القره داغي في الدورة الـ35 للمجلس الأوروبي للإفتاء:
"الأقليات المسلمة أمام خطر وجودي... والتكاتف ضرورة لحماية الهُوية"
عقد
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث دورته الخامسة والثلاثين بمدينة قونيا التركية،
في الفترة من 16 إلى 20 نوفمبر 2024م، تحت عنوان: "فقه الحفاظ على الدين
والتدين".
هذه
الدورة تأتي انطلاقاً من المقاصد العليا التي تأسس المجلس من أجلها، وعلى رأسها
حفظ الدين والتدين لمسلمي أوروبا، عبر قراراته وتوصياته التي تُوجِّه المجتمع
المسلم في الغرب منذ نشأة المجلس.
تميزت
هذه الدورة بمشاركة فضيلة الشيخ الدكتور علي محيي الدين القره داغي، رئيس الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين، الذي ألقى كلمة مؤثرة تناولت الظروف الراهنة التي تواجه
الأمة الإسلامية بشكل عام، والأقلية المسلمة في الغرب بشكل خاص.
"العالم بلا نظام أخلاقي ولا قوانين دولية تحمي
المظلومين"
افتتح
فضيلة الشيخ علي القره داغي كلمته بالإشارة إلى الظروف الحساسة التي ينعقد فيها
المجلس، حيث يواجه العالم الإسلامي حرباً شعواء تستهدف الشعب الفلسطيني في غزة
خاصة وفلسطين عامة.
ووصف
فضيلته هذه الهجمة بأنها إجرامية وعنصرية، تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره
قسراً، تحت قيادة حكومة متطرفة تسعى لتحقيق أهدافها دون أي رادع دولي أو إقليمي.
وأعرب
فضيلته عن أسفه للوضع الدولي المتدهور، مشيراً إلى أن العالم بات فاقداً للنظام
الأخلاقي والقانوني الذي يحمي المظلومين، في ظل إلغاء المؤسسات الأممية الأساسية،
مثل "الأونروا"، وغياب الردع الدولي.
تحديات الأقلية المسلمة في أوروبا
انتقل
الشيخ القره داغي في حديثه إلى تسليط الضوء على معاناة الأقلية المسلمة في أوروبا،
حيث تواجه تضييقاً متزايداً، وإجراءات تعسفية تتضمن الطرد والتهجير وفرض قيم
مخالفة للفطرة الإسلامية على الأجيال الشابة. وأكد أن الحرية التي كانت تُفاخر بها
الدول الغربية أصبحت مجرد شعار، خاصة بعد صدور قوانين تمنع حتى مناقشة الكيان
الصهيوني داخل البيوت.
مقترحات استراتيجية للتعامل مع التحديات
في
كلمته، قدم الشيخ القره داغي مجموعة من المقترحات لمواجهة هذه التحديات، مقسماً
إياها إلى محورين رئيسيين:
دعم الأقلية المسلمة:
*
تعزيز الإيمان والتربية الروحية لدى أفراد الأقلية.
*
تقوية العلاقات بين المجلس والأئمة من خلال مؤتمرات وزيارات مباشرة.
*
توحيد جهود المسلمين في كل بلد أوروبي عبر مشاريع جامعة تحت رعاية المجلس بالتعاون
مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
*
الاستثمار في الإعلام لنشر صورة إيجابية عن الإسلام والمسلمين، والتواصل مع
الإعلام الغربي لكسر الصورة النمطية المغلوطة.
*
إنشاء شركات ومصارف استثمارية لتعزيز القوة الاقتصادية للأقلية المسلمة.
*
توجيه الشباب المسلم نحو تخصصات كالحقوق والسياسة لتعزيز الحضور الإسلامي في
المجتمعات الغربية.
التواصل مع الحكومات والأحزاب:
*
الانفتاح على الأحزاب السياسية والكنائس لتعزيز التفاهم المشترك.
*
إعداد مواد تعريفية بالإسلام ودور الأقليات المسلمة الإيجابي في المجتمعات
الغربية.
*
فتح حوارات هادفة مع المؤثرين والمفكرين لإيصال رسالة الإسلام الإنسانية.
*
التركيز على إبراز القيم الإنسانية والإصلاحية للإسلام، والتأكيد على خطورة المساس
بالفطرة الإنسانية.
تأكيد على أهمية التعاون الدولي
دعا
الشيخ القره داغي إلى ضرورة تضافر الجهود بين المؤسسات الإسلامية الكبرى، مثل
المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لتوحيد الصفوف
والعمل على معالجة القضايا الراهنة. كما شدد على أهمية الحوار والتواصل مع الدول
الإسلامية والأقلية المسلمة الأصلية في أوروبا، مثل مسلمي البوسنة وألبانيا.
ختام بمسؤولية جماعية
اختتم
الشيخ كلمته بالتأكيد على ضرورة تكثيف العمل والتعاون لمواجهة الظروف المظلمة التي
تواجه المسلمين في الداخل والخارج، معرباً عن شكره للمجلس الأوروبي على اختيار
موضوع الدورة، الذي وصفه بأنه يتناسب مع التحديات المعاصرة ويتيح فرصة للخروج
بحلول عملية.
رسالة واضحة وصوت واحد
جاءت
كلمة الشيخ القره داغي لتؤكد على دور العلماء والمؤسسات الإسلامية في توجيه
الأقلية المسلمة ومساندتها، وإيصال صوتها إلى العالم. كما دعا إلى استنهاض الأمة
الإسلامية للوقوف بوجه الظلم والدفاع عن كرامة الإنسان في كل مكان.
المصدر:
الاتحاد