الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
يرحب بوقف العدوان الصهيوني على غزة العزة، مثمناً
صمودها ومقاومة أبطالها وتضحياتهم،
ويدعو الجميع للمشاركة في إعادة إعمار غزة، وتوفير
مستلزمات الحياة الكريمة لأهلها الصامدين.
ويطالب بملاحقة جميع مرتكبي جرائم الإبادة، وتغريمهم
بتعويض كل ما أفسدوه.
تابع
الاتحاد بكل ألم وأسى ما شهدته غزة من إبادة جماعية خلال 16 شهرا حيث استهدفت
المدنيين والمرافق الحيوية، مما أسفر عن استشهاد وجرح عشرات الآلاف من المدنيين،
وأكثرهم نساء وأطفال وشيوخ، وقد تسبب العدوان في تدمير المستشفيات، والمدارس،
والمساجد، والكنائس، فضلاً عن المعاناة الإنسانية الشديدة التي لحقت بالسكان
المحاصرين في المخيمات وأماكن النزوح.
لقد
تصدى أهل غزة، رغم قسوة الظروف، لهذا العدوان بكل شجاعة وصمود، وبذلوا تضحيات
جساما في الدفاع عن أرضهم وحقوقهم. إن صمودهم في وجه هذا العدوان على مدار أكثر من
عام يعد شاهداً على قوتهم وإرادتهم في مواجهة القهر والظلم. قال الله تعالى في
كتابه الكريم: “وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ
يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا
وَاجَعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجَعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا”
(النساء: 75)
وفي
ضوء التوصل إلى اتفاق بوقف العدوان الذي يمثل خطوة مهمة لوقف الإبادة الجماعية، يدعو
الاتحاد إلى ما يأتي:
أولا: إعادة إعمار غزة
يدعو
الاتحاد جميع الدول الإسلامية وغيرها، والأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية
والإغاثية المحلية والدولية إلى تنظيم حملات لجمع التبرعات، والزكوات والإسهام
الفعال في إعادة إعمار غزة العزة، وبخاصة لإعادة بناء المستشفيات، والمدارس،
والمنازل، والبنية التحتية المدمرة، وكذلك لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة
مثل توفير الغذاء، ومياه الشرب، والأدوية، والخدمات الصحية، والتعليمية.
ويطالب
بصورة خاصة المسلمين جميعا إلى واجب البذل والإيثار، فهذا واجب الوقت اليوم لا
يسبقه واجب مالي آخر، ولم يبق عذر فقال تعالى:(هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ
لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ
فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ
ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا
أَمْثَالَكُم) (محمد:38)
ثانيا: التوعية الإعلامية:
يدعو
الاتحاد وسائل الإعلام إلى بذل أقصى الجهود في تسليط الضوء على ما قام به الاحتلال
الصهيوني من الجرائم ضد الإنسانية، ومعاناة المدنيين في غزة، وتحفيز المجتمع
الدولي على المشاركة في جهود الإغاثة والإعمار.
ثالثا: محاسبة المتورطين في الإبادة الجماعية:
يدعو
الاتحاد المؤسسات القانونية والجنائية للتحقيق في الجرائم المرتكبة في غزة من قبل
الكيان الصهيوني، بما في ذلك الهجمات العشوائية على المدنيين، وقتل الأسرى، وتدمير
المنشآت المدنية، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً. يجب أن تتم ملاحقة ومعاقبة
المسؤولين عن انتهاك القوانين الدولية لحقوق الإنسان.
رابعا: التزام المجتمع الدولي بمسؤولياته:
يطالب
الاتحاد المجتمع الدولي بمواصلة دعم غزة بشكل فعال، والضغط على دول الطوق بفتح
جميع الممرات، ورفع الحصار الظالم على أهل غزة منذ سنوات من قبل الكيان الصهيوني
المجرم.
خامسا: دعوة للعلماء والأئمة والمؤسسات العلمية
لترسيخ حقيقة المؤاخاة بين الداخل والخارج:
يحث
الاتحاد العلماء والأئمة، والمؤسسات
العلمية، على القيام بدورهم الفاعل في تعريف معاناة الشعب الفلسطيني في خطبهم
ومحاضراتهم، وحث الأمة الإسلامية على تعزيز التآخي والتعاون، على غرار المؤاخاة
التي تمت بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة، والوقوف إلى جانبهم في هذه
المحنة. قال تعالى “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ
صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ” (الصف: 4)
وفي الختام،
نتوجه بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لكل من بذل جهدًا مخلصًا وفعّالًا للتوصل إلى
اتفاق وقف إطلاق النار، وعلى رأسهم دولة قطر أميرا وحكومة وشعبا، التي كانت في
طليعة الجهود المبذولة لوقف العدوان وإرساء السلام في غزة.
نسأل الله أن
يبارك في جهودهم، وأن يحقق الخير والعدالة لشعبنا الفلسطيني، وأن يعم السلام
والأمان في كل ربوع الأمة الإسلامية والعالم أجمع.
وندعو الله
تعالى أن يتقبل شهداءنا في غزة والضفة والقدس وغيرها في عليين، وأن يرزقهم الجنة
بغير حساب. كما نرفع أيدينا بالدعاء لشفاء المرضى والمصابين، وأن يمن عليهم
بالشفاء العاجل، وأن يعجل بالإفراج عن جميع الأسرى.
آمين
يارب العالمين
الدوحة:
15 رجب 1446ه – 15 يناير 2025م
الأمين
العام الرئيس
د.
علي محمد الصلابي أ.د.
علي محيي الدين القره داغي