القره داغي في مؤتمر "الإسلام دين السلام والخير" في أوزبكستان:
"العالم بات بلا نظام عالمي فعّال لحماية المستضعفين
في
15 أكتوبر الحالي، انعقد المؤتمر الدولي بعنوان "الإسلام دين السلام
والخير" في فندق "Hilton" بالعاصمة الأوزبكية طشقند، بحضور أكثر من 70 شخصية
دينية وعالماً وباحثاً من 22 دولة حول العالم.
شكر وتقدير لأوزبكستان
وقد
ألقى فضيلة الدكتور علي محيي الدين القره داغي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين، كلمة مؤثرة خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حيث شكر جمهورية أوزبكستان
على استضافتها الكريمة للمؤتمر وأشاد بالتنظيم المميز.
واستهل
كلمته بتحية الإسلام قائلاً: "أحييكم بتحية الإسلام، هو السلام الذي عنوان
مؤتمرنا هذا، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته".
الوضع الإنساني في غزة ولبنان
وتحدث
القره داغي بعمق عن الوضع الحالي في العالم الإسلامي، خاصة في غزة ولبنان، حيث أكد
أن "غزة تحترق وتباد من خلال حرب عنصرية ونازية لم يشهد التأريخ مثلها، وأضيف
إليها لبنان"، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال الصهيوني تجاوزت كل الحدود
الأخلاقية والإنسانية والقانونية.
ولفت
إلى أن "العالم بات بلا نظام عالمي فعّال قادر على حماية المستضعفين وحفظ
السلام"، منتقدًا بشكل خاص الدعم العسكري المتواصل الذي تقدمه بعض الدول
الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لدولة الاحتلال.
إصلاح النظام الدولي ضرورة
وفي
واحدة من النقاط الرئيسية التي تناولها، شدد القره داغي على ضرورة إصلاح النظام
الدولي الحالي الذي فشل في تحقيق العدالة والسلام.
وقال:
"أصبح العالم بلا نظام عالمي فعّال قادر على حماية السلام العالمي وحماية
المستضعفين، وعليه فإن السعي لنظام عالمي عادل فعّال قادر على حماية السلام للجميع
غدا ضرورياً ومن واجب الوقت".
وأضاف:
"أقترح على جميع دولنا الإسلامية، والأفريقية، ودول الشرق كروسيا والصين،
ودول أمريكا الجنوبية، السعي لإنشاء منظمة دولية بديلة عن الأمم المتحدة التي فشلت
كما فشلت قبلها عصبة الأمم التي أنشأت عام 1919م".
فشل المنظمات الدولية في السلام
وتناول
القره داغي في كلمته أسباب فشل المنظمات الدولية مثل عصبة الأمم ومنظمة الأمم
المتحدة في تحقيق السلام، مشيرًا إلى أنها "لم تُبنَ على أسس العدل المطلق
والمساواة، بل تم تأسيسها لمصلحة الدول القوية المنتصرة".
وأضاف
أن "منح حق النقض (الفيتو) لدول معينة في الأمم المتحدة يعني أن 192 دولة قد
تتفق على شيء، ولكن دولة واحدة يمكن أن تعترض وتنقضه".
وأوضح
أن هذا الهيكل غير العادل هو أحد أسباب الفشل المستمر في إحلال السلام العالمي.
ودعا
القره داغي إلى مراجعة القوانين والمبادئ التي تحكم العالم، مشيراً إلى أن
"المبادئ والقوانين الغربية قامت كلها على أساس المصالح والميكافيلية، ولذلك
لا تصمد أمام إرادة الدول القوية".
وأضاف:
"نحن اليوم حقاً أمام انهيار المنظومة الأخلاقية، والقانونية، والإنسانية في
النظام العالمي".
دور الإسلام في تحقيق السلام
وفي
سياق حديثه عن دور الإسلام في تحقيق السلام العالمي، قدم القره داغي بحثًا شاملاً
عن الأسس الفكرية والعملية للسلام في الإسلام، موضحاً أن الإسلام يقوم على
"العدل، المساواة، والرحمة"، وهي القيم التي يجب أن يتبناها العالم
لتحقيق السلام.
وأشار
إلى أن الآيات القرآنية تؤكد على أهمية السلام، مستشهداً بالآية: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ).
وأكد
أن الإسلام يفرض على المسلمين جميعًا السعي لتحقيق السلم بينهم وبين الآخرين.
كما
تناول القره داغي مفهوم الوحدة الإسلامية باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار
والقوة للأمة الإسلامية. ودعا إلى ضرورة العمل على "توحيد الكلمة
والمواقف" بين المسلمين، مشيرًا إلى أن "الأمة الفاشلة لن تستطيع أن
تحقق الخير المطلوب".
واستشهد
بقول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).
وفي
ختام كلمته، أشار القره داغي إلى الدروس المستفادة من سيرة النبي محمد صلى الله
عليه وسلم في التعامل مع الآخرين، مؤكدًا أن هذه السيرة تقدم نموذجًا عمليًا يمكن
الاستفادة منه اليوم لتحقيق التفاهم بين الشعوب. كما أشار إلى التجربة الناجحة
لصلاح الدين الأيوبي الذي "استطاع من خلال توحيد المسلمين أن يحقق التحرير
والنصر".
مؤتمر عالمي للسلام
المؤتمر
شهد مشاركة واسعة من علماء ومفكرين وباحثين من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك
المملكة العربية السعودية، مصر، تركيا، الأردن، عمان، روسيا، الولايات المتحدة
الأمريكية، وفرنسا، وغيرها من الدول حيث تمت مناقشة سبل تحقيق السلام العادل
والدائم وفقًا لمبادئ الإسلام، وطرح حلول للتحديات التي تواجه العالم الإسلامي
اليوم
وهذا نص كلمة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الرحمة والسلام محمد عليه وعلى آله
وأصحابه الكرام.
أصحاب
السعادة والسماحة والفضيلة
إخوتي
وأخواتي الكرام،
أحييكم
بتحية الإسلام هو السلام الذي عنوان مؤتمرنا هذا، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته،،
وأشكر
جمهورية أوزبكستان رئيساً، ومنظمي هذا المؤتمر على تنظيم هذا المؤتمر بهذا الاسم
الجميل، وعلى حسن التنظيم والاستقبال والحفاوة البالغة، فجزاكم الله خيرا.
أصحاب
السعادة والسماحة، وإخوتي الكرام:
نحن
نتحدث عن السلام، وغزة تحترق وتباد من خلال حرب عنصرية ونازية لم يشهد التأريخ
مثلها وأضيف إليها لبنان وتجاوزت دولة الاحتلال الصهيوني كل الحدود، وكل القوانين
الإنسانية والدولية والأخلاقية، ولا نجد أي رادع لها با إن معظم الدول الغربية
وبخاصة أمريكا تزودها بمزيد من الأسلحة الفتاكة.
فدولة
الاحتلال الصهيوني لا تولي أي قيمة للأمم المتحدة، ولا للمحكمة الجنائية الدولية،
لذلك أصبح العالم بلا نظام عالمي فعّال قادر على حماية السلام العالمي، وحماية
المستضعفين، وعليه فإن السعي لنظلم عالمي عادل فعّال قادر على حماية السلام للجميع
غدا ضرورياً ومن واجب الوقت، لذلك أقترح على جميع دولنا الإسلامية، والأفريقية،
ودول الرشق كروسيا، والصين، ودول الأمريكا الجنوبية السعي لإنشاء منظمة دولية
بديلة عن الأمم المتحدة التي فشلت كما فشلت قبلها عصبة الأمم التي أنشأت عام 1919م.
أصحاب
السعادة والسماحة:
إن
العالم الغربي مرّ بصراعات دينية وقومية، ثم قامت معظم دوله باحتلال معظم دول
العالم، ومع ذلك قامت بين دوله حربا عالميتان أكلتا الأخضر واليابس، كما قامت أكثر
من مائة حرب في العالم راح ضحيتها أكثر من مائة مليون شخص، وعشرين ترليون دولارا.
لذلك
أعتقد أن على العقلاء السعي لعدم تحقيق السلام العادل طوال القرون السابقة مع وجود
نظامين دوليين للحماية والسلم، وهما عصبة الأمم، ثم منظمة الأمم المتحدة، وفي
اعتقادي أن أهم أسباب ذلك تعود إلى:
أولاً: أن المنظمات الدولية لم تبن على أسس العدل المطلق،
والمساواة، وإنما أسست لأجل الدول القوية المنتصرة، فقد أنشأت عصبة الأمم لأجل
مصالح الدول المنتصرة في الحرب العالمي الأولى ضد الدول المهزومة، ففشلت، وقامت
الحرب العالمية الثانية التي كانت أشد ضراوة وتدميراً من الأولى، فأنشأت منظمو
الأمم المتحدة، ولكنها أسست أيضاً على غير العدل، والمساوات، فأعطى حق النقض لإحدى
الدول الخمس، وهذا يعني أنه لو اجتمعن 192 دولة على شيء فإن إحدى الدول تنقضه من
خلال حق الفيتو.
ثانيا: أن المبادئ والقوانين الغربية قامت كلها على أساس
المصالح والميكافيلية ولذلك لا تصمد أما إرادة الدول القوية كما نشاهد ذلك في
السياسة الغربية وبخاصة أمريكا، ونحوهما، فنحن اليوم حقاً أمام انهيار المنظومة
الأخلاقية، والقانونية، والإنسانية.
الفرصة
أمامنا، أن نقدم إلى العالم مشروعاً متكاملاً ولذلك قدمت إلى حضراتكم بحثا حول
الأسس الفكرية، والعملية للسلام في الإسلام، وكيفية الاستفادة منها في عصرنا
الحاضر، يتكون البحث من فصل خاص بتأصيل فكرة السلام من خلال النصوص الشرعية
القاطعة، والمقاصد الكلية الثمانية التي تحقق الأمن والسلام للفرد والمجتمع،
والدولة، وتحدثت عن الإرهاب ، والمؤتمرات الرائعة التي عقدت في المملكة العربية
السعودية الشقيقة في 17 ديسمبر 2003م حيث صدر عنه بيان مكة المكرمة، ثم البيان
الختامي الصادر عن المؤتمر الإسلامي العالمي ( الإسلام ومحاربة الإرهاب، ولو كان
هناك وقت لاستعرضت أهم عناصره الرائدة في هذا المجال.
ثم
خصصت الفصل الثاني في هذا البحث المفصل حول عشرة مبادئ مشتركة وآثارها في تحقيق
الأخوة الإنسانية على أسس صلبة.
وخصصت
الفضل الثالث للجانب التطبيقي من خلال سيرة الحبيب المصطفى عليه السلام والمهاجرين
إلى الحبشة كيف تعاملوا مع بيئتهم الكافرة.
وتحدثت
في الفضل الأخير عن المبادئ الحاكمة لترسيخ الأخوة الإسلامية والانطلاق من توحيد
الله تعالى إلى توحيد الكلمة، ومن توحيدها إلى توحيد المسلمين إذ بدونها لن يستطيع
المسلمون شيئاً سوى الفشل الذريع بالنصوص القاطعة، وبالتجارب الباهرة للمسلمين
ولغيرهم، ولذلك انطلق صلاح الدين من التوحيد إلى التحرير، ومن العلم والوعي والفكر
السليم والاجتهاد إلى الحركة والجهاد.
بل
إن الآية الكريمة التي هي شعار السلام في الإسلام وهي قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208) فَإِن زَلَلْتُم مِّن
بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
(البقرة :208-209).
إن
هذا الأمر أمر قطعي بوجوب دخول المسلمين جميعاً في السلم بين المؤمنين بعضهم بعضا
كافة، ثم بينهم وبين غير المسلمين وإلا فمصير سلامنا مع غيرنا الفشل، لأن الأمة
الفاشلة لن تستطيع أن تحقق الخير المطلوب فقال تعالى : ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب
ريحكم) بل يصبح إسلامنا ونحن مفرقون سلام الضعيف الذي لا يحترم، وهذا ما رأيناه في
السلام الذي عرض بين دولة الاحتلال الصهيوني ، والفلسطينيين منذ أكثر من 30 عاماً
حيث ل يحقق شيئاً بل ازدادت المستعمرات اليهودية في القدس، وفي ضفة، بل اليوم لا
يعترف نت ياهو وجماعته المتطرفة، لا بحل الدولتين، بل يصرحون بإرادتهم ورغبتهم في
توسع دولتهم لتشمل أجزاء من لبنان ، وسوريا، ومصر ، والسعودية.
لذلك
أناشدكم يا أمتي الإسلامية بالمصالحة الشاملة والوحدة فقال تعالى (واعتصموا بحبل
الله جميعا).
والسلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
أ.د. علي محيي الدين القره داغي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
المصدر:
الاتحاد