السلطات الهندية تصادر كتب
المودودي في كشمير: حملة ضد الحريات الفكرية والدينية
في صباح 15 فبراير/شباط 2025، شنت الشرطة
الهندية حملات مداهمة للمكتبات في المناطق الخاضعة لسيطرة الهند في إقليم كشمير، وقامت
بمصادرة مئات النسخ من كتب العالم الإسلامي الشهير أبو الأعلى المودودي، مؤسس
الجماعة الإسلامية في الهند وباكستان.
هذه الحملة أثارت موجة من الغضب بين العلماء
والمثقفين المسلمين، إضافة إلى جماعات حقوق الإنسان، الذين اعتبروا أن هذه الخطوة
تشكل تهديدًا مقلقًا للحريات الدينية والفكرية.
تُعد هذه الحملة حلقة جديدة في سلسلة من
الإجراءات التي تستهدف إرث المودودي في كشمير.
ففي عام 2019، حظرت الحكومة الهندية "الجماعة
الإسلامية" التي أسسها المودودي عام 1941، استنادًا إلى قانون منع الأنشطة
غير القانونية، حيث تم اتهام الجماعة بالارتباط بأنشطة انفصالية، وهو الاتهام الذي
نفت الجماعة مرارًا صحته.
بعد مرور خمس سنوات على حظر الجماعة، قررت
الحكومة الهندية الآن ملاحقة كتب مؤسسها، ومنع تداولها العام.
وقال عالم إسلامي مقيم في كشمير، طالبًا
عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام الحكومي: "الحكومة لا تحظر منظمة فحسب،
بل تسعى إلى محو أيديولوجية كاملة، إنهم يهدفون إلى السيطرة على ما نقرأه ونفكر فيه
ونؤمن به، هذه ليست مسألة قانون ونظام، بل قمع فكري".
الحملة على كتب المودودي أثارت العديد من
الأسئلة، إذ كانت أعماله متاحة في كشمير لعقود دون مصادرة.
وتساءل المحللون السياسيون عن دوافع الحكومة
الهندية وراء هذه الخطوة، واعتبر بعضهم أن الأمر جزء من استراتيجية أوسع لتغيير المشهد
الفكري والديني في الإقليم، خاصة بعد إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي عام 2019،
التي كانت تضمن الاستقلال الذاتي لإقليم كشمير.
وفي السياق نفسه، قال معلق سياسي مقيم في
دلهي، طالبًا عدم الكشف عن هويته: "هذه محاولة لمحو الهوية الإسلامية الكشميرية
بشكل تدريجي؛ أولًا تم حظر الجماعة الإسلامية، ثم استهدفت الحكومة المساجد والجمعيات
الخيرية المرتبطة بها، والآن تلاحق الكتب".
من جانبهم، عبر بائعو الكتب عن قلقهم، حيث
عبر بعضهم عن خوفه من اتخاذ السلطات إجراءات أكثر تشددًا ضد الكتب الدينية.
وقال أحدهم: "دخلت الشرطة دون إشعار
مسبق، وفحصت الأرفف، وصادرت كل ما اعتبرته غير مناسب، دون تقديم أي أمر قانوني أو إيصالات
للمصادرات، بدأ الأمر وكأنها غارة إجرامية".
وأضاف آخر: "إذا كان بإمكانهم حظر
كتب المودودي اليوم، فما الذي يمنعهم من حظر أعمال سيد قطب أو ابن تيمية أو غيرهم من
العلماء غدًا؟".
في ذات السياق، حذر العديد من العلماء المسلمين
في كشمير من خطورة هذه الخطوة، مؤكدين أن حظر الكتب لا يعد حلًا لمكافحة التطرف، بل
يؤدي إلى نشر القمع الفكري.
وأشار أستاذ للدراسات الإسلامية في جامعة
كشمير إلى أن "الحكومات لا يمكنها محو الأفكار بحظر الكتب، بل على العكس، فإن
مثل هذه الإجراءات تجعل الناس أكثر فضولًا بشأن المواد المحظورة".
من جانب آخر، أعرب خبراء قانونيون عن مخاوفهم
من الطبيعة التعسفية لهذه الحملة، حيث لم يتم إصدار إعلان رسمي يصنف كتب المودودي ضمن
المواد غير القانونية، مما يثير تساؤلات حول مدى شفافيتها.
وأشار محامٍ حقوقي في مدينة سريناغار إلى
أنه "إذا تم حظر كتب معينة، فيجب أن يتم ذلك عبر عملية قانونية واضحة وحكم قضائي،
لكن ما يحدث هو مصادرة بالقوة دون أي إشعار قانوني أو شفافية".
وأدان العديد من قادة الجماعة الإسلامية
في كشمير مصادرة الكتب، ووصفوا الإجراءات بأنها "غير عادلة وغير دستورية"
مؤكدين أن الكتب المصادرة كانت "منشورة بشكل قانوني" في دلهي.
كما وصف عمر فاروق، كبير رجال الدين في
كشمير، هذه الحملة بأنها "مستهجنة وسخيفة"، مؤكدًا أن حظر الكتب يساهم في
زيادة شعبيتها بدلًا من محاربتها.
هذه الحملة ضد كتب المودودي تثير تساؤلات
أعمق حول حرية الفكر والتعبير في كشمير، وتعكس توترًا متزايدًا في الإقليم الذي يشهد
تحولات سياسية ودينية كبرى.
المصدر: الجزيرة مباشر