حذر الشيخ محمد عيضة شبيبة، عضو جمعية علماء اليمن، وعضو مؤتمر الحوار الوطني، والقيادي في حزب الرشاد اليمني، من أن مليشيات الحوثيين رغم احتضارها بفعل ضربات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وضربات المقاومة الشعبية والجيش الوطني، لا تزال قادرة على المناورة بحثا عن مخرج يحفظ لها دورها وكيانها.
وأضاف في حوار أجراه مع "الإسلام اليوم" بأن المواقف الأخيرة للمتمردين الحوثيين تكشف محاولتهم الهروب من الجحيم الذي أشعلوه، بعد أن أيقنوا فشل مشروعهم داخليا وخارجيا.
وفي الحوار تحدث الشيخ شبيبة، الذي يتحدر من محافظة صعدة معقل المتمردين والمعروف بمواقفه المناهضة للمشروع التدميري الحوثي، عن العديد من القضايا الساخنة في الشأن اليمني.
وفيما يلي نص الحوار..
الإسلام اليوم: نبدأ من حيث آخر التطورات، رضوخ الحوثيين أخيراً لوقف الحرب على حدود المملكة العربية السعودية، هل يعني هذا بدء قبولهم بالقرار الأممي 2216؟
الحوثي في النزع الأخير على فراش الاحتضار، لكن لديه قدرة فائقة على المناورة، لذا هو يبحث عن مخرج يحفظ له دور وكيان؛ لعلمه إن هو تأخر فسيحسم التحالف وضعه عسكريا وينتهي تماما ويخسر كل شيء، هو اليوم يريد أن يبقى ولو مريضا هزيلا ولا أن يذهب إلى حتفه بنفسه ومن أجل البقاء سيقدم تنازلات كثيرة، من هذه التنازلات قبوله بالقرار 2216.
الإسلام اليوم: كيف تفسر هذا الموقف في ضوء التطورات العسكرية على الأرض في اليمن؟
تفسيري لهذا الموقف هو محاولة هروب الحوثي من الجحيم التي أشعل نارها وظن أنه ناج منها وتيقنه أن مشروعه فشل داخليا وخارجيا وأنه لا حاضنة لمشروعه العنصري حتى في صعدة نفسها. لقد جربه الناس فلم يفتح لهم إلا المقابر ولم يسمعهم إلا صوت الرصاص ولم يرهم إلا الدماء والأشلاء.
الإسلام اليوم: هل تظن أن هذه الخطوة ستفتح المجال لانطلاق عملية سياسية وشيكة في اليمن؟
العملية السياسية لن تكون إلا بالتسليم المطلق والصادق للشرعية والاعتراف بها والتنفيذ الحرفي الكامل للقرار الأممي وتفكيك المليشيا ونزع السلاح وعودته للدولة والخضوع المطلق لها لأن للجميع تجربة مريرة مع الحوثي وغدره ونكوثه وانقلابه على الاتفاقيات والتفاهمات.
ومن وجهة نظري أدعو إلى حل هذه المليشيا ومحاكمة قادتها ومحاربة فكرها العنصري المخالف للإسلام وللدستور وثورة 26 سبتمبر والأعراف والقيم وتراث الأمة وعدم السماح بالمشاركة السياسية؛ إذ كيف يستوي مليشيا عنصرية إرهابية ضد الدولة والمجتمع وفي نفس الوقت شريك سياسي.
الإسلام اليوم: هل ترى أن الصراع الداخلي في اليمن سياسي فحسب، بمعنى صراع على السلطة، أم أن هناك أبعاداً طائفية ومذهبية وأبعاداً إقليمية ودولية أيضاً؟
الصراع تشترك فيه كل العوامل التي ذكرت في سؤالك وعوامله عدة لكنها من طرف واحد وهو طرف الحوثي؛ فالحوثي في حربه للدولة والشعب ينطلق من هذه المنطلقات والأبعاد فهو سياسي لأنه يريد السلطة وعقائدي لأنه يعتقد أن الله اصطفاه واختاره للحكم، وأن الحكم لا يجوز شرعا أن يكون في غير بطنه وسلالته، وطائفي لأنه ينطلق من منطلق شيعي ومن لم يكن شيعي فهو ناصبي أموي من قتلة الحسين بن علي ومن لم يتشيع في بيت الحوثي فهو من أهل النار ومخالف لتعاليم الإسلام وهو حلال الدم.
أما البعد الإقليمي فلا يخفى أن الحوثي أداة إيران وورقتها في المنطقة وخنجرها التي تطعن به خاصرة الأمة العربية والإسلامية ولذلك حينما سقطت صنعاء في قبضته أعلنت إيران أن صنعاء رابع عاصمة عربية سقطت في يدها.
أما البعد الدولي فلاشك أن بعض الدول التي تريد أن تستنزف الأمة العربية والإسلامية وتمتص خيراتها وتضعفها بالحروب والصراعات لم تجد أفضل من ورقة إيران والحوثي ونصر الله وداعش في المنطقة لأنها المشروع الذي يأكل جسد الأمة العربية والإسلامية ويصرفها عن البناء والتنمية والوحدة، ولذلك رغم أن الحوثي يحمل شعار الموت لبعض الدول الغربية إلا أنها من أشد الدول حرصا عليه ودفاعا عنه.
الإسلام اليوم: إلى أي مدى يبدو التدخل الإيراني في اليمن لا يزال مؤثراً في أحداث البلد، في ضوء نتائج عاصفة الحزم؟
إيران لا تكل ولا تمل وحرب المنطقة وإشاعة الفوضى فيها هو أهم أعمالها لكنها بفضل الله تحطمت وتحطم مشروعها على يد الملك الصالح سلمان بن عبد العزيز وإخوانه من قادة العرب والمسلمين ومع ذلك لا زالت لم تيأس بعد ولابد أن نكون من تدخلاتها على حذر دائم.
الإسلام اليوم: هل تعتقد أن التدخل العربي عسكرياً في اليمن كان في محله، وإن جاء متأخراً؟
التدخل نعم في محله وهو تصرف طبيعي بل وواجب لأن المليشيا اختطفت الدولة وباتت تشكل خطرا على المنطقة وبالتالي إطفاء النار والحريق عين العقل والمنطق.
الإسلام اليوم: ما تفسيرك لموقف الحكومة الشرعية في الرياض الذي يميل إلى الحسم العسكري على حساب التسوية السياسية؟
الشرعية منطقها يقول إن كان هناك تسوية سياسية فلابد من تسليم السلاح والانسحاب وعودة الشرعية والتنفيذ العملي للقرار الأممي وحلحلة المليشيا وتسليم السلاح ونزعه، وأنا من وجهة نظري ومن خلال معرفتي بهذه المليشيا فإنه لا يجدي معها إلا القوة والحزم.
الإسلام اليوم: ماذا بشأن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، هل ستبقى ضمن أجندة العملية السياسية القادمة في اليمن؟
مخرجات الحوار تراها المليشيا لا تتناسب معها وليست مفصلة على مقاسها ولذلك انقلبت عليها بهذه الصورة الفجة، بل وانقلبت على الدولة وكل الاتفاقات. هذه المليشيا عنصرية تحمل أفكارا عنصرية طبقية والمخرجات تؤسس لدولة ومواطنة متساوية وهذا مالا ترضاه أو تتماشى معه المليشيا الحوثية.
الإسلام اليوم: أنتم في حزب الرشاد رغم حداثة النشأة، بمعنى أنكم لم تكونوا جزءاً من الصراع السياسي المزمن في اليمن، لماذا تعرضتم لكل هذا القمع على أيدي الحوثيين وحلفائهم؟
نحن في الرشاد تعرضنا للقمع مثل غيرنا فهي مليشيا خرجت بسلاحها علي الشعب والدولة لكن الرشاد في مؤتمر الحوار هو الحزب الوحيد الذي قامت رؤيته لجذور مشكلة صعدة وحلولها على أن الحوثي مليشيا متمردة وأن حرب الدولة ضده مشروعة وأن قمعه هو التصرف الصحيح لدولة تحترم سيادتها ومهامها وقرأت هذه الرؤية الرشادية لمليشيا الحوثية بنفسي أنا وفي قاعة مؤتمر الحوار ولم يؤيدني أي مكون في أن الحوثي جماعة متمردة خرجت بالسلاح ويجب تجريمها وتصويب قمع تمردها لازلت أتذكر مرارة ذلك اليوم والخذلان الذي حدث لي من مكونات الحوار الوطني.
الإسلام اليوم: هل تتوقع انطلاق مقاومة شعبية في محافظة صعدة التي تتحدر منها؟
صعدة أكثر محافظة عانت من المليشيا ولهم ما يقارب عشر سنوات وهم يمارسون أبشع الظلم لأبناء هذه المحافظة ولولا سلاح هذه المليشيا وقمعها الوحشي لرأيت أبناء صعدة ينتفضون لكن حينما تقترب المقاومة والجيش الوطني لتحمي ظهورهم سترى انتفاضتهم التي تسحق التمرد وتُميت المليشيا.
الإسلام اليوم: هل من كلمة أخيرة أو رسالة تود أن تقولها؟
كلمة أخيرة، لابد من الاهتمام بتوعية القبائل وخاصة في شمال الشمال؛ لأن الجهل جعلهم بنادق معلقة بأكتاف مليشيا الموت يوجهونها إلى صدورنا كلما سنحت لهم الفرصة. أيضا لابد من التعامل الجاد والصارم والحازم الحاسم مع هذه المليشيا وعدم مسك العصا من الوسط. ولابد من الاهتمام بمحافظة صعدة ففيها بيت الداء ومصنع الإنتاج والتصدير والتكرير ورأس الأفعى.