مجزرة جديدة تضاف إلى سجل العسكر الحافل بالدماء، دماء جديدة تجري في أنهار الدم التي صنعها العسكر منذ ثورة يناير، في ميادين الثورة: في ميدان التحرير، وفي ماسبيرو، وفي محمد محمود، وفي القائد إبراهيم، وفي بورسعيد، وفي رابعة، وفي النهضة، وفي رمسيس، وفي سيارة الترحيلات، وفي سيناء... وفي غيرها.. أربعون شهيدا من شباب مصر يسقطون من غير جريرة ارتكبوها، أو ذنب اقترفوه. إنما أرادوا أن يشاهدوا مبارة الكرة في مسرحها؛ فدبر لهم رجال الأمن والشرطة هذه المذبحة الأليمة، وهم شباب من أبناء مصر الأحرار، الذين لا ينتمون إلى حزب أو جماعة.
هل رخصت دماء المصريين إلى هذا الحد؟! يسقط أكثر من أربعين شهيدًا وكأن شيئًا لم يحدث! وكأن أرواحًا لم تزهق؟!
إن الله تعالى حرم القتل في كتابه، وشدد فيه، وقرر القرآن الكريم مع الكتب السماوية الأخرى: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } [المائدة:32 ].
وقال عز وجل:{ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } [ النساء:93].
وروى البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه، ما لم يصب دما حراما". وقال ابن عمر: "إن من ورطات الأمور، التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، سفك الدم الحرام بغير حله". والورطات: جمع ورطة. وهي الهلكة، وكل أمر يعسر النجاة منه.
وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم".
وروى الترمذي وحسنه، عن أبي سعيد وأبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار ".
هذا نظام يعادي الشباب، أيًّا كان هذا الشباب، وأينما كانوا: في قاعات الدراسة، أو ملاعب الرياضة، أو ميادين الثورة.
لم يفرق رصاصه بين إسلامي وليبرالي واشتراكي.. رصاصته الغادرة لم تفرق بين أنس محيي الدين في بورسعيد، وأسماء البلتاجي في رابعة، وسندس رضا في الأسكندرية، وشيماء الصباغ في طلعت حرب بالقاهرة.
إن النظام الذي يحارب شبابه ويقتله: نظام يحارب الشعب.. نظام يحارب المستقبل، هو نظام إلى زوال لأنه لا يستطيع أحد أن يحجب ضوء الشمس، أو يوقف عجلة الزمن، أو يعوق قدوم المستقبل.
أسأل الله أن يربط على قلوب آباء وأمهات الشهداء، وأن يلعن قاتليهم، وأن يخلص أهل مصر من نظام لم يروا منه إلا الخوف والجوع، و القتل والسجن.