قبل ساعات من بدء عملية الاستفتاء على دستور الإنقلاب العسكري، ارتفعت وتيرة الاحتقان في صعيد مصر، وبدأ معارضو الانقلاب يتكلمون عن وجود عمليات تزوير تتم في مقار اللجان ومراكز الشرطة تحت غطاء من قوات الجيش التي انتشرت بكثافة غير مسبوقة في محيط اللجان وأقسام الشرطة.
ويعتبر كثير من معارضي انقلاب 3 يوليو/تموز 2013 الذي أطاح فيه قائد الجيش عبد الفتاح السيسي بالرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، أن إغلاق المحاور المؤدية إلى أقسام الشرطة وسيطرة أعداد كبيرة من أفراد الجيش على مقار اللجان قبل يومين من بدء الاقتراع مؤشر كبير على قيام السلطة بعملية تسويد مبكرة لبطاقات الاستفتاء.
تزوير
ويؤكد مصطفى فتحي أحد أبناء محافظة المنيا أن قوات الجيش المنتشرة لا تهدف إلى حماية المواطنين وتأمين الاستفتاء وإنما نزلت للقيام بعملية تزوير الاستفتاء.
وأضاف للجزيرة نت "نحن لا نعترف بهذا الاستفتاء ولا هذا الدستور، نحن لا نعترف إلا بالرئيس المنتخب والدستور المستفتى عليه في 2012".
وفي السياق ذاته يقول حسن خالد، نجل أحد المنتمين للحزب الوطني المنحل، للجزيرة نت "لقد تم تزوير الاستفتاء منذ أيام، والصناديق كلها مملؤة ببطاقات نعم، هم فقط يريدون أن يحافظوا على الشكل العام ويخدعوا الناس".
أما عصام سلمان فيرى أن المواطن "هو الخاسر الوحيد فيما يجري، موضحا للجزيرة نت أنه تم إجراء أكثر من انتخابات وأكثر من استفتاء وكلها لم تحقق للمواطن شيئا إلا الخراب ووقف الحال".
وقد أدى انتشار الجيش في المدن والقرى قبيل الاستفتاء إلى وجود حالة استياء شديدة بين كثير من المواطنين الذين يرون في طريقة التعامل والانتشار رسالة واضحة مفادها أن الاستفتاء سيتم تزويره في حماية الجيش ورغم أنف الجميع، خاصة أنه لا أحد يقترب من مقار اللجان ويتعامل مع القوات الموجودة إلا الأقباط والمنتمون للحزب الوطني المنحل.
وقد بدأت قوات الجيش إعداد تحصينات ومتاريس أعلى مقار اللجان على غير العادة، وهو ما اعتبره معارضو الانقلاب تهديدا مباشرا لكل من يفكر في التظاهر أمام اللجان وليس حماية لها.
أنور أبو زيد من الكوم الأحمر غرب المنيا يقول للجزيرة نت "إنها المرة الأولى التي تتم فيها مثل هذه الاستعدادات رغم أنهم أي السلطة، يعلمون أنه لا أحد سيذهب إلى الاستفتاء إلا الأقباط وفلول مبارك، لكنهم يريدون أن يبثوا الرعب في قلوب المتمسكين بمحمد مرسي".
تحفظ ونفي
ويتحفظ كثير من المواطنين في الحديث خوفا من عمليات القمع والاعتقال التي لم تتوقف منذ عزل مرسي، لا سيما المنتمين للجماعات الدعوية.
وعن هذا التحفظ يقول ممدوح علي، أحد أعضاء جماعة التبليغ والدعوة، للجزيرة نت "نحن لا نتدخل ولا نتحدث في السياسة لأن سياستنا هي التقرب إلى الله فقط".
في المقابل يرى خالد مجاهد أحد أعضاء الحزب الوطني، أن الحديث عن وجود عمليات تزوير أمر مجاف للواقع بالمرة، وأكد أن "جماعة الإخوان وأنصارها يروجون الشائعات بغرض تشويه الجيش"، مشيرا إلى أن مهمة الجيش لا تتجاوز حدود تأمين اللجان.
وتعيش محافظات الصعيد حالة احتقان متزايدة، لا سيما أن معظم السكان من المسلمين يعارضون الانقلاب ويرفضون ما قامت وتقوم به السلطات وأجهزة الأمن بحق التيار الإسلامي بصفة خاصة وبحق المعارضين بصفة عامة، في الوقت الذي يعبر فيه مؤيدو الانقلاب من أقباط ومنتمين لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك عن فرحتهم لعزل مرسي وإعادة جماعة الإخوان إلى السجون من جديد.
هذا الاحتقان بلغ ذروته في الأيام الأخيرة، حتى إن الشعارات المناهضة للدستور والانقلاب بدأت تظهر على جدران منازل الأقباط وأعضاء الحزب الوطني المنحل.