البحث

التفاصيل

رمضان وضبط الموازين

الرابط المختصر :

رمضان وضبط الموازين

بقلم: د. فهمي إسلام جيوانتو

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

لقد جاء رمضان.. وجاءت تلك المناسبة الكبرى والموسم العظيم الذي ضبط الله به تلك التوازنات الضرورية التي يحتاج الإنسان في حياته. فليس الصيام مجرد امتناع عن الأكل والشرب والمفطرات، بل عملية ضبط شاملة لكي يرجع الإنسان إلى حالة الاتزان. فكما أمر الله الصائم بالتوقف عن الأكل والشرب من الفجر إلى الغروب، أمره الله تعالى أيضا بالأكل والشرب بعد الغروب إلى الفجر، قال تعالى: ﴿‌وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ [البقرة: 187].

فهذا ضبط التوقيت في الأكل والشرب، بالإضافة إلى ضبط الكمية في قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا ‌وَلَا ‌تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31]، وكما جاء مفصلا في الحديث حيث قال رسول الهدى عليه الصلاة والسلام: "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان فاعلا لا محالة، فثلث طعام، وثلث شراب، وثلث لنفَسه". [رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح].

والإنسان بحاجة إلى هذا الضبط في كل شؤونه، فإن له ميلا إلى الطغيان وتجاوز الحدود، قال تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ ‌لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾ [العلق: 6-7].

وضبط الأكل والشرب مقدمة لضبط بقية شؤون حياته، فالإسراف في الأكل والشرب مدعاة للإسراف في بقية الأمور. والتقوى المقصودة في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ ‌الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183] هي حالة الاتزان حيث لا يميل الإنسان إلى تجاوز حدود الله وحالة التيقظ والحذر من الوقوع فيها.

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَبْلُغُ العَبْدُ أن يكونَ مِنَ المتَّقينَ، حتى ‌يَدعَ ‌ما لا بأسَ بِه، حَذَراً لما ‌بِهِ ‌بَأْسٌ" [رواه الترمذي والحاكم وصححاه].

وبهذا نفهم قول الله تعالى في آخر آيات الصوم: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا، ‌كَذَلِكَ ‌يُبَيِّنُ ‌اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 187].

ويتبين بهذا أن التقوى هي حالة الانضباط والتوازن المطلوبة من الصوم، وهي حالة مطلوبة التحقيق في كل الأحوال، فمن لم يوصل صومه إلى هذه الحالة لم ينفعه صومه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَدَعْ ‌قَوْلَ ‌الزُّورِ ‌وَالْعَمَلَ ‌بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشرابه" [رواه البخاري].

فالصوم عملية ضبط كبيرة تحقق التوازن بين بين المادة والروح، وبين الإقدام والإحجام، وبين مصلحتي الدنيا والآخرة.

وفقنا الله وإياكم لحسن الصيام والقيام، ورزقنا التقوى والتوفيق والغفران.

 

#سلسلة_فوائد_رمضانية_1446هـ


: الأوسمة


المرفقات

التالي
ألمانية تعلن إسلامها في المسجد الأقصى وتعبر عن سعادتها باللحظة التاريخية
السابق
رئيس الاتحاد يناقش في "الخيمة الخضراء" تحديات الأمة وسبل نهضتها المستقبلية

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع