الرابط المختصر :
أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بياناً يطالب فيه السلطة في مصر بإيقاف فوري للأحكام الجماعية والجزافية وأحكام الإعدام في حق المعارضين ، وبخاصة أنها تفتقد لأي معايير شرعية أو قانونية ، ويدعو مفتي مصر إلى عدم التورط في الموافقة على إعدام الأبرياء ، فهذه فضيحة لا يجوز أن يسقط فيها من درس القرآن والسنة، وعرف الحلال والحرام. ويحذر بأن اعتقال الأبرياء وتعذيبهم داخل السجون سيؤدي إلى احتقان مجتمعي خطير ، ويحث قادة العالم الإسلامي والعربي ، والعالم الحر ، والمنظمات الدولية ،على سرعة التدخل لدى السلطة في مصر لوقف أحكام الإعدام فوراً ، ويناشد المصريين جميعاً أن يقفوا لله وقفة الرجال، حتى لا يقع هذا الظلم الفادح، وهو لن يقع إن شاء الله؛ لأن عدل الله يأبى أن ينتصر أهل الطغيان والفساد، على أهل الحق والعدل .
نص البيان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه (وبعد)
يبدي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قلقاً بالغاً من الحالة التي وصل إليها القضاء في مصر ، من إصدار أحكام جماعية في حق الرافضين للانقلاب، والمناصرين للشرعية وللثورة المصرية ، حتى وصل الأمر إلى استهداف المعارضين بأحكام إعدام وصلت إلى خمسة أحكام إعدام لشخص واحد، دون سند شرعي ولا قانوني، وطالت كذلك أحكام الإعدام النساء والرجال والشباب والعلماء في شتى مجالات العلم، بدءاً من العلماء الشرعيين مثل الأستاذ الدكتور صلاح سلطان ، والأستاذ الدكتور صفوت حجازي ، والأستاذ الدكتور جمال عبد الهادي ، والأستاذ الدكتور محمد عبد المقصود، وغيرهم من علماء الشريعة، وعلماء الطب والهندسة والاقتصاد ، والشباب الذين هم عماد أي أمة تسعى للنهوض والرقي .
وهؤلاء كلهم ذروة في القوة والأمانة، وفي الشرف والفضيلة، شهد لهم تاريخهم، وشهد لهم إخوانهم، وشهد لهم تلاميذهم، وشهدت لهم مواقفهم. وقبل ذلك كله، شهد لهم ربهم، وكفى بالله شهيدا.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أمام تلك الأحكام الخطيرة ، يرى ويؤكد على ما يلي:
1- يطالب الاتحاد السلطة الحالية في مصر التوقف عن إصدار أو تنفيذ أحكام جماعية أو أحكام بالإعدام في حق الأبرياء الذين وصل عددهم قرابة ألف وخمسمائة محكوم عليهم بالإعدام حتى الآن، دون أي وجه حق أو سند شرعي أو قانوني، ومن بينهم علماء وأساتذة ودكاترة، ونساء ورجال وشباب من خيرة أبناء الشعب المصري .
2- يدعو الاتحاد مفتي جمهورية مصر العربية الامتناع عن تأييد أحكام الإعدام الجائرة والصادرة في حق الأبرياء ، حتى ولو أن القانون يعتبر رأيه استشارياً في الأمر ، فعليه أن يقف وقفة لله تعالى ، حيث لن ينفعه أحد أمام الله الواحد الأحد الحكم العدل ، الذي سيقتص يوماً للمظلومين ، فإن الله عز وجل يملي للظالم ، حتى إذا أخذه ، لم يفلته ، فليس هناك في الإسلام جريمة بعد الشرك أكبر من القتل أو المشاركة فيه ولو بإشارة ، فقال الله تعالى "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" سورة النساء – آية 93 . ودلت الأدلة المعتبرة على أن حكم المساهمة والتسبب في قتل المسلم هو حكم القاتل .
3- ويحذر الاتحاد بأن اعتقال الأبرياء ، وتعذيبهم داخل السجون بالطرق التي تصل معلوماتها إلينا ، هو أمر خطير للغاية، وينذر بكوارث مجتمعية لا تنتهي ، ولا توجد دول في العالم انتهجت هذا النهج التعسفي القمعي إلا وكانت النهايات وبالاً على الجميع ، لذا نطالب بإيقاف الاعتقال والتعذيب داخل السجون ، بل والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين والمتهمين ظلماً ، وبخاصة منذ أنقلاب 3 يوليو 2013م .
4- يحث الاتحاد قادة العالم الإسلامي والعربي ، والعالم الحر ، من ملوك ، ورؤساء ، وحكومات ، ومنظمات ، وعلماء ، ومفكرين ، ومبدعين ، وحقوقيين ، وقانونيين ، وإعلاميين ، ونشطاء ، والشعوب بوجه عام ، أن ينظموا حملات للضغط على السلطة في مصر للتوقف الفوري عن إصدار أو تنفيذ أحكام جماعية أو أحكام بالإعدام بحق الأبرياء المعارضين للانقلاب العسكري ، والتوقف عن استهدافهم وتلفيق التهم لهم ، والعمل على إعادة الأمور إلى نصابها إلى ما قبل تاريخ 3 يوليو 2013م ، والبدء في تغيير هذا الواقعالمر بمشروع وطني مصري حقيقي يقوم على العدل والحرية، وإعادة الأمر إلى الشعب .
5- يناشد الاتحاد الشعب المصري بكل فئاته وطوائفه أن يقف مع الحق ويناصره ، والتوقف عن كل ما يثير الفتن والأحقاد، أو يزيد حالة الاحتقان بين أبناء الشعب الواحد ، وأن يستمعوا إلى قول الله تعالى:{ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } [الأنفال:46] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم:" لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض". وقال: " المؤمن للمؤمن كالبنيان: يشد بعضه بعضا. وشبك بين أصابعه".
يقول الله تعالى :
(مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) سورة المائدة – آية 32
الدوحة في 13 جمادى الآخر 1436 هـ
الموافق 02 أبريل 2015م
أ.د علي القره داغي أ.د يوسف القرضاوي
الأمين العام رئيس الاتحاد