البحث

التفاصيل

جدلية التكامل بين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان

الرابط المختصر :

بسم الله الرحمن الرحيم

جدلية التكامل بين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان

الكاتب: محماد بن محمد رفيع

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

"مقال علمي محكم"

 

مقدمة:

إن القول في التكامل بين مناهج المعرفة في سياقنا المعاصر من أجل القضايا المعرفية والمنهجية التي يتعين على الباحثين المتخصصين أن يستفرغوا فيها الوسع بيانا وتحقيقا وإعمالا، وذلك من أجل بناء مقاربة معرفية ناجعة ومثمرة لقضايا الإنسان المعاصر المعقدة المتعددة الأبعاد، خصوصا وأن القصد الوظيفي من المعرفة على تعدد فروعها وتنوع مناهجها تأمين وتثمين حياة الإنسان فردا ومجتمعا وإنسانية في هذا الوجود.

ويرجع اختيارنا لبحث إشكال التكامل بين علوم الإنسان وعلم أصول الفقه في هذا البحث إلى فحص ما نعتقده ابتداء من كون هذا العلم يشكل نموذجا منهجيا من بين علوم الشريعة للتكامل والتفاعل مع علوم الإنسان، سواء كان ذلك على مستوى مقاصده أو مباحثه أو وظائفه، منذ نشأته وعبر تاريخه، قبل أن يدخل إلى نفق التقليد، غير أن حالة البحث في علم أصول الفقه الذي يحاول الآن ببطء أن ينفض عن هذا العلم غبار قرون التقليد والانحباس عن معانقة أفق الحياة المطلوبة ما زالت لم ترق بعد إلى إنتاج القول المفصل والرصد المبين لأوجه التكامل والتداخل بين علوم الإنسان وعلم أصول الفقه.

وإسهاما مني، على قلة البضاعة وضعف الزاد، في تحرير القول وتوسيعه في هذا الموضوع العلمي المنهجي الحيوي، فإني أتناول بالبحث تتبع مواقع علوم الإنسان في بنية الدرس الأصولي من خلال مدخل وثلاثة مباحث.

أخصص المدخل لتأسيس فلسفي معرفي يتعلق بموجب القول بالتكامل بين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان، لتتمحض المباحث الثلاثة لتفاصيل الإشكال البحثي، حيث يتم رصد التكامل على مستوى المقاصد في المبحث الأول، والتكامل على مستوى المباحث الأصولية في المبحث الثاني، على أن نفرد المبحث الثالث بالتكامل على مستوى الوظائف.

أما المنهج المعتمد في بناء هذا العمل فيجمع في تكامل وظيفي بين استقراء المادة العلمية وتتبع المباحث الأصولية في ضوء العلوم الإنسانية، وتحليل المرصود المعرفي وتعليل قضاياه موثقا النصوص والأقوال ومقارنا بين المعرفة الأصولية والإنسانية، وذلك كله في سياق التصور العام للبحث.

مدخل: موجب القول بالتكامل بين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان

            أرى أن من تمام استقامة القول في هذا الموضوع واستواء البناء من الناحية المنهجية المبادرة ابتداء إلى إثبات موجب القول بالتكامل بين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان قبل الخوص في تفاصيل هذا التكامل والتداخل، فتفاصيل الكلام تبنى على كلياته وأصوله، وعليه فإني أرجع القول بالتكامل والتداخل بين العلمين إلى موجبين كليين اثنين: أحدهما معرفي والثاني عملي، أوردهما على سبيل الإجمال لا التفصيل حسب ما تقتضيه منهجيا المداخل.

أولا: الموجب المعرفي:

            فنظام المعرفة في تصورنا الإسلامي نظام متكامل في بنيته وخصائصه، وذلك راجع إلى وحدة الحقيقة المستمدة من وحدانية الله تعالى، وعليه فوحدة المعرفة أساس القول بتكاملها بين مصدريها الكوني والشرعي، فالكوني رجع إلى بحر أفعال الله بتعبير الإمام الغزالي[1]، والشرعي عائد إلى بحر أقوال الله تعالى في وحيه.

            فإذا كان مصدر المعرفة الطبيعية والاجتماعية والنفسية هو الكون من حيث هو مجال النظر المأمور به شرعا على سبيل الإيجاب والندب كما قال ابن وشد[2]، فالوحي بشقيه القرآني والنبوي مصدر المعرفة الشرعية المتعددة الفروع بتعدد تخصصاتها ووظائفها المنتظمة في سلك نص الوحي، وهذا التكامل هو ما نشأت عليه المعرفة الإسلامية في جميع تخصصاتها، وترسخت في مناهج علماء المسلمين عبر التاريخ المعرفي الإسلامي قبل اختلال النظام المعرفي للمسلمين، وذلك راجع إلى أن نص الوحي نفسه الذي عنه نشأت المعارف الإسلامية متكامل في بنيته وشمولي في خطابه، مستوعب للزمان والمكان وأحوال الإنسان، بحيث يقرر الكليات ويحيل في التفاصيل والجزئيات على المناهج المسعفة في فهم المقصود بقوله تعالى: " فاسألوا أهل الذكر عن كنتم لا تعلمون" ( النحل: 43) وقوله تعالى: " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" ( النساء: 82).

فنص الوحي الذي هو موضوع اشتغال علم الأصول يحيل ضمنيا على العلوم الإنسانية والاجتماعية، منها: الدعوة إلى السير في الأرض للنظر والبحث في بدء الخلق: " قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق" ، فربط بين قصة خلق الإنسان وبين علوم الحياة وعلوم الأركيولوجيا  والأنتربولوجيا وعلم مقارنة الأديان وعلم الاجتماع، من حيث هي مناهج التي يتأتى بها تحقيق مطلوب القرآن في الآية، ومنها الدعوة إلى الاعتبار بالأمم السابقة، كما في قوله تعالى: وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامن ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه" (العنكبوت:38-40)، فالاعتبار  هنا إنما يتم بالتوسل بالعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية.

فلا غرو أن نلفي كبار الأصوليين يلحون على ضرورة التكامل بين فروع المعرفة، كالغزالي الذي يقول: " ثم إن هذه العلوم ما عددناها وما لم نعدها ليست أوائلها خارجة عن القرآن فإنها جميعها مغترفة من بحر واحد من بحار الله تعالى وهو بحر الأفعال... فمن أفعال الله تعالى وهو بحر الأفعال مثلا الشفاء والمرض... وهذا الفعل الواحد لا يعرفه إلا من عرف الطب بكماله، ومن أفعاله تقدير معرفة الشمس والقمر ومنازلهما بحسبان... ولا يعرف حقيقة الشمس والقمر بحسبان وخسوفهما وولوج الليل في النهار وكيفية تكور أحدهما على الآخر إلا من عرف هيئات تركيب السموات والأرض وهو علم برأسه"[3].

ولذلك قرر الغزالي نتيجة بحث العلاقة بين العلوم فقال: " فالعلوم متعاونة وبعضها مرتبط ببعض"[4]، وهي العلاقة نفسها التي أدركها ابن جزي حين قال موصيا: " ينبغي لكل ذي علم أن يلم بباقي العلوم فيطالع منها طرفا، إذ لكل علم بعلم تعلق، وأقبح بمحدث يسأل عن حادثة فلا يدري، وقد شغله منها جمع طرق الحديث"[5]، وهو ما عبر عنه اليوسي بقوله: " العلوم داخل بعضها في بعض وليس أحد يكمل في شيء على ما ينبغي، وهو جاهل بالبواقي ولا سيما العلوم الشرعية وهي المقصودة"[6].

 أما ابن رشد فرأى لزوم الجمع بين الشريعة والحكمة، لأن الحكمة في نظره " هي صاحبة الشريعة والأخت الرضيعة، ... وهما المصطحبتان بالطبع المتحابان بالجوهر والغريزة."[7]، بينما آل بحث ابن تيمية في المقارنة بين المعرفة العقلية والمعرفة الشرعية إلى تقرير التكامل ببينهما، حيث قال: " وقد تأملت ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات يعلم بالعقل بطلانها، بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموافق للشرع"[8].

 وعلى المهيع نفسه سار رشيد رضا من رواد حركة الإصلاح الحديثة في دعوته إلى التكامل بين علوم التشريع وعلوم التسخير، حين ذكر: " أَنَّ الْعِلْمَ بِسُنَنِ الِاجْتِمَاعِ وَالْعُمْرَانِ لَا يُغْنِي عَنْ هِدَايَةِ الدِّينِ الَّتِي تُوقِفُ أَهْوَاءَ الْبَشَرِ وَمَطَامِعَهُمْ أَنْ تَجْمَحَ إِلَى مَا لَا غَايَةَ لَهُ مِنَ الشَّرِّ"[9].

وهذا ما يثبت أن التكامل خاصية من خصائص المعرفة الإسلامية وأن الانفصال المعرفي حالة طارئة على المعرفة الإسلامية بسبب اختلالات تاريخية ومنهجية ومعرفية أدت في المحصلة إلى الانكفاء والانغلاق لينتصب عائقا للنهوض الحضاري للأمة.

الموجب العملي:

            ويرجع هذا الموجب العملي إلى مقتضيين اثنين:

أولهما: تعقد القضايا والإشكالات المعاصرة وحاجتها إلى مقاربة تكاملية (multidisciplinary)، وهذه حاجة منهجية عملية ظهرت في منتصف القرن العشرين الماضي، حين لوحظت أزمة التواصل العلمي بين تخصص العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية والتطبيقية، حيث صدر عن اللورد البريطاني التقرير المعروف بالثقافتين :(The two cultures)[10] يدعو فيه إلى التكامل بين تلك العلوم المتنافرة[11]، وهو الإشكال نفسه الذي أكده  التقرير الأممي عن العلوم الاجتماعية سنة 2010م[12] في موضوع تقاسم المعرفة، حيث تحدث عن موجةما بعد التخصصات” التي تقتضي نهج مقاربة جديدة ومبدعة تستحضر جميع التخصصات سواء في حقل العلوم “البحتة” أو الطبيعية أو العلوم الإنسانية ومنها العلوم الاجتماعية.

            وبذلك يتأكد أن حالة الانفصام بين التخصصات العلمية إشكال معرفي عالمي معاصر حاصل، وأن التكامل المعرفي حل منهجي لازم.

ثاني القضيتين: حالة الانفصام بين علوم الإنسان وعلم أصول الفقه، وهذه قضية متفرعة عن القضية الأولى، ذلك أن حالة علم أصول الفقه الحالية تعكس في مجملها الصورة التقليدية التاريخية الموروثة منذ عصر ما بعد الاجتهاد، سواء من حيث مباحثها التي بقيت على صورتها القديمة ولم تغن بما استجد من المعارف الجديدة مما له صلة بتلك المباحث كما سيأتي، أو من حيث ضعف وظيفته في إنتاج المعرفة العملية وهي الفقه التي من أجلها أسس، وهذا واضح من عقم الأمثلة الفقهية للقواعد الأصولية، وهو ما يمكن تجاوزه بتحقيق التكامل بين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان.

            إذا سلمنا من خلال الموجبين السابقين بلزوم القول بالتكامل المعرفي عموما وبين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان خصوصا، فإن أوجه التكامل بين الحقلين المعرفيين يمكن تلمسه ورصده من خلال المباحث الآتية:

المبحث الأول: جدلية التكامل على مستوى المقاصد

يمكن أن نقرر بلا تردد أن التكامل بين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان يتمثل في حاجة هذه الأخيرة إلى الاستهداء بفلسفة علم أصول الفقه وهي الكليات المقاصدية الناظمة لمصالح الإنسان في العاجل والآجل، والمسددة لقصوده من كل ما يصدر عنه من قرارات ومواقف ومشاريع وسائر تصرفاته من أن تزل نحو الإضرار بنفسه أو بآخرين، فمقاصد الإنسان من قوله وفعله وكل قراراته محكومة موضوعيا بمقاصد الشارع وفاقا أو خلافا، فيحكم على التصرف بالجواز أو الحظر بحسب الموافقة أو المخالفة لقصد الشارع.

 فلو استهدت مناهج البحث في علوم الإنسان بالفلسفة المقاصدية لبلغت شأوا بعيدا في الضبط المنهجي والجودة المعرفية، ولتفادى علم الاقتصاد والاجتماع والنفس الكثير من السقطات الخلقية والمطبات المنهجية، واضطراب في كثير من النتائج.

فعلم النفس يمكن أن يفيد من فلسفة علم أصول الفقه قواعد ومعايير السلوك الرشيد للإنسان فتعدل بذلك نظرة الفرد لذاته وللآخر وللمجتمع وللأخلاق، فيتحرر بذلك هذا العلم من مبدأ اختزال الإنسان في نزواته وشهواته وميولاته البهيمية.

كما يفيد علم الاجتماع من الفلسفة المقاصدية ضبط فرضياته وتوجيهها وفق المقاصد الشرعية، ليتحرر بذلك من أسر النظريات السوسيولوجية القائمة على مبدأ التعارض بين الدين ( اليقين الوجداني) وعلم الاجتماع ( اليقين التجريبي الميداني )، وهي النظريات التي نشأ عنها في العلوم الاجتماعية فراغ روحي رهيب وقلق نفسي عميق.

المبحث الثاني: جدلية التكامل على مستوى المباحث

            فإذا كان مدار علم أصول الفقه على النص استنباطا من حيث صلته بالإنسان، وتطبيقا على واقعه من حيث تأمين مصلحته، فمدار علوم الإنسان على الإنسان، وعليه يمكن رصد أوجه متعددة للتكامل بين المعرفتين في المباحث والموضوعات الأصولية على النحو الآتي:

1)   مبحث المقدمات الأصولية

من القضايا التي درجت المناهج الأصولية على التمهيد بها لمباحثها وقضاياها الأصولية تلك المقدمات التي من جملة ما يدرج فيها نشأة علم أصول الفقه وتاريخه وأعلامه ومناهجه ومدارسه ومؤلفاته، وهي قضايا يوردها الأصوليون على نحو مجمل ومقتصب، مع أن الحاجة قائمة إلى التناول العلمي المفصل لتلك القضايا من أجل الكشف عن طبيعة المراحل التاريخية التي عبر منها علم أصول الفقه نموا وضعفا توسعا وتقلصا، وعن ملابسات تشكل مناهجه وتاريخ ظهورها، وغيرها من القضايا التي هي موضوع الابستمولوجيا حسب الفلسفة المعاصرة[13].

فهذه القضايا التي ما زالت لم تحظ في الدرس الأصولي بالتفصيل العلمي المطلوب، يمكن أن نستعين بالابستمولوجيا وعلم التاريخ في سد هذا الفراغ البحثي في علم أصول الفقه[14].

2)   الحكم الشرعي:

من المباحث المركزية في الدرس الأصولي مبحث الحكم الشرعي، وقد قسموه إلى الحكم التكليفي والحكم الوضعي، فما علاقة علوم الإنسان بالحكمين؟

أولا: الحكم التكليفي:

            من بين الأحكام التكليفية التي تفيد في دراستها مناهج علوم الإنسان فروض الكفاية التي تتعلق بمصالح المجتمع العامة، كالتعليم والتنمية وغيرهما، وهي مصالح تختلف أولوياتها ومراتبها بحسب الزمان والمكان وأحوال وحاجيات المجتمعات الحالية والمآلية، وهي جوانب حيوية لا تتم دراستها ورصدها بكيفية علمية إلا بمناهج علوم الإنسان التي تمكننا من تحديد أولويات المجتمع الزمنية في مختلف المجالات لينهض المجتمع بتحقيقها على سبيل الوجوب الكفائي وإلا أثم الجميع.

            ولعل استثمار مناهج علوم الإنسان في مثال الفروض الكفائية يسعفنا في تجديد الأمثلة التقليدية التاريخية التي ما زالت تلف المسألة الكفائية في الدرس الأصولي، كإنقاذ الغريق وإغاثة الملهوف والصلاة على الجنازة والجهاد[15] على جلالة قدر هذه الأمثلة في زمنها، لكن حصر الكفائيات فيها غير مقبول في زمن أكبر اختلالاته وأزماته في الفروض الكفائية، فعلم الاجتماع والاقتصاد والسياسة هي القادرة على تحديد ووصف المصالح الأولوية الجماعية للمجتمع وللأمة حالا ومآلا من عدالة اجتماعية ورشاد في الحكم والحكامة في التدبير والتنمية الإنسانية والاقتصادية، وغيرها من الفروض الكفائية الزمنية.

ثانيا: الحكم الوضعي:

            يشكل الحكم الوضعي مجالا خصبا لإعمال علوم الإنسان، ذلك أن من قضايا الحكم الوضعي التي يتوقف بيانها العلمي على تخصصات متعددة من علوم الإنسان الأسباب في علاقتها بمسبباتها والعلة في ارتباطها بمعلولها عند تنزيل الحكم أو تشريعه، والموانع التي تحول دون ذلك التنزيل أو التشريع، والأمارات والمؤشرات الدالة على الحكم، وغيرها من قضايا الحكم الوضعي، فما تعلق منها بالجانب البشري اجتماعيا ونفسيا تولى بيانه علم الاجتماع والنفس والتاريخ وكل منهج يسعف في بيان الأسباب والمسببات، ومدى تأثير مانع من الموانع.

            كما أن مجال الترخص مجال حيوي لاستدعاء عدة علوم من علوم الإنسان، وذلك بحثا عن الرصد العلمي الشرعي للحالات الموجبة للترخص، سواء تعلق الأمر بحالات الأفراد أو حالة المجتمع، فحالة الترخص للدولة على سبيل المثال في الاقتراض الربوي إنما يحددها خبراء الاقتصاد والسياسة، كما أن حالة الترخص للفرد في الإفطار في رمضان إنما يحددها طبيب الحالة المرضية، وهكذا.

            أما ما تعلق بالمجال الطبيعي الموضوعي، فإن التعويل ولا شك على العلوم ذات التخصص في الموضوع من علم الاقتصاد والسياسة والتدبير والطب والفزياء والبيولوجيا وأركيولوجيا وغيرها، فمن جملة قضايا الحكم الوضعي المفتوحة على علوم الإنسان مسالك التعليل، وخاصة منها مسلك السبر والتقسيم التي يتعين الاستعانة فيها بالمناهج المتطورة في الموضوع من تخطيط وإحصاء ورياضيات ومختبرات التحليل وغيرها من المناهج التي بالاستعانة بها نكون ولا شك أمام نتائج علمية نوعية، و قد ذكر ابن رشد قديما لزوم الإحالة على علوم الإنسان في بعض القضايا الفقهية، حيث قال: "وهذه الأقاويل كلها؛ المختلف فيها عند الفقهاء في أقل الحيض وأكثره؛ وأقل الطهر؛ لا مستند لها إلا التجربة والعادة"[16].

3)   مبحث الدلالة:

من المعلوم أن مبحث الدلالة في علم أصول الفقه يتضمن أنفس جهد علمي قدمه الأصوليون في خدمة فقه الدلالة اللغوية لخطاب الوحي، من حيث ضبط دلالة الألفاظ على المعاني، وشروط الانتقال بالمعنى من دلالته الحقيقية إلى إشارته المجازية، ومسالك صرف المفهوم عن المنطوق، والتمييز بين العموم والخصوص، ومجمل الكلام من مفصله إلى غيرها من نفائس القول، وهو الجهد الذي وصفه الإمام الجويني بقوله: " اعتنوا في فنهم بما أغفله أئمة العربية، واشتد اعتناؤهم بذكر ما اجتمع فيه إغفال أئمة اللسان وظهور مقصد الشرع"[17]، وذلك بعد أن تقرر لدى أهل الفن " أن معظم الكلام في الأصول يتعلق بالألفاظ"[18]، قال الإمام الغزالي "اعلم أن هذا القطب هو عمدة علم الأصول، لأنه ميدان سعي المجتهدين في اقتباس الأحكام من أصولها واجتنائها من أغصانها"[19].

فإذا كان معظم القواعد الأصولية تم تقعيدها بناء على استقراء دقيق لموارد الاستعمال الشرعي للألفاظ العربية، وتوصل الأصوليون من خلال هذا الاستقراء إلى المعاني الدقيقة " لم يصل إليها النحاة ولا اللغويون"[20]، حتى أثلوا لنا  بهذا الجهد العلمي المبارك قانونا كليا مرجعيا في الاستنباط والاستدلال، فإن الواجب العلمي واللازم الشرعي ومقتضى الوفاء لجهد الأصوليين أن يواكب هذا المبحث بمزيد عناية البحث والإغناء والتقويم من أهل الاختصاص في ضوء زبدة ما توصل إليه البحث الدلالي اللساني المعاصر في مقاربة النصوص اللغوية على المستوى الدلالي، يمكن الانفتاح على مناهجها ومعطياتها بحثا عن الحكمة البشرية لنفيد منها في قضايا لم تحظ بما تقتضيه من البحث والتنفيب، كمفهوم " معهود العرب" الذي أثاره الإمام الشاطبي رحمه الله في  سياق بيان القصد الإفهامي للخطاب الشرعي الذي " أنزل على لسان معهود العرب في ألفاظها الخاصة، وأساليب معانيها، وأنها فيما فطرت عليه من لسانها"[21]، وأهمية هذا المفهوم الوظيفية في حسن تلقي الخطاب الشرعي الذي جرى مجرى عادات العرب في التخاطب ، وهذا ما قرره الشاطبي حين قال: " فكما أن لسان بعض الأعاجم لا يمكن أن يفهم من جهة لسان العرب، كذلك لا يمكن أن يفهم لسان العرب من جهة فهم لسان العجم لاختلاف الأوضاع والأساليب"[22].

ولعل أصل ما قرره الشاطبي في معهود العرب هنا ما ذكره الإمام الشافعي رحمه الله مفصلا في رسالته الأصولية حين قال من جملة ما قال في الموضوع: " وإنما بدأت بما وصفت من أن القرآن نزل بلسان العرب دون غيره: لأنه لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحد جهل سعة لسان العرب، وكثرة وجوهه، وجماع معانيه وتفرقها، ومن علمه انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها"[23].

فهذا الأصل اللغوي الدلالي الجليل ما زال عريا عن البحث والتنقيب والجمع والتوثيق والتأصيل، نحتاج معه إلى مناهج البحث في تاريخ اللغة واللسانيات الحديثة والأنثروبولوجيا في جمع وتوثيق معهود العرب اللغوي والثقافي والديني الذي يتوقف عليه فهم دلالة الخطاب الشرعي حكما ومقصدا، كما يمكن توسيع البحث ليشمل المعهود العرفي للأساليب والألفاظ اللغوية المختلفة داخل الجهات والمناطق والمدن لوظيفتها البيانية والتشريعية في تفسير خطاب المكلفين عند إرادة تنزيل الحكم عليها.

4)   مبحث الأدلة:

من الأدلة الشرعية التي يمكن أن تكون موضوعا لبعض مناهج علوم الإنسان رصدا وتصنيفا وتأريخا العرف الذي يعد أصلا من الأصول المهمة التي تبنى عليها الكثير من الفروع الفقهية، حتى قال الناظم: والعرف في الشرع له اعتبار ........كذا الحكم عليه قد يدار.

غير أننا نحتاج في البحث الأصولي إلى الرصد العلمي والتتبع التاريخي والسوسيولوجي للسلوك الاجتماعي الثقافي للمجتمعات وللمدن والمناطق داخل المجتمع الواحد لجمع الأعراف السائدة والأعراف البائدة، وتمييز المعتبر منها من غيره.

5)   الذرائع والمآلات

يعد أصل الذرائع فتحا أو سدا أصلا حيويا كثيرا الإعمال في الفقه الإسلامي، وخصوصا في مجال المعاملات والجنايات سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، فقد ذكر ابن القيم أن باب سد الذرائع "أحد أرباع التكليف، فإنه أمر ونهي، والأمر نوعان، أحدهما مقصود لنفسه، والثاني وسيلة إلى المقصود، والنهي نوعان، أحدهما: ما يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه، والثاني: ما يكون وسيلة إلى المفسدة، فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين"[24].

 غير أن الذرائع والوسائل إلى مآلاتها تختلف وتتغير بحسب الزمان والمكان والأحوال، ويتوقف الحكم على مشروعية الوسيلة من عدمها، وفتح الذريعة أو سدها على طبيعة المآل الذي تفضي إليه الوسيلة أو الذريعة، والتحقق من جدوى الوسيلة إلى مقصدها وتعينها دون غيرها، والتحقق من إفضاء الوسيلة إلى مآلها وبيان درجة الإفضاء[25] كل ذلك وغيره من التفاصيل المطلوبة تتوقف منهجيا وعلميا على جملة علوم تستدعى في الموضوع كعلم الإجرام إذا تعلق الأمر بالجنايات، وعلوم السياسة إذا تعلق الأمر بقرارات ومواقف سياسية وعلم الاقتصاد إذا تعلق الأمر بمجاله، وهكذا.

6)   المحكوم فيه:

من القضايا الواردة في مبحث المحكوم فيه التي نحتاج إلى الاستعانة فيها بمناهج أخرى من علوم الإنسان ما يسمى عند الأصوليين بالتكليف بالشاق من الأفعال[26]، وهو ما يكتنف التكاليف الشرعية من جهة مواقع الوجود من المشاق التي قد تقتضي الترخص وقد لا تقتضيه، وذلك بناء على أصل رفع الحرج والمشقة عن المكلفين، وهو المقصد الذي ينتظم مختلف التكاليف الشرعية، وبمقتضاه ارتبطت التكاليف الشرعية بدائرة الوسع الإنساني، وبحاجيات فطرة الإنسان، فجاءت الشريعة باستقراء مختلف تكاليفها جارية على الحد الأوسط.

غير أن التمييز بين ما يدخل تحت مقدور المكلف فردا أو جماعة وما لا يدخل يفتقر إلى تحديد علمي وتحقيق منهجي، يمكن الاستعانة فيها بمنهج علم النفس وعلوم الطب إن تعلق الأمر بحالات الأفراد الصحية، أو بمناهج علوم الاقتصاد والسياسة والقانون وغيرها إن ارتبط الأمر بحالة المجتمع والدولة، وهكذا تستطيع هذه المناهج المختلفة أن تقدم لفقه تنزيل الأحكام في الزمان والمكان خدمة علمية فنية في تحديد مستوى المشقة لتحديد الحكم المناسب للحالة.

7)   الأهلية وعوارضها

من المعلوم المقرر أن التكليف الشرعي مداره على أهلية المخاطب بالتكليف، فيثبت التكليف كاملا باكتمال الأهلية وينقص بنقصانها وينعدم بانعدامها، ومعلوم كذلك أن الإنسان يمر بأطوار ومرحل في اكتمال أهليته، وقد يعترض لأهلية الإنسان عوارض إما كسبية أو سماوية فتتأثر الأهلية بتلك العوارض ويكون لذلك تأثير في الخطاب التكليفي، وهذا ما يستلزم التحقق من مستوى الأهلية العقلية والتدبيرية للمكلفين، وهو أمر بات الآن من اختصاص علوم متعددة، منها علم النفس والاجتماع والتربية وغرها، فتعين الاستعانة بها حسب مقتضى الحالة المعروضة لتقدم لنا بيانا علميا لمراتب تصرفات المكلفين، وأحوال أهليتهم اكتمالا ونقصانا.

المبحث الثالث: جدلية التكامل على مستوى الوظائف

            لعل من أقوى أوجه التكامل بين علم أصول الفقه وعلوم الإنسان ما يمكن رصده في الحركية الوظيفية لعلم أصول الفقه على مستوين اثنين: أحدهما نظري تأصيلي والثاني تطبيقي تنزيلي.

1)   الوظيفة النظرية: الاستدلال:

لا جدال أن الوظيفة المركزية لعلم أصول الفقه على المستوى النظري يمكن إجمالها في وظيفة الاستدلال استنباطا وتأويلا واعتراضا، وذلك بحثا عن الحكم المقصود من النص الشرعي، وهي وظيفة لها صور ومصطلحات متعددة منها:

-   استنباط الحكم من مدركه الشرعي بمختلف مراتبه من نصوصية وظهور، وعموم وخصوص، وإطلاق وتقييد وإضمار وإظهار، ومنطوق ومفهوم وغيرها، وهذا وجه من أوجه الاستدلال والتأويل بمعناه العام.

-    الاستدلال بمعناه الخاص، وهو التماس الحكم من دليل غير نص ولا إجماع ولا قياس[27]، وهو باب واسع من الاجتهاد خارج مباني النصوص، وفي ظل معانيها الكلية.

-     تعليل النصوص والأحكام بحثا عن المعاني التي من أجلها شرع الحكم لتعديته إلى فروع أخرى تنتظمها العلة نفسها، أو بحثا عن الحكم نفسه، لأن العلل أمارات على الحكم عند جمهور الأصوليين[28].

-      تأويل النصوص بحملها على غير ظاهرها من المعاني المرجوحة لقيام دليل على أنها المقصودة، وهو باب اجتهادي استدلالي واسع في توليد الأحكام الشرعية التفصيلية.

فهذا الاستدلال بالتأويل يمكن أن ينفتح على المدارس الهرمنوطقية المختلفة[29].فيما أنتجته من مناهج في تأويل النص المقدس لتحصل الإفادة والإغناء للمنهج الأصولي في موضوع التأويل، كما يمكن للاستدلال الأصولي بمختلف صوره أن يفيد من المناهج الحجاجية والمنطقية المعاصرة من حيث التحليل الحجاجي للخطاب وبناء السلم الحجاجي، وغيرها من أوجه التكامل في تبادل الإفادة.

2)   الوظيفة التطبيقية: التنزيل

نقصد بهذه الوظيفة التطبيقية لعلم أصول الفقه المآل العملي لما تم إنجازه في الوظيفة النظرية السابقة، بناء على أن القصد الأصلي من الشريعة تنزيلها على المكلفين في مواقع الوجود،  وقد جرى استعمال مصطلح "التنزيل" على لسان أهل العلم قديما وحديثا بمعنى إيقاع الأحكام الشرعية على محالها وفق مراد الله بشرعه من خلقه، فقد قال ابن القيم: " والفقه تنزيل المشروع على الواقع "[30]، وعبر عنه الشاطبي على نحو أدق بقوله: " الدليل المأخوذ بقيد الوقوع معناه التنزيل على المناط المعين"[31]، ثم عبر عنه الشاطبي وهو يتحدث عن اجتهاد تحقيق المناط بصيغة الفعل بقوله: " ولو فرض ارتفاع هذا الاجتهاد لم تتنزل الأحكام الشرعية على أفعال المكلفين إلا في الذهن"[32].

ويتردد مصطلح التنزيل كذلك على لسان المعاصرين، حيث نجد عبد المجيد النجار يعبر عنه بقوله: " ونعني بالتنزيل صيرورة الحقيقة الدينية التي وقع تمثلها في مرحلة الفهم إلى نمط عملي تجري عليه حياة الإنسان في الواقع"[33].

وفي موضوع تنزيل الأحكام يتوقف النظر الأصولي على الدرس التاريخي في بيان التطور التاريخي والتحولات والتغيرات الحاصلة في المناط في أبعاده الأربعة زمانا ومكانا وحالا وأشخاصا، لندرك الفوارق التاريخية بين المناطات التي بنى عليها علماؤنا السابقون أحكام فتاواهم ومواقفهم، وبين المناطات المعاصرة التي تقتضي أحكاما تختلف بحسب خصوصياتها في الزمان والمكان وحسب أحوال الناس، كما قد يتوقف في الوقت نفسه على المنهج النفسي إذا تعلق الأمر بتفسير سلوك الإنسان وقصوده ووسعه النفسي.

ومن المناهج الحيوية للعلوم الاجتماعية التي تلبي حاجة علم أصول الفقه منهج وأساليب وطرق علم الإحصاء في قضايا أصولية حيوية منها بحث أوجه تحقق المصلحة والمفسدة في الواقع الاجتماعي خصوصا حين تختلط أوجه الصلاح بأوجه الفساد في الحالة الواحدة، فلا ينفع حينها إلا اعتماد منهج الإحصاء لرصد وتتبع النسب الرياضية والمبيانية للفساد والصلاح، ليقرر بناء على النسبة الراجحة الإقدام أو الإحجام.

كما يمكن أن تعين تلك المناهج علم أصول الفقه في وظيفته التنزيلية في رصد الآثار الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للمصلحة والمفسدة معا، وبيان مداها الزماني للتمييز بين المصلحة أو المفسدة الاستراتيجية وبين القاصرة العابرة.

وعموما فإن تنزيل أحكام الشريعة على مناطاتها متوقف ابتداء على دراسة تلك المناطات لتبين حقيقة أحوالها ومآلاتها، ولا تتم تلك الدراسة إلا بالمناهج العلمية المعتمدة التي تتأتى بها دراسة المناطات.

والحمد لله رب العالمين

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* محماد بن محمد رفيع: جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس/المغرب. رئيس المركز العلمي للنظر المقاصدي في القضايا المعاصرة. عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

 



[1] - ينظر الغزالي، أبو حامد. جواهر القرآن ودرره، بيروت: دار الجيل، 1988م، ص26.

[2] - ينظر ابن رشد، أبو الوليد الحفيد. فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، تحقيق محمد عابد الجابري، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1997م، ص85.

[3] - الغزالي، أبو حامد، جواهر القرآن ودرره ص26-27.

[4] - الغزالي، أبو حامد. إحياء علوم الدين، بيروت: دار الكتب العلمية، طبعة1/1986م، 1/65.

[5] - صيد الخاطر تحقيق عبد القادر أحمد عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، طبعة 1/1992م، ص448

[6] - اليوسي، الحسن. القانون في أحكام العلم وأحكام العالم وأحكام المتعلم، تحقيق وشرح حميد حماني، الرباط: مطبعة سالمة، 1998م، ص385

[7]  ابن رشد، فصـل المقـال فيمــا بين الحكمـة والشـريعـة من اتصال, دراسة وتحقيق: محمد عمار، دار المعارف، الطبعة الثانية، ص67

[8] - ابن تيمية، أحمد. درء تعارض العقل والنقل، تحقيق محمد رشاد سالم، الرياض: جامعة الملك محمد بن سعود، 1979م، 1/147.

[9]  - محمد رشيد بن علي رضا، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) ، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 9/554.

[10] - C. P. Snow, The Two Cultures, London: Cambridge University Press, 2015.

[11]-  يصف هذا التنافر في المصدر السابق بقوله: " the arts or humanities on one hand and the sciences on the other"

[13] - ينظر شوربا، زينب إبراهيم. الابستمولوجيا دراسة تحليلية لنظرية العلم في التراث، بيروت: دار الهادي، طبعة1/2004م، ص7.

[14]- يمكن أن نذكر هنا الدراسة المميزة لعبد المجيد الصغيير في الموضوع في كتابه: الفكر الأصولي وإشكالية السّلطة العلمية: فراءة في نشأة علم الأصول ومقاصد الشريعة، بيروت: دار المنتخب العربي,1994م.

 

[15] - ينظر على سبيل المثال لا الحصر: الزركشي، بدر الدين. البحر المحيط في أصول الفقه، وزارة الأوقاف الكويتية، طبعة2/1992م، 1/242، والسبكيان، علي وولده تاج الدين. الإبهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي، بيروت: دار الكتب العلمية، طبعة1/1984م، 1/100.

[16]- ابن رشد، بداية المجتهد، 1/51. وقريب من هذا ما قاله القاضي عياض في مسألة الماء المشمس "والحق أن التجربة إذا قضت بضرر استعماله؛ فالقول بالكراهة ظاهر، وإن لم يصح ما روي؛ لما علم شرعا من طلب الكف عما يضر عاجلا" (مواهب الجليل، الحطاب، 1/110).

[17])) الجويني، البرهان، 1/169

[18])) الجويني، المصدر السابق 1/43

[19])) الغزالي، المستصفى: 2/7

[20])) السبكي الإبهاج في شرح المنهاج، .1/7

[21] - ينظر الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم. الموافقات في أصول الشريعة، تحقيق عبد الله دراز، بيروت: دار الكتب العلمية، طبعة 3/2003م، 2/50.

[22] - الشاطبي، المصدر السابق، 2/51.

[23] - الشافعي، محمد بن إدريس. الرسالة، تحقيق أحمد شاكر، بيروت: دار الفكر، بدون تاريخ ولا رقم الطبعة، ص50.

[24] - ابن القيم، إعلام الموقعين، 3/119.

[25] - تنظر تفاصيل ذلك في الآمدي، علي بن محمد. الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق سيد الجميلي، بيروت: دار الكتاب العربي، طبعة2/1986م، 3/298، ورفيع، محماد. نظر مقاصدي في قضايا معاصرة، القاهرة: دار السلام، طبعة1/2020م، ص56.

[26] - ينظر الشاطبي، المصدر السابق، 2/82 فما بعدها.

[27] - ينظر الآمدي، علي بن محمد. الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق سيد الجميلي، بيروت: دار الكتاب العربي، طبعة2/1986م، 4/125.

[28] - ينظر الباجي، أبو الوليد سليمان. إحكام الفصول في أحكام الأصول، تحقيق عبد المجيد تركي، بيروت: دار الغرب الإسلامي، طبعة1/1986م، ص634.

[29]- ينظر على سبيل المثال:

- H.G.Gadamer, vérité et méthode : les grandes lignes d’une herméneutique philosophique, seuil 1996.

- Ricœur, Ecrits et conferences2, herméneutique, Seuil 2010.

[30] - ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، 5/203.

[31] - الشاطبي، الموافقات 3/58

[32] - الشاطبي، المصدر السابق 4/67.

[33] - عبد المجيد النجار، فقه التدين فهما وتنزيلا، ص127.


: الأوسمة


المرفقات

التالي
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع