرة المظلومين، مما لن تنساه
الأجيال المسلمة والشعوب الحرة، والأجر فيه عظيم عند الله".
وأضاف: "يا شيخ الأزهر الجليل، لقد كان لفتاويك
وتصريحاتك بشأن الأحداث الأخيرة في غزة أثر بالغ على أحرار العالم، وأمة الإسلام،
والشعب الفلسطيني. فقد كان خطابك من أقوى الخطابات، وصوتك من أعلى الأصوات في
مساندة المظلومين الفلسطينيين، حيث لامست كلماتك القلوب وأشعلت الأمل في النفوس،
معبرة عن حجم الكارثة الإنسانية في غزة".
دعم الأزهر لمواجهة العدوان
وأوضح الدكتور علي محمد الصلابي، الأمين العام للاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين، أن مصر، بشعبها ومؤسساتها السياسية والعسكرية والأمنية،
في أمس الحاجة إلى خطاب إنساني قوي مستمد من القيم الروحية والأخلاقية، مشيرًا إلى
أهمية دعم الأزهر في تفجير الطاقات الروحية والأخلاقية لدعم المظلومين في غزة.
وأكد على ضرورة أن يتضمن هذا الدعم مساندة علمية وروحية
وأخلاقية تستند إلى فقه النوازل في رفع العقاب الجماعي عن المستضعفين.
ميدانياً، وسعت إسرائيل نطاق الإبادة الجماعية منذ 23
سبتمبر/ أيلول الماضي، لتشمل معظم مناطق لبنان، بما فيها العاصمة بيروت. حيث قامت
بشن غارات جوية غير مسبوقة من حيث الكثافة والدموية، بالإضافة إلى بدء توغل بري في
جنوب لبنان، متجاهلةً التحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
إسرائيل تواصل القصف في لبنان وغزة
وفقًا للأرقام الرسمية، أسفرت الغارات الإسرائيلية منذ
بدء القصف المتبادل مع "حزب الله" في 8 أكتوبر 2023 عن مقتل 2044 شخصًا
وإصابة 9678 آخرين، بينهم 1212 قتيلاً و3427 جريحًا، مع تسجيل عدد كبير من الضحايا
من الأطفال والنساء.
كما بلغ عدد النازحين أكثر من 1.2 مليون شخص، منذ بدء
الحرب الواسعة على لبنان في 23 سبتمبر وحتى مساء الأحد.
في الوقت نفسه، تحل اليوم الذكرى الأولى لبدء الحرب
الإسرائيلية، المدعومة أمريكيًا، في غزة، والتي أسفرت حتى الآن عن أكثر من 139 ألف
قتيل وجريح فلسطيني، بالإضافة إلى أكثر من 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة
أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين.
وتستمر تل أبيب في تنفيذ حرب الإبادة، متجاهلةً قرار
مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورًا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير للحد
من أعمال "الإبادة الجماعية" وتحسين الوضع الإنساني المأساوي في غزة.
المصدر: عربي21