البحث

التفاصيل

لماذا توقفت الحرب على غزة الآن؟

الرابط المختصر :

لماذا توقفت الحرب على غزة الآن؟

الكاتب: شيروان الشميراني

 

في 23/11/2023، وعلى هذه الصفحة، على الجزيرة نت، كتبت عن الطريق لوقف الحرب على غزة، وذكرت أن صمود القسام أو الضغط الأميركي هو ما يشكل الطريق الذي يمكنه وقف الاعتداءات الصهيونية على هذه الرقعة من الأرض، وفي 3/11/2024، كتبت تحت عنوان "لماذا لا تتوقف الحرب" بأن السبب الرئيس لاستمرار هذا الطغيان الإسرائيلي هو الولايات المتحدة الأميركية، لأن أركان الحكم فيها يكذبون فيما يقولون من بذل الجهد لوقفها؛ لأنهم لا يريدون، فهم الظهير الوحيد والداعم الصريح بلا شروط الذي بقي لتنياهو على المستوى العالمي.

"كان رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، يرد على أسئلة الصحفيين عن سبب عدم حصول الاتفاق، بأنه ينبغي للوسطاء أن يقولوا صراحة من المعرقل للتوصل إلى وقف الحرب، وكان يقصد الوسطاء جماعةً لأن إسرائيل هي الطرف الذي كان يرفض"

في مايو/ أيار ويوليو/ تموز من عام 2024، قدمت إدارة بايدن خطة مقترحة لوقف الحرب، قبلتها حماس في بيان رسمي، وساندتها دول العالم عبر إصدار قرار داعم من مجلس الأمن الدولي، لكن إسرائيل تعنتت ورفضت عبر إضافة ما يقرب من مئة ملاحظة عليها وتذويبها، لكن بدل أن يمارس وزير الخارجية أنتوني بلينكن الضغط الممكن على نتنياهو لقبولها، وأن يكفّ عن اللعب والخداع، رمى باللائمة على حماس، وقال ما كرره ممثل واشنطن في الأمم المتحدة، وكذلك وزير الدفاع أوستن، إن الكرة في ملعب حماس، وإن إسرائيل قبلت المقترح، وكانوا يكذبون جماعيًا.

ثم استمرت الشحنات العسكرية من الأسلحة المدمرة للعمران إلى إسرائيل لقتل الأطفال الفلسطينيين، ثم لتنهش الكلاب أجسادهم، وكانت الكلاب تمثل العالم المتحضر والإنسان الفلسطيني العالم الشرير، هذا هو الحكم الصحيح بعد أن تبدلت الموازين وأصبح عالمهم المتحضّر يرى من خلف رأسه، ويرتدّ على عقبيه، لهذا لم يتوقف العدوان، استمر في التخريب والتدمير، بموافقة أميركية.

كان رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، يرد على أسئلة الصحفيين عن سبب عدم حصول الاتفاق، بأنه ينبغي للوسطاء أن يقولوا صراحة من المعرقل للتوصل إلى وقف الحرب، وكان يقصد الوسطاء جماعةً؛ لأن إسرائيل هي الطرف الذي كان يرفض دومًا، وكان يؤكد على أن الحرب لن تتوقف لحين تحقيق أهدافها.

كان من الممكن أن تتوقف الحرب والدمار قبل ثمانية أشهر من الآن، كان من الممكن ذلك لو مارس بايدن القليل الجادّ من الضغط وليس الكثير حتى على الجانب الإسرائيلي، لكنه لم يفعل، كما لم تفعل نائبته هاريس

إذن لِمَ توقفت الآن؟ وما الذي تغيّر؟

وزير الخارجية القطري قال في مؤتمر الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل، إن ما لمسناه من موقف أميركي خلال الأيام الماضية كان كان داعمًا ومساندًا لحصول هذا الاتفاق، والجميع يعلم أن ممثل الرئيس المنتخب "دونالد ترامب" كان موجودًا في الدوحة، أي إن العامل المباشر هو تغيّر الموقف الأميركي، بعد أن صمدت المقاومة على الأرض، ولم ترفع الراية البيضاء كما كان يريد نتنياهو، بل عادت العمليات في الأماكن التي كان الاحتلال يقول إنه قضى على كل عنصر مقاوم فيها، واشنطن هي التي تغيرت، ومن ثم غيرت مجرى الأحداث لصالح السلام.

من أجل حفظ ما تبقى لديه من ماء الوجه الداكن، ومتخلفًا عن ترامب في الإعلان عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ظهر وخلفه المرشحة والنائبة الخاسرة "كامالا هاريس" والوزير المتواطئ "أنتوني بلينكن" ليقول إنها فكرته التي قدمها في مايو/ أيار الماضي.

هذا كلام صحيح، فإن بنود الملحق رقم "1" المنشور مع الاتفاق المتضمن للترتيبات على الأرض خلال الفترة المقبلة، يعود بعضها إلى التأكيد على إجراءات تمت الموافقة عليها في يوليو/ تموز 2024، لكن لو كان مريدًا لوقف الحرب لماذا لم تتوقف حين تقديمه لذلك المقترح؟

كان من الممكن أن تتوقف الحرب والدمار والقتل قبل ثمانية أشهر من الآن، كان من الممكن ذلك لو مارس بايدن القليل الجادّ من الضغط وليس الكثير حتى على الجانب الإسرائيلي، لكنه لم يفعل، كما لم تفعل نائبته كامالا هاريس. هذا عن العامل الأول من التغيير في الموقف الأميركي حيال الحرب.

إن كان من كلمة فلا بدّ أن تكون من أجل قطر، دولة وشعبًا، هذه الدولة بأميرها مما يجدر أن يفختر به كل إنسان مسلم له من الضمير الحي نسبة ولو كانت قليلة، قطر التي تصرفت بمطلق مسؤوليتها الدينية والإنسانية تجاه غزة، لولاها -بعد الله سبحانه – لما كانت الأمور تجري بهذا الشكل

أما العامل الثاني، فهو عامل تثبيت الله- سبحانه وتعالى – للمقاومة على الأرض، وتثبيت الله -سبحانه وتعالى – لأهل غزة، فلو أنه -لا سمح الله – انكسرت القسام ورجالها، لكان الواقع الآن مختلفًا عما نراه، وكانت طبول الحرب تدق في أماكن أخرى من الشرق الأوسط، من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، لكن صلابة هؤلاء الذين يخجل الإنسان أمام قوة صبرهم وكمال توكلهم على الله، هؤلاء الذين تربوا على أن من وجوه التقرب إلى الله التضحية في سبيله، أفشلت الكثير مما كان يعج به الإعلام العبري، ومن تخيلات الكتاب والأكاديميين الإسرائيليين عن مستقبل حماس، وغزة بأرضها وأهلها، وعن مستقبل الضفة الغربية الواقعة تحت السلطة المتعاونة معهم.

 * كانوا يقولون إنها النكبة الثانية للفلسطينيين بعد الأولى في 1948، وبالتالي على سكان غزة النزوح الطوعي أو الخضوع للتهجير القسري إلى مصر أو الأردن، ولم يحصل، وكل من يتحدث مع أهل غزة حتى تحت النيران يلحظ أن حبلًا منسوجًا من الحبّ يربط بينهم وبين الأرض.

* تحدثوا عن استسلام حماس وضربها وتحطيم كامل بناها، بحيث تكون جزءًا من التاريخ، أو يختارون بلدًا يهجّرون إليه بعد أن يرفعوا راية الهزيمة والانكسار، لكن الذي يعلم عن تكوين حماس يعلم أن الانكسار مصطلح لا يعرفونه إلا عند اقترانه بالاحتلال.

* تحرير الأسرى عبر القوة العسكرية لم يحصل، وكان التأكيد على أن نتنياهو لن يرى أسيرًا إلا عبر مفاوضات غير مباشرة، وبالثمن الذي تحدده المقاومة الفلسطينية في غزة، وهذا ما حصل.

* تحدثوا عن تحويل غزة إلى ساحة لوقوف السيارات بعد طرد أهلها وهدم بنيتها وبناء المستوطنات فيها.. في هذا الجانب ربما دمروا وهدّموا بالآلة الحربية الأميركية المهداة والمجانية، لكن الجانب الآخر من طرد السكان وبناء المستوطنات لم يحدث، الذي يحدث الآن هو الخروج والانسحاب من كامل قطاع غزة، والجيش يبحث عن تموضع لواءين في غلاف غزة بعد أن كان لواءً واحدًا قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. بكلمة أخرى، إنهم يشعرون بعدم الأمان على أرواحهم أكثر من قبل، وأن الخوف من القسام أكثر مما كان قبل طوفان الأقصى، فهم لم يعيدوا الأمن إلى المناطق المحتلة كما وعدوا المستوطنين.

لهذا توقفت الحرب، وإن كان من كلمة فلا بدّ أن تكون من أجل قطر، دولة وشعبًا، هذه الدولة بأميرها مما يجدر أن يفختر به كل إنسان مسلم له من الضمير الحي نسبة ولو كانت قليلة، قطر التي تصرفت بمطلق مسؤوليتها الدينية والإنسانية تجاه غزة، لولاها -بعد الله سبحانه – لما كانت الأمور تجري بهذا الشكل، قطر كانت في خضم المعركة بكل قواها، ومثلت الجانب الخيّر المسؤول في هذه الحرب المدمرة والظالمة طيلة خمسة عشر شهرًا.

 

ـــــــــــــــــــــــــ

* شيروان الشميراني عضو المكتب التنفيذي للمنتدى العالمي للوسطية. كاتب. كردستان/العراق.

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


: الأوسمة


المرفقات

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع