لم يعد يخفى على أحد أن ما يحدث في مدينة طرابلس اللبنانية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يحدث في سوريا، حيث تعيش المدينة منذ الاثنين الماضي أحداث عنف مؤسفة راح ضحيتها ما لا يقل عن 110 شخصاً ما بين قتيل وجريح بين منطقتي باب التبانة ذات الأغلبية السنية المناهضة للنظام القاتل في سوريا، ومنطقة جبل محسن ذات الأغلبية العلوية الموالية للأسد، في محاولة من النظام السوري وحزب الشيطان اللبناني لجر لبنان والمنطقة كلها لحرب أهلية لا هوادة فيها .
أسماء المتورطين
فمن جانبه كلف مفوض الحكومة اللبنانية لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر مديرية المخابرات في الجيش اللبناني إجراء التحقيقات الأولية وجمع المعلومات وأسماء المتورطين في أحداث طرابلس الأخيرة خصوصا وان بعض الأسماء بات معروفا، وذلك من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة.
وبدأ الجيش اللبناني انتشاره في منطقة باب التبانة، وشاهد الصحافيون مدرعات للجيش وعربات عسكرية تتوجه صوب باب التبانة عند المدخل الشمالي لجهة جسر الملولة.
وأشار الصحفيون إلى أن دخول الآليات العسكرية ترافق مع سماع إطلاق رصاص قنص، قام الجيش بالرد على مصادرها، وكان مصدر أمني لبناني أفاد في وقت سابق أن الجيش أكمل انتشاره في منطقة جبل محسن ويستعد لدخول باب التبانة، سعيا لإنهاء المواجهات المستمرة بشكل متقطع منذ أسبوع مضى.
اتهام الحزب
أما النائب اللبناني أحمد فتفت عضو كتلة تيار "المستقبل"، فقد وجه اتهامه مباشرة إلى حزب الله حيث قال :" إن الحزب شريك بما يجرى في طرابلس، مؤكدًا أن جولات التقاتل في طرابلس دائمًا تكون عبارة عن اعتداء من ميليشيا رفعت عيد رئيس الحزب العربي الديمقراطية على المدينة، وليس الأمر عفوياً .
واتهم فتفت حزب الله بأنه يشجع تفجير الوضع في طرابلس كضغط لتشكيل الحكومة، واصفًاً مسلحي الحزب العربي الديمقراطي في جبل محسن بأنهم ميليشيا بشار الأسد في طرابلس.
ورأى فتفت أن طرابلس بحاجة لقرار أمنى حازم بالتعامل مع موضوع السلاح الموجود بالمدينة وتحديداً أن يقبل رفعت عيد بتسليم سلاحه إلى الجيش، وعندما يفعل ذلك فكل باقي القوى ستسلم سلاحها.
وقال إن موضوع طرابلس لا يحتاج لاجتماع الحكومة، فكل القوى السياسية في طرابلس موقفها واحد وأكدت تسليم قرارها السياسي الأمني لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي".
الفوضى العامة
فيما أبدى مفتى البلاد الشيخ محمد رشيد قباني قلقه من إدخال لبنان في خضم الفوضى العامة من بوابة شماله خاصة بعد تصاعد وتيرة الحديث عن خطر دخول البلاد في حروب أهلية مدمرة على خلفية الصراعات الجارية في المنطقة.
وقال قباني :"إن أمن لبنان وأبنائه من أمن طرابلس والشمال، محذرا من أن بلاده على عتبة الدخول في حروب المنطقة العربية الداخلية من بوابة الشمال ولذلك يجب على الدولة اللبنانية بكل مكوناتها والمسئولين فيها اتخاذ إجراءات استثنائية بإشراف الرئيس اللبناني المباشر للحفاظ على وحدة لبنان وسلامة أراضيه وأمن اللبنانيين.
ودعا فعاليات طرابلس والشمال إلى استشعار الخطر الكبير على مناطقهم بوعي وحكمة وصبر لتجنيبها واقعا مريرا يتمناه العدو للبنان.
وأجرى المفتي العام لهذه الغاية سلسلة اتصالات شملت الرئيس ميشال سليمان ووزير الدفاع فايز غصن ووزير الداخلية مروان شربل وقائد الجيش العماد جان قهوجى ومدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدير عام قوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد إبراهيم بصبوص، مبديا حرصه على متابعة التطورات الأمنية في طرابلس والشمال.
خطة أمنية
من جهته، أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية مروان شربل، أن نتائج الخطة الأمنية في مدينة طرابلس ستظهر خلال 48 ساعة، مشيرا إلى أن خطة أمنية اجتماعية ستنفذ أيضا، في طرابلس بعد الإنهاء من الخطة الأمنية.
وعما يعيق إنهاء هذا الوضع في عاصمة الشمال، رغم إعلان كل الجهات السياسية المعنية رفع الغطاء عن المتورطين، أوضح شربل أن هذه المواقف مهمة ولكنها غير كافية، لأنه للأسف مرجع معظم المقاتلين على الأرض ليس في لبنان وإنما خارجه، ولم يعد يخفى على أحد أن ما يحصل في طرابلس مرتبط بشكل رئيسي بما يحصل في سورية.