الحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده، وبعد؛
فهكذا تتابع مشاهد إرهاب الدول لشعوبه متجسدة فيما أقدم عليه القضاة العسكري بمصر من إعدام ستة من الشباب المسلم في محاكمة هزلية، وإصدار أحكام بالإعدام على أكثر من مائة شخصية على رأسهم رئيس البلاد الشرعي !! والكثير من العلماء الأجلاء والدعاة الصالحين !!
وفي ظل مؤامرات داخلية وخارجية، وبالنظر إلى شدة الخطوب الملمة بالآمة في هذه المرحلة العصيبة من تاريخها المعاصر فإن الجهات العلمية الموقعة على هذا البيان للأمة يتقدمون بهذه النصيحة قياماً بالواجب ووفاء بالعهد والميثاق الذي أخذه الله على العلماء في النقاط التالية :
اولاً: إن دين الاسلام وكل دين وشريعة وقضاء وقانون إلهي أو وضعي لا يبيح قتل الشرفاء الأبرياء على هذا النحو الذي لا يقره إنسان؛ إذ هو من الظلم المحرم الذي يعرض صاحبه للعنة الله، قال تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِين}َ [هود:18].
ثانياً: لقد أثبت الشرع والتاريخ والواقع أن التمادي في الظلم عاقبته وخيمة على الظالمين في الدنيا قبل الآخرة، وفي العالم الإسلامي أدلة شاهدة وأمثلة ناطقة في الحديث قبل القديم، والعاقل من وعظ بغيره قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102]. وقال تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِين}َ [القصص:40]. وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص:59].
ثالثاً: إن الإعانة على الظلم والقتل خاصة من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، وكل مشاركٍ من قاضٍ وعسكري وسياسي وإعلامي متوعد بأشد العذاب الأخروي بعد الخزي والنكال الدنيوي، وفي الحديث الشريف: " لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مؤمنٍ لأكبهم الله في النار " أخرجه الترمذي.
رابعاً: المطلوب شرعاً وعرفاً وتاريخاً من العلماء بمشيخة الأزهر وهيئة كبار علمائه ودار الإفتاء وسائر علماء مصر الكرام أن يعلنوا كلمة حقٍ هي من اعظم الجهاد، أو يعلنوا براءتهم من دماء المسلمين المحرمة، قال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّه}ِ [البقرة:140]، وليذكروا ذلَّ موقفهم بين يدي ربهم الذي له يسجدون؛ {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الدخان:41].
خامساً: يناشد العلماء كل قادرٍ على منع الظلم من حاكم وسياسي وقانوني وحقوقي وهيئة إقليمية أو دولية أن يقوموا بواجبهم الذى يحفظ مصداقيتهم أمام شعوبهم وهيئاتهم والعالم بأسره، وليذكر الجميع أن اليأس قاتل وأن الاحباط قد يتحول الى قوة مدمرة.
سادساً: يناشد العلماء جميع الأطراف بتعظيم شأن الدماء، ويحذرون من خطورة الولوغ فيها بغير برهان وحجة بينة بين يدي الله تعالى وليحذر الجميع من وعيد قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء:93].
واخيراً: فهذه نصيحة الى من يجادل عن الظلم والظلمة: إن الحق أبلج والباطل لجلج، والله تعالى يقول: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}[هود:113]، ويقول سبحانه: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} [النساء:109].
إن قوائم الضحايا أكبر وأعظم من قدرتكم على تلمس المعاذير أو تزيين القمع، وبدلاً من التمادي في الظلم والبغي فلنتدارك الأمر قبل ان يتفاقم وتسقط البلاد في دوامة من العنف الذي يدمر الشرق والغرب معاً.
اللهم أبرم لأمتنا أمر رشد يحقق العدل ويرفع الظلم ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحمي الحق ويبسط الخير برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
صدر يوم الخميس:
بتاريخ 3/شعبان/1436هـ.
الموافق 21/مايو/2015م.
الموقعون على البيان:
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
رابطة العلماء المسلمين
رابطة علماء المغرب العربي
هيئة علماء السودان
هيئة علماء المسلمين في لبنان
هيئة علماء المسلمين في إرتريا
هيئة علماء ليبيا
منتدى العلماء والأئمة بموريتانيا
رابطة دعاة الكويت
رابطة علماء أهل السنة
اتحاد علماء افريقيا
مجلس علماء كينيا