الرابط المختصر :
إن الإيمان بالله سبحانه ينشئ في القلب مراقبة الحق سبحانه وتعالى على كل حال فلا تجرؤ الجوارح على الإقدام على مخالفة أمره أو اقتراف نهيه وثمرة الإيمان هذه هي ما يثبت المسلمة العفيفة على حجابها كما أمرها الله سبحانه وإن عاشت بحجابها الشرعي غريبة بين السافرات فهي تراقب الله وحده وترجو الثواب منه وحده وتدرك أن حجابها مع أنه ذخر لها في الآخرة هو سر عفتها وحصن فضيلتها وتاج شرفها ووقارها، فمن الطامة الكبرى في هذا الزمن محاولة البعض التشكيك في واجبات الدين لذا يحاول المغرضون أن يفرغوا الإسلام من طهارته وعفته وصرف نظر أبنائه عنه فيبدأ المنافقون والمرجفون التحدث عن الحجاب بأنه رجعية وتخلف.
فإن أعظم مظاهر العفاف في الأخت المسلمة هو الحجاب فهو ينطوي على كل مفردات الطهارة والحياء ويشمل كل معاني الفضيلة والنقاء، فما العفاف إلا الحجاب، فليس هو بعادة أملتها ظروف الحياة كما يظن البعض ولا تراث يميز المجتمعات، وإنما هو عبادة يتقرب بها إلى الله ويبتغى به وجهه ولا تهزها عاصفة التيارات ولا يزحزحها صراع الحضارات لأنها جزء من الدين يحفظ على المسلمين عفتهم ويحرس فضيلتهم ويحمي أعراضهم، فالمرأة المسلمة التي نهلت من معين الإسلام الصافي ونشأت في جوه الوارف الظليل، لا تلتزم الحجاب الشرعي تقليدا وعادة بل تلتزمه وقلبها مطمئن بالإيمان إنه أمر من الله عز وجل ونفسها ممتلئة بالاقتناع أنه دين أنزله الله لصيانة المرأة المسلمة وتمييزا لشخصيتها، وإبعادا لها عن مزالق الفتنة ومواطن الرذيلة ومهاوي الضلال، فهي تتقبله بنفس راضية وقلب مطمئن واقتناع راسخ، كما تقبلته نساء المهاجرين والأنصار يوم أنزل الله فيه حكمه القاطع وأمره الحكيم وإن إصرار كثير من التجمعات البشرية المعاصرة على تكشف المرأة وعريها دليل الانحراف والشرود والابتعاد عن هدى الله،لا في بلاد المسلمين فحسب بل في بلاد العالم قاطبة، فالمسلمون الذين يتعبدون بتلاوة كتاب ربهم الثابت المحكم المحفوظ آناء الليل وأطراف النهار، لا يمكن أن يرضوا بهذا الانحراف لأن نصوصه القاطعة من كتاب وسنة تقرع أسماعهم دوما محذرة المخالفين عن أمر الله ورسوله متوعدة إياهم بالفتنة في الحياة الدنيا وبالعذاب الأليم في الآخرة يقول الله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) النور:63.
إن صلاح المرأة مرتبط أساسا بعودة المجتمع إلى هدي الإسلام وتعاليمه وفي بلوغنا القيم الإيمانية التي تجعلنا نحيا في سبيل الله حياة ربانية كاملة في أقوالنا وأفعالنا ومشاعرنا وأذواقنا، وانطلاقا من غاية التربية الإسلامية ومناهجها المبنية على تكوين الفرد الصالح في نفسه المصلح لما استرعي عليه، وقد استرعيت المرأة على البيت المسلم الذي يمثل بحق نواة مصغرة للمجتمع كله بل الحياة بأسرها.
فإننا نعيش في عصر طمس الحقائق، عصر يتربع فيه الشيطان على عرشه ويستعد للاعتزال بعدما رأى من فاقه في حب الخطيئة ونشرها بين الناس، ولذلك لا تستغرب أن ترى محجبات آخر الزمان وهن يضعن أطنانا من المساحيق على وجوههن وقد أرخين الحجاب ليرى النحر وما علق به من العقود، إذ أنكرتها فسيقولون لك لا تتدخل بالأمور الشخصية، ولكنهم لو يرون محجبة قد لبست ما يجب على المحجبة لبسه من لباس العفاف والستر بجميع شروطه، وقد تنقبت لقالوا عنها بأن هذه متزمتة متعنتة متخلفة إلى آخر ما في قاموس الشتم والاستهزاء وهذا من مظاهر عصر الانحطاط الذي تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم والذي سيصبح فيه المنكر معروفا والمعروف منكرا، فلا تخرج من بيتها أو تظهر أمام الرجال غير المحارم متعطرة متبرجة بزينة لأنها تعلم أن ذلك حرام بنص القرآن القاطع يقول الله تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن) النور: 31.