شمس الأئمة، العالم النوراني، والمعلم الربَّاني، ناصر الحقِّ، ومرشد الخلق، وحيد دهره، وفريد عصره، شيخ الوسطية، إمام الدعاة.
كنا نعتبر هذه الكلمات من باب المبالغة في المدح، والإسراف في حبِّ المشايخ الكبار، ولكني - في الواقع - عذرتُ هؤلاء الذين وصفوا مشايخهم بما وصفوهم به، حين وجدتُ شيخي أهلا لأن يوصف بهذه الأوصاف، وأن تُكال له هذه المدائح، ذلكم هو (القرضاوي).
إنه (القرضاوي) صاحب الجهود في خدمة الإسلام في التأليف العلمي، والدعوة والتوجيه، والخطابة والمناظرة، والفقه والفتوى، والمؤتمرات والندوات، والأبحاث والمحاضرات، والمشاركة في عضوية المجالس والمؤسسات، والمجامع الفقهية.
إنه (القرضاوي) مؤلف ما يقرب من مائتي كتاب قصير ومتوسط وموسوعي، وهو الذي ألف كتابه (الحلال والحرام في الإسلام) وهو ابن (32) الثانية والثلاثين، منذ (56) ست وخمسين سنة، بتكليف من مشيخة الأزهر في عهد الشيخ شلتوت، وإدارة الثقافة بالأزهر الشريف، في عهد الدكتور محمد البهي، ليترجم إلى العديد من اللغات الأجنبية ليسد حاجة المسلمين في الدول الغربية، ومؤلف (فقه الزكاة)، الذي لم يؤلف في الإسلام مثله في موضوعه. كما قال العلامة محمد الغزالي. ومؤلف موسوعة (فقه الجهاد)، وصاحب المؤلفات الغزيرة التي شرقت وغربت في أنحاء العالم.
إنه (القرضاوي) الإنسان الهين اللين، الذي تسبق العبرة إلى عينيه إذا سمع أو رأى موقفا إنسانيا، رقيق القلب، قريب الدمعة، نقي السريرة، صافي الروح، حلو المعشر، كريم الخلق، باسم الثغر.
إنه (القرضاوي) الذي نوقشت عشرات الرسائل الجامعية، (ماجستير) و(دكتوراه)، حوله وحول فكره وفقهه ودعوته وإصلاحه وجهوده وأثره، في جامعات مصر، الأزهر، والقاهرة، وعين شمس وغيرها، وفي جامعات العالم، في العراق والمغرب واليمن ولبنان وباكستان والهند وماليزيا وأندونيسيا والصين وغيرها.
إنه (القرضاوي) التي تتسابق المجالس العلمية والمجامع الفقهية إلى دعوته لقبول عضويتها، وطلب مشاركته وإسهاماته.
إنه (القرضاوي) الذي أثنى عليه شيوخه وأقرانه قبل تلامذته، حسن البنا ومحمود شلتوت، ومحمد البهي، وعبد الحليم محمود، ومحمد الغزالي، وأبو الحسن الندوي، وأبو الأعلى المودودي، ومصطفي السباعي، ومصطفى الزرقا، وعلي الطنطاوي، ومحمد المبارك، وعمر الأميري، و معروف الدواليبي، وعبد العزيز بن باز ، وعبد الله بن عبد العزيز آل الشيخ، وعبد الله بن منيع، وعبد الله بن زيد آل محمود، وعبد الله الأنصاري، وعبد الله بن تركي، ونظام يعقوبي، وعبد الستار أبو غدة، وعبد الفتاح أبو غدة، ومحمد عوامة، وأديب صالح، وفيصل مولوي، ومحمد فتحي عثمان، ومحمد عمارة، وأحمد السعال، وطارق البشري، وفهمي هويدي... وغيرهم كثير.
إنه (القرضاوي) صاحب التضحيات في سبيل دينه ووطنه، سجن واعتقل وعذب في ريعان شبابه في عهد الملك فاروق في معتقل الطور، ثم في عهد عبد الناصر في السجن الحربي أكثر من مرة، ثم خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله وخدمته دينه.
بالأمس القريب، وضع اسمه وعدد من العلماء على قوائم المطلوبين للإنتربول الدولي، مع أسماء المجرمين الدوليين، فأين الإنتربول ممن قتل وجرح وحرق واغتصب وشرد، وأهلك الحرث والنسل، وخرب البلاد، وأذل العباد، ولفق التهم زورا وبهتانا، وقد فضحهم الله عيانا بيانا على رؤوس الأشهاد.
يستجيب الإنتربول لمطالبات القضاء الذي برأ أركان نظام مبارك واحد تلو الآخر، الذين نهبوا البلاد وأكثروا فيها الفساد، لمدة (30) ثلاثين سنة، وختمها بتبرئة حسني مبارك من تهمة التربح وبيع الغاز لإسرائيل، وقتل ألف نفس ظلما وعدوانا في وضح النهار!
بينما يحكم (القضاء المصري نفسه) على فتيات وشبان في عمر الزهور بالأحكام المشددة، لأنهم يحملون إشارة رابعة، أو صورة مرسي، أو عبارات الشرعية، ويحكم على (78) ثمانية وسبعين طفلا بالسجن المشدد لخمس أو عشر سنوات، ويحكم بإعدامات بالجملة على المئات تلو المئات من الناس، بدون أدلة، ولا مرافعة، ولا مناقشة في بضع دقائق. ولا يستمع هذا القضاء المفضوخ إلى صرخات المعذبين، وصيحات البريئات المغتصبات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قضاء طال نائبه العام تهم صريحة بالتزوير والتلاعب في القضايا والأدلة، كما في التسجيل المسرب، قضاء أصبحت أحكامه منتقدة من جميع المنظمات الحقوقية الدولية الشريفة، قضاء أثارت أحكامه السخرية في جميع أنحاء العالم.
هذا ليس قضاء عادلا، إنما هو قضاء محاكم التفتيش، وقضاء محكمة دنشواي، الذي يعدم الضحية، ويفرج عن الجاني، فهل تستجيب مؤسسة شريفة لمثل هذا القضاء؟!