البحث

التفاصيل

حين يُفتقد البدر في يوم ميلاده (محمد الغزالي)

الرابط المختصر :

حين يُفتقد البدر في يوم ميلاده (محمد الغزالي)

بقلم: م. احمد المحمدي المغاوري

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

- في مئوية أديب الدعوة وزهرة الأزهريين ورجل الحق معلم الناس الخير الذي رسم لنا الطريق ولكثير من ابناء جيل الصحوة وكان له أعظم التأثير فيهم. ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر!

يوم 22 سبتمبر 1917 يوافق يوم ميلاد فضيلة الشيخ محمد الغزالي، وفي يوم 3 مارس 1996م وافته المنية، وفقدته الأمة، حين دُعي لمؤتمر بالرياض، فأصيب بأزمة قلبية وهو ينافحُ عن الحق ويبطل الباطل، ودفن بالبقيع بالمدينة المنورة فنال ما تمنى وبما دعا الله به [اللهم إني اسألك ميتة حسنه وفي بلد نبيك]، واحسب أن الشيخ وفَّى فدعاه الله إليه.. والله سبحانه لا يقبضُ عبده الذي يحب إلا إذا وفَّى.

- نعم وفَّى والأمة جمعاء تشهد للشيخ محمد الغزالي بذلك، ففي كل محفل ومؤتمر كان يصرخ ويصدح بالحق فهو الذي علمنا في كتابه: (كيف نفهم الإسلام) من خلال كتاب الله وسنة نبيه في (السيرة النبوية) وصاح في كتابه: (صيحة تحذير من دعاة التنصير) ومكرهم وكيدهم ليل نهار

ولَكَم حذَرَنا في كتابه: (ظلام الغرب) وممن هو (ليس من الإسلام) ورسم لنا الطريق في كتابه: (الطريق من هنا) حيث صراط الله المستقيم وذكر فيه [أن الإسلام يعاني من أمرين: الأول؛ تصور مشوش يخلط بين الأصول والفروع وبين التعاليم المعصومة وبين التطبيقات التي تحمل الخطأ والصواب. والثاني؛ جماعات متربصة تقف بعيدا دون عمل تنتظر بأعداء الله الويل والثبور وهي في ميدان الدعوة بَطَالة مقَنَّعه].

- ولقد أعلمنا الشيخ بأسباب تخلفنا في: (علل وأدوية) يقول فيه [إنني عندما اكتب أُقسم مشاعري وأفكاري قسمين قِسماً يتعرف الواقع الإسلامي بدقة، أعني أحوال أمتنا ما ظهر منها وما بطن، وآخر يتلمسُ من توجيهات الإسلام ما يشفي السقام ويدعم الكيان. وفي تعرفي على أحوال امتنا أُميز الأمراض الموروثة عن الوافدة حتى لا أضل العلاج ولا أسمح للأعراض المتشابهة أن تخدعني عن جراثيمها المختلفة وفي تلمسي للأدوية أفرق بين الإسلام من مصادرة المعصومة وبين تاريخه المتفاوت بين مد وجزر سواء كان هذا التاريخ سياسيا أو ثقافيا وعندما أُخطأ وأنا خَطَّاء أكون أطوع الناس لمن يأخذ بيدي إلى الصواب].

- ولقد عاش الشيخ هموم أمته في كتابه: [هموم داعيه] وفيه يقول أنَّ (في عالم يبحث عن الحرية نصور الإسلام دين استبداد، وفي عالم يحترم التجربة ويتتبع البرهان، نصور الدين غيبيات مستوردة من عالم الجن، وفي عالم تقارب فيه المتباعدون ليحققوا هدفا مشتركا فلا بأس ان يتناسوا أمور ليست ذات بال، وفي هذا الوقت! نرى ناسا من الدعاة يجترُّون أفكارا بشرية باعدت بين المسلمين من ألف عام ليشقوا بها الصف ويمزقوا بها الشمل، ويتابع ويقول رحمه الله؛ إن الثقافة الإسلامية المعروضة تحتاج إلى تنقية شاملة وأن الدعاة العاملين في الميدان التقليدي يجب أن يُغَرْبَلوا لعدم السَّقط وننفي الغَلَط).

- ولقد أخبرنا بـــ(حصاد الغرور) وأرشدنا إلى (ركائز الإيمان بين العقل والقلب) فربط فيه بين المادة والروح والإيمان والعمل الصالح ولخص سبب تخلفنا في كتابه: (سر تأخر العرب والمسلمين) وأخبرنا أن طريق الحق هو( الحق المر) فكان لابد من الصبر عليه وبَيَّن لنا أن معركتنا مع الغرب هي (معركة المصحف )

 هذة بعضِ من تراث الشيخ الغزالي وكتاباته القيمة النفيسة.

- أتذكر ونحن مع العلامة القرضاوي في أحد معارض الكتاب بالدوحة وهو على كرسي المرض لمح دار نشر تنشر كتب الغزالي فنادى يا شيخ إسماعيل "مرافقه" أن (أحمل لي كتب الغزالي!!) وبالفعل حُمِلت له وابتهج الشيخ، فكان يقول رحمه الله عن الغزالي دائما هو شيخي وأستاذي في كثير من المحافل، فيرد الغزالي على العلامة القرضاوي بتواضع جم يقول وكنت أنت أسبق شيخنا.. رحمهم الله رحمة واسعة. 

اللهم إنا نشهدك أن شيخنا الحبيب الغزالي قد أفضى اليك وهو يصدح بالحق مدافعا عن حقيقة دينك وعن صراطك المستقيم.. فحمل الهم وتحمل ما تحمل من ألم.

رحم الله شيخنا العلاَّمة الفقيه الأديب القوي الصارم في الحق، معلم الناس الخير محمد الغزالي حبيب المصلحين النابهين.

ورحم الله علماء الحق الذين وَفُّوا وتَوَفوا صامدين صابرين مخلصين له الدين، والذين حجبتهم قضبان الظالمين عنَّا.

- إن الأمة تعيش محنة عظيمة وتمر بمنعطف تاريخيا، إننا أمام لحظات مفصلية لا تتكرر على مدار التاريخ تتسم بأحداث متسارعة ووقائع ملتهبة تمهد لأُفول وصعود حضارات وأمم، والأمة تحتاج لأتاد تساعدها على الصعود ثانية ولنثبت عند الفتن، هم العلماء الرجال العاملون المخلصون الراسخون في العلم.

فإن للحق رجالا، منهم علاَّمةُ عصره البدر المفتقد محمد الغزالي الذي الَّف وهو راغب إلى ربه بهذه الكتب رجاء أن تكون نبراسا يُنير درب الحيارى ويمحوا ما على طريق الحق من غشاوات بل ظلمات بعضها فوق بعض.. وما التُبِسَ بل أُلْبِسَ على الإسلام من خطايا تكاد تفقده مكانته ووجاهته.. ولَكَمْ نفتقدك.. رحمك الله.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


: الأوسمة


المرفقات

التالي
هيئات إسلامية تطالب بإعلان "النفير" لتحرير فلسطين ووقف حرب الإبادة في غزة
السابق
المنتدى الإسلامي للبرلمانيين الدوليين يدين العقوبات الأمريكية ضد رئيس رابطة برلمانيون لأجل القدس

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع