البحث

التفاصيل

المرأة المسلمة وتربية الأجيال على الأخلاق والقيم

الرابط المختصر :

المرأة المسلمة وتربية الأجيال على الأخلاق والقيم

بقـلم: د. أحمد الإدريسي

عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى ءاله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إن تربية الأجيال على القيم هي العنصر الأساس لتحقيق الاستقرار الأسري وتماسك مكونات المجتمع، وتعتمد بشكل كبير على القيم والأخلاق الحميدة التي تغرس في نفوس وعقول ووجدان الأجيال، ولا بد أن يكون القرآن الكريم هو محور العملية التربوية خاصة في السنوات الأولى للطفل.

وللمرأة المسلمة دور أساس في غرس هذه القيم والمبادئ الأخلاقية في نفوس الأجيال؛ فهي التي تعلمهم التمييز بين الصواب والخطأ، وتوجههم نحو التصرفات السليمة التي تتماشى مع القيم الاجتماعية، ومع تعاليم ديننا الحنيف. والأم هي قدوة أبنائها في التصرفات الأخلاقية، فهي من تُظهر لهم كيفية التعامل مع الآخرين بصدق وأمانة، واحترام ومسؤولية.

أولا: المرأة المسلمة ومنظومة القيم.

إذا كانت الأسرة هي الحجر الأساس لبناء شخصية الطفل، حيث يتعلم داخل الأسرة القيم والمعايير والسلوكيات الاجتماعية، فإن المرأة هي التي تُساعد الطفل على فهم القيم والمعايير الاجتماعية، كالصدق والاحترام والمسؤولية، وتعينه على تشكيل سلوكه وبناء شخصيته. فالمرأة تسعى لغرس القيم والأخلاق الاجتماعية، والمعرفية، والشخصية، والاقتصادية بين أفرد الأسرة والمجتع، ومنها؛ توقير الكبير واحترام الصغير، والتعاون، والمشاركة، وتحمّل المسؤولية.

وهي التي تعلم الأطفال مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والإبداع وزيادة ثقتهم بأنفسهم وشعورهم بالاستقلالية بشكل إيجابي، وكيف يتعامل مع المحيط العام الذي يؤثر في تربية الأبناء بدأ من الأقران كالأصدقاء والأقارب والأقران في المدرسة، وفي عالم مواقع التواصل الاجتماعي، والألعاب الإلكترونية الجماعية التي يتواصل فيها أبناؤنا مع أطياف مختلفة، والتي تخدر حواسهم وتعزلهم عن محيطهم.

لذلك يجب أن يحرص كل من الأب والأم على تعزيز جانب القدوة الحسنة والنصح والإرشاد، وتعزيز الرقابة الذاتية لدى الأطفال. ووضع قيود على ممارسة الألعاب والتوعية بأهميتها وخطورتها، والتحكم بالمواقع الضارة بعقولهم، واستخدام السلطة الأبوية.

كما تحتاج المرأة المسلمة إلى أساليب وطرق جديدة تتبعها لتحمي أطفالها بطريقة تتناسب تقدمهم ومعرفتهم دون الحاجة لقمعهم أو حرمانهم، كل ذلك مع الاستفادة من مصادر المعرفة وطرح أساليب تربوية حديثة، ولكن أساسها القرآن والسنة، وتربية أطفالها بطريقة تتناسب مع التقدم والحداثة الحاصلة.

ثانيا: دور المرأة في بناء الروابط العائلية والنسيج الاجتماعي.

تساهم المرأة أساسا في بناء المجتمعات وتشكيل هويتها، من خلال دورها في تنشئة الأجيال وتحقيق التماسك المجتمعي والاستقرار الأسري، وغرس القيم والأخلاق الحميدة، لتربية النشء على القيم التي تساهم في بناء روابط عائلية قوية والحفاظ على النسيج الاجتماعي، كما تعمل على تنشئة جيل واع يُحافظ على هويته، خاصة مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وتغيُّر ديناميكيات التربية وتحدياتها، ومن ذلك:

- أن يكون القرآن الكريم هو محور العملية التربوية، وأساسها، والموجه والإسوة الحسنة هو نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.

- طاعة الوالدين واحترام شخصيات السلطة الرحيمة في الأسرة.

- تكريم كبار السن وإظهار الاعتبار للآخرين.

- تعلُّم الانضباط، وغرس قيم العمل الجاد والمثابرة، وتعزيز أخلاقيات العمل القوية والمرونة في مواجهة التحديات.

- التربية على الصدق واللطف والتواضع.

- تعليم الأطفال أهمية المساهمة في رفاهية الأسرة والمجتمع.

- قد تعمل وسائل التواصل الاجتماعي، على تشكيل احترام الأطفال لذواتهم وسلوكياتهم الاجتماعية، لكن تحتاج إلى مراقبة وتوجيه مستمر.

- يجب على الأسرة إيجاد توازن بين تبني التقدم التكنولوجي والحفاظ على القيم الأساسية للتواصل والانضباط والارتباط العاطفي، لأن الإفراط في استخدام الأجهزة قد يؤدي إلى إضعاف الروابط الأسرية، عندما يصبح الأطفال أكثر انخراطا في شاشاتهم على حساب المحادثات والانخراط في الأنشطة العائلية الهادفة.

ثالثا: دور المرأة في الأسرة.

الأسرة هي الخلية الأساسية في المجتمع، فـــــ"الأسرة معقل القيم، ومن خلالها بتم النقل الاجتماعي لذلك، وهي الوحدة الحضارية الأقوى.. وقد حاول فرعون تدمير الأسرة وإلغاء دورها ورسالتها والقضاء على إنتاجها ضمانا لاستمرار فساده، ولكنه أوتي من قبل الأسرة"[1]. ومن هنا يأتي دور المرأة داخل الأسرة في تكوينها وتوجيهها. إذ تتحمل المرأة مسؤوليات وأدوار عديدة في الأسرة، منها دورها كأم، وزوجة، ومدبرة شؤون المنزل، ومربية الأطفال. ونذكر من هذه المهام:

1- الدعم النفسي والعاطفي:

تُعتبر الزوجة مصدرا مهمًا للدعم العاطفي والنفسي لزوجها، خاصة في الأوقات الصعبة، وهي من توفر له الحافز والدافع لمواجهة التحديات، وهذه الأدوار تجعل العلاقة الزوجية أكثر تماسكًا وتزيد من فرص نجاحها.

2- بناء العلاقات الأسرية والاجتماعية:

إلى جانب أدوارها الرئيسية في الأسرة، تلعب المرأة المسلمة دورا مهما في تعزيز الروابط الأسرية مع الأقارب والأصدقاء. من خلال تنظيم المناسبات الاجتماعية، والزيارات العائلية، والحفاظ على العلاقات مع أفراد العائلة الممتدة، وبذلك تُـسهم بشكل كبير في تقوية النسيج الاجتماعي للأسرة المسلمة.

3- بناء مجتمع قوي:

لا يقتصر دور المرأة في بناء مجتمع قوي على الأسرة فقط، ولكنها تسهم أيضا في العمل التطوعي والمجتمعي، وتشارك في الأنشطة التي تهدف إلى تحصين المجتمع. سواء من خلال العمل الخيري أو تقديم الدعم للمحتاجين، فتكون المرأة عاملا رئيسيا في بناء مجتمع أكثر تماسكا يتعاون على البر والتقوى.

خاتمة:

إن أساس التربية السليمة للأبناء هو إيجاد أجواء الوئام والحب داخل الأسرة، وتيسير سبل أداء الطاعات والالتزام بها، وأن يكون هَمُّ الأبوين فضلا عن واجبات النفقة والكسوة؛ التربية على القيم، وبناء الوعي وتعزيز الثقة، وإيصال المعارف الدينية الأساسية تدريجيا مع مراعاة المراحل العمرية.

فإذا كانت الأسرة في الماضي تركز على تعليم الأبناء قيما أساسية مثل الاحترام والطاعة والعمل الجاد، مما أدى إلى تعزيز الروابط العائلية والمجتمعية، فقد تغيرت في زماننا ديناميكيات التربية وتحدياتها، بسبب التطورات التكنولوجية وتعدد وسائل التواصل الاجتماعي؛ مما يتطلب بذل جهودا أكثر من كل أفراد المجتمع، من أجل التوازن المطلوب بين تبني التقدم التكنولوجي والحفاظ على القيم الأساسية.

[رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا].

آمين، والحمد لله رب العالمين.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]- عمر حسنة التفكك الأسري والحلول المقترحة كتاب الأمة، عدد: 83. الصفحة: 15.


: الأوسمة


المرفقات

التالي
غداً الإثنين.. لجنة التزكية بالاتحاد ومنصة آفاق تنظمان محاضرة حول "سبل السلام في شهر الصيام"
السابق
مقاصد السياسة الشرعية وغاياتها

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع