البحث

التفاصيل

شهادة السّنوار دروس في الإيمان بالمنهج والثبات على المبدأ

الرابط المختصر :

شهادة السّنوار رحمه الله تعالى

دروس في الإيمان بالمنهج والثبات على المبدأ

 

الدكتور الشيخ سامي الخطيب

 

بين يدي شهادة الشهيد نشهد أنّ شهيدنا بإذن الله تعالى أبا إبراهيم كان الشاهد الحاضر في حياته وبعد مماته على عدالة قضيّته وسلامة منهجه. ما لان ولا هان، ولا تأخّر أو تردّد، ولا ظنّ بالله أو تشكّك، بل كان المنهجُ الواضح له سبيلاً نحو الغاية الكبرى، والصراط المستقيم له طريقاً باتجاه الهدف النبيل السامي.

 

إيمان وثبات

 

عاش لأمّته فاختار السجن على حرّية الجبناء، وهكذا يفعل الأحرار أصحاب المبادئ، ثم خنادق المجاهدين على فنادق المترفين، وذلك هو حال الثابتين على الحقّ المتمسكين بسلامة المنهج لا منهج السلامة، وطلب الموت في مظانّه فأكرمه الله بشهادة الرجال الرجال: ببزّته العسكرية، وموقعه المقاوم: سلاحه بيده، وأصبعه على الزناد، يقدم الدّليل الساطع على إيمانه بمبدئه، وتمسّكه بمسيرة حركته، فكان نعم القدوة في الحياة وما بعد الحياة.

 

ولا أرى باستشهاده رحمه الله إلا ثباتاً في موقفه ومواقف رجاله ومحبّيه، فلا الأرض مادت بهذا الزلزال تحت أقدام الرجال، ولا القيم تأثّرت بهذا الحدث الكوني الكبير، ولا الثقة بالله ونصره الأكيد اهتزّت ونحن نرى الشهيد يهبها الحياة بروحه، ويسقى جذورها بدمائه، فتذكي الشهادة أوار الفكرة نوراً يتلألأ بنصر الله في نهاية الطريق، يراه المؤمنون رأي العين، فلا يتساءلون عن النّصر وأسبابه، ولا عن تكافئ العتاد والعُدّة، لكنّه الإيمان بقداسة القضية وعدالتها، والإيمان المطلق بنصر الله وتأييده، وكأنّي بالشهيد يوقّع بدمائه الشهادة على ما آمن به في حياته، ويعلن بموته في ميدان المواجهة الثبات على ما عاش عليه، يحدوه قول الحقّ ﷻ: "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ"، "ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً".

 

المنهج لا الناهج

 

يذهب الرجال ويبقى المنهج، ويمضي الشهداء وتبقى دماؤهم الزكية النقية زيتاً يشعل القنديل ويضيء الطريق للسائرين، فنحن قوم نتمسك بالجذور الثابتة حتى لا تتيه بنا الأحلام، ونتلمّس في سيرنا معالم المنهج حتى لا تزلّ بنا الأقدام، نقدّم المنهج على الناهج، والمبدأ على الموقف، والأصل على الفرع، والثابت على المتغير، ولذلك فنحن لا نقدّس الأشخاص مهما عظموا، إنّما هو المنهج. وصاحب المنهج يعرف طريقه فلا يتوه ولا يضيع ولا يضلّ ولا يذلّ، وقد مات رسول الله ﷺ ولم تمت دعوته، ومضى إلى ربه سبحانه وفي صحابته الكرام من يحمل الدين ويحمي حياضه ويذود عن أصوله وشريعته، وصدق أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه حين قال: "من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت".

 

رجال أضاؤوا الطريق

 

واليوم، إذا كان يحيى السنوار قد مات، فإنّ ربّ السنوار لم يمت، فالرجال يضحّون لتبقى أفكارهم، والكبار يموتون لتعيش أهدافهم، وما كانت دماء الشهداء إلا زيتاً يشعل الفتيل، ويضيء السراج ويسرج القنديل. هكذا قضى الأولون كباراً، وعلى طريقهم يمضي السالكون عظاماً. وقد ارتقى يحيى السنوار رحمه الله لتحيا بموته فكرته، فمضى إلى ربّه مقبلاً غير مدبر، ثابتاً لم يبدّل، ما خلع درعاً ولا رمى سلاحاً، ولا نفض من أهوال الطريق عنه غباراً. فليحمل السالكون فكره فالفكر لا يموت، وليتمسكوا بسلاحه وإنّما المجاهد بسلاحه، وسلاحنا إيمان وحديد وتجديد، ولم يكن السّنوار أول الشهداء ولن يكون آخرهم، فلقد مضى قبله في هذا الصراع مع هذا العدو النازي قادة كبار، كان منهم أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وسعيد صيام، وإبراهيم المقادمة، وصلاح شحادة، ويحيى عياش، وجمال سليم، وجمال منصور، وإسماعيل أبو شنب، وأحمد الجعبري، ومحمود أبو هنود، ونزار ريان، وعدنان الغول، وصالح العاروري، وإسماعيل هنية.. وغيرهم كثير كثير، مضوا وبقيت الحركة، وماتوا ولم تمت الفكرة. وكما جاء من يخلفهم في حمل مشعل الجهاد بنور المنهج، فسيخلف السنوار من يحمل الفكرة ويجاهد في سبيل المبدأ، وإذا كان شغل الكثيرين الشاغل اليوم: من سيخلف السنوار في موقعه؟ فإنّ ما ينبغي أن يشغل بال الأبرار الصادقين: ما موقعي أنا من هذه القضية الجليلة المهيبة السامية النبيلة؟

 


: الأوسمة


المرفقات

التالي
تفكيك منظومات الاستبداد (٤٢): ألا إن نصر الله قريب
السابق
الاتحاد يستنكر بشدة الاغتيالات الصهيونية وينعي شهداء غزة والمقاومة، وعلى رأسهم يحيى السنوار، ويدعو الأمة الإسلامية والعالم إلى التحرك لنصرة الحق

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع