ترامب والمآسي
في غزة
بقلم: أ.د.
علي محيي الدين القره داغي
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين
كنا نتوقَع أن قلب (ترامب) تأثر بالرحمة بعد كل المآسي
التي شهدها والعالم في غزة.
يظهر من التصرفات القرارت التي أصدرها الرئيس الأمريكي
ترامب أنه تجاوز "بايدن" في دعمه للاحتلال، فأصدر قراراً تنفيذياً
بالسماح للقنابل التي وزنها طن إلى دولة الاحتلال، وبتهجير كل طالب يؤيد (حماس)
ثم محاولته لتهجير أهلنا بغزة – الذين صبروا صبراً فاق
شموخ الجبال والرجال – إلى مصر، والاردن، حيث نالت هذه المحاولة التأييد الكبير
والإعجاب العظيم من قبل اليمين الصهيوني المتشدد (سموتريتش وجماعته)
حقيقة كان كثير من الناس يتوقعون أن قلب
"ترامب" دخل فيه جزء من الرحمة الإنسانية نحو النساء والأطفال والمرضى
والشيوخ الذين قتل منهم بعشرات الآلاف، ولم يذق بقيتهم طعم الراحة طوال أكثر من 15 شهراً، ودمروا
بيوتهم، ومساجدهم، وكنائسهم، ومستشفياتهم، بل دمر الاحتلال كل شيء.
سبحان الله لم ير هؤلاء اليمينيون كل هذه المآسي، بل
وقفوا مع الظلم والتدمير؟! فهل قلوبهم كالحجارة؟
أجاب الله عن ذلك فقال تعالى (ثُمَّ
قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ
قَسْوَةً ۚ وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ
وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ ۚ وَإِنَّ مِنْهَا
لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا
تَعْمَلُونَ (البقرة74” "
ولذلك طالبت القسيسة "بودي"(بكاتدرائية واشنطن
الوطنية) يوم 2020/1/22 م ترامب بالرحمة،
فقالت: " باسم إلهنا أطلب منك أن ترحم الناس في بلدنا الذين يشعرون بالخوف الآن...!
وردّ عليهم ترامب في اليوم التالي واتهمها بأنها متطرفة، غير مهذّبة للغاية.
وأياما كان فقد كان لترامب تجربة سيئة في رئاسته الأولى
حيث طرح فكرة "صفقة القرن" التي اشتهرت بـ:(صفعَة القرن) وفشلت، ولم
تحقق نتائجها المرجوة له.
ونحن مع جميع المنصفين الواعين مقتنعون بفشل محاولة تهجير
أهلنا بغزة، فهؤلاء الابطال سطروا أروع مثال في التضحية والفداء والصبر والمصابرة،
وتحمل المعاناة والايذاء طوال خمسة عشر شهراً، فهل يقبلون بترك بلادهم، وهم يعلمون
علم اليقين وعين اليقين انهم لو هجروا لما عادوا كما حدث لإخوانهم في فلسطين منذ
عام 1948 م.
كما اننا على يقين بأن مصر العزيزة، والأردن الشريفة لا
يمكن أن تقبلا بهذا المقترح الخطير الذي لو نفذ ستكون الخطوة اللاحقة تهجير أهل
الضفة إلى الأردن.
ومن هنا أطالب الدول العربية والإسلامية أن تقف مع إخوانهم
في غزة، ومصر والأردن في الرفض المطلق، وأن نضغط على ترامب بعدم المضي بهذه المحاولة.
فهذا واجب الوقت وفريضة شرعية لا يجوز التساهل فيها، كما أنه ضرورة قومية ومصلحة
استراتيجية لا يجوز التخلي عنها.
وكذلك يجب على الدول العربية والإسلامية أن تطالب الأمم
المتحدة والمنظمات الحقوقية والدولية بالوقوف ضد تهجير شعب، او بلد الذي يعد
مخالفاً لجميع الشرائع السماوية والقوانين الدولية والأخلاقية، والإنسانية.
والله المستعان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد
العالمي لعلماء المسلمين.