البحث

التفاصيل

دروس مستفادة من جهاد غزة (2)

الرابط المختصر :

دروس مستفادة من جهاد غزة (2)

بقلم: عبدالله الخديري

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى صحابته أجمعين وبعد.

ذكرنا في الجزء الأول ثلاثين درساً وفوائد مستفادة من جهاد غزة المسمى طوفان الأقصى، وفي الجزء الثاني منه نذكر بقية الدروس والعبر والفوائد المستفادة على شكل عناوين كما أسلفنا؛ لتكون عوناً للباحثين والمهتمين من طلاب العلم والكتاب وغيرهم؛ لأن كل عنوان من هذه العناوين يصلح لأن يكون بحثاً أو مطلباً بحسب حال الباحث وحاجته.

فنقول وبالله التوفيق إنّ هناك دروساً وفوائد منها:

1- الإعداد والتخطيط والتوقيت المناسب جعلهم يخترقون إحدى أكبر منظومة أمنية عسكرية تكنولوجية على مستوى العالم في السابع من أكتوبر، وهنا تكمن عظمة الغزاويين وصبرهم، رغم الفارق الكبير في الإمكانات المادية بين الفريقين.

2- المواقف الثابتة والراسخة والأبدية للشعب اليمني الأصيل، رغم الظروف السياسية والاقتصادية التي يعيشها، إلا أنها لم تمنعه عن مواصلة المساندة والدفاع عن القدس وفلسطين عموماً منذ عقود من الزمن، وهي مسألة إجماع لدى يمن الإيمان والفقه والحكمة، كيف لا وهم الأنصار والمدد والعون للشام، وهذه حتمية المؤاخاة بين اليمن والشام والبركة فيهما، كما جاء في الحديث الصحيح الصريح: "اللهم بارك لنا في شامنا، ويمننا".

لقد سطر اليمنيون أروع البطولات التي أذهلت العالم، وجعلت الكيان في حيرة من أمره.

3- إن الصهاينة لم ينتقموا إلا من المدنيين في الغالب منهم، وهذا سبب جبنهم وخورهم وخوفهم من المجاهدين.

4- [..فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ..] لقد خسر الصهاينة ما لم يخسروه منذ عقود طويلة من قتل وتهجير وضرب الاقتصاد الوطني وهروب عشرات الشركات العالمية؛ لكن الفرق [..وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ..].

5- العزة والكرامة والأنفة للمجاهدين وأهل غزة عموما، حيث لم يستسلموا رغم الجراح والكيد والمكر الكبار.

6- التذمر والإحباط واليأس والاستسلام لا يصنع نصراً، ولا يبني أمة.

7- رغم التخذيل وشيطنة المجاهدين والطعن فيهم من العلمانيين والمنافقين [..بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ..] كما قال ربنا تعالى، وتحريض الناس عليهم، إلا أن الله تعالى كتب لهم النصر المؤزر ودحر عدوهم صاغرين، وكبت لسان المتربصين [..وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ].

8- إن الخذلان من الداخل أشد فتكاً من العدو المتربص، وهذا ظاهر في السلطة المتماهية مع العدو الصهيوني والمستمرة بالتنسيق الأمني في كل الظروف سلماً وحربا.

9- حسن أخلاق المجاهدين مع الأسرى وحسن معاملتهم والحفاظ عليهم، رغم قسوة الحرب وشدتها وضراوتها دليل على عظمتهم.

10- خروج كثير من أسرى غزة، وكل فلسطين هو أحد ثمار الطوفان ولله الحمد.

11- إن المجاهدين، بل وكل فلسطيني في الداخل هو خط الدفاع الأول عن هذه الأمة الضعيفة، فعلى أيديهم تحطمت أطماع الاحتلال الصهيوني بالتوسع، واهتزت هيبته، وكسرت شوكته، وقتل منهم الكثير.

12- إن طول المعركة عــرَّف وذكَّر كثيراً بالقضية الفلسطينية العالم كله بعد أن كادت تدرس وتنسى فاعترفت على أثرها دول غربية كثيرة بفلسطين كدولة ذات شرعية.

13- فضح ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين فيما يتعلق بفلسطين والقدس من قبل بعض الدول والمنظمات الغربية.

14- انتهاء الحرب وعودة النازحين إلى مقامهم في شمال غزة؛ تؤكد صمود الشعب الفلسطيني وتطلعاته للحياة الكريمة العادلة دفع بموجبها النفس والمال وكل ما يملك، وأفشل المخطط الصهيوني للتهجير.

15- خذلان الموقف العربي الرسمي لقضيتهم الأهم يؤكد أن طريق الجهاد لا يسلكه إلا أهله المؤمنون بقضيتهم، وإن أي رهان على مثل المواقف البائسة إنما هي مضيعة للوقت، وتجني الوبال للقضية الفلسطينية العادلة.

16- إن حرب غزة فضحت وكشفت وعرت وحشية وجرائم الاحتلال التي تجاوزت كل الشرائع السماوية والقيود والخطوط والأعراف الدولية، دمرت كل شي (المسجد، البيت، المدرسة، المشفى، الجامعة، الطريق، المباني الحكومية، …الخ)

وصدق الله القائل (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة [..قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ..]، فرد الله عليهم، وفضحهم [..وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ].

17- إنه كان بالإمكان تحرير كل فلسطين لو توفرت الإدارة والإرادة معاً من كل أبناء فلسطين دون استثناء، لو توحدوا جميعاً وساندهم المسلمون؛ لكانت الكلفة أقل بكثير جداً؛ مما حصل منذ عقود وحتى الآن.

على تفصيل في الكيف، والكم، وقتاً، ومكانا.

18- [قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ]، من طرق الباب مرات يوشك أن يفتح له [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ].

19- شعب فلسطين عظيم صابر محتسب، خصوصاً أهل غزة، فلولا صبرهم وتضحياتهم لما نجحوا جميعا.

20- موقف مشيخة الأزهر الشريف مشرف وقوي من بداية الحرب حتى وضعت أوزارها، وهو يمثل بهذا الموقف الشجاع كل المسلمين وأحرار العالم.

21- الندية في التعامل -رغم فارق الإمكانات- والتفاوض ووضع الشروط حقق مطالبهم، وقد تم لهم ما أرادوا من خروج الأسرى المنصوص عليهم، وانسحاب الاحتلال من غزة، ودخول المساعدات، واحتمالية إعادة الإعمار كان ولا شك عبر وسطاء الدولة المصرية والقطرية وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الشاهد هنا صمودهم، وثباتهم، واعتزازهم بنضالهم، وجهادهم.

22- تشبث الفلسطينيين بالأرض ورفض التهجير القسري، حتى إنهم نصبوا الخيام على بيوتهم المدمرة، ورغم ما عاونوا من التنكيل والقتل وإرهاب الدولة الممنهج؛ لهو خير دليل على فضح أكذوبة الأسطوانة المتهالكة التي تقول بأنهم باعوا أرضهم، أو تنازلوا عنها.

23- الرضا والتسليم بالقضاء والقدر - وهو أحد أهم أركان الإيمان - أبرز سمة بارزة في الغزيين من حيث الجملة، فلا جزع ولا تسخط ولا إحباط ولا يأس فيما هم فيه؛ بل نجد الابتسامة في معظم الأحيان، وهذا دليل إيمان صادق ويقين ثابت بما عند الله تعالى وما أعده للصابرين.

شعب صامد صابر لا ينحني ولا ينكسر لغير الله، إرادته كالجبال الرواسي تتكسر عليها أضغاث أحلام المحتل وأذياله في كل مرة.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى صحابته أجمعين.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* د. م. عبدالله بن محمد عبدالله الخديري؛ عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عضو هيئة علماء اليمــــن، أستاذ الفقه والقضايا المعاصرة.

* ملحوظة: جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


: الأوسمة


المرفقات

التالي
الدكتور علي الصلابي: تعيين أحمد الشرع خطوة مهمة نحو بناء سوريا جديدة واستعادة أمنها واستقرارها..
السابق
حركة المقاومة الإسلامية تودع 16 من قادتها الشهداء وتؤكد: المقاومة مستمرة حتى التحرير

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع