وإن تعجب فعجب للأمريكان في هذا الزمان، أن يذهبوا إلى استعمال أداة الإرهاب لكل من لا يوافق مذهبهم في التسلط على البلدان، والشعوب، فهذه حروبهم في أفغانستان ما تزال تتقد نيرانها والفشل عاقبتها إلى اليوم، وهذا بقاء سجن قوانتنامو مفتوحا للتعذيب والإذلال، باسم الإرهاب، وهذا العراق ذهبت بدولته، وحطمت جيشه، وزرعت الألغام التي ما تزال تنفجر، من الطائفية والعرقية، وهذه طائفة الأكراد في شمال سوريا يدعمونها بالأسلحة لتقسيم سوريا، وهذا تهديد لكوريا بمحوها من خريطة العالم، وما تستطيع.
وأغرب شيء أن يُكتب الأستاذ إسماعيل هنية في قائمة الإرهاب، لأنه أبى أن يقبل قرارهم أن تكون القدس عاصمة للصهاينة وأصرّ على الدفاع عن وطنه وحريته، ومقاومة العدوان والاستعمار الصهيوني والأمريكاني لبلاده.
كان المجتمع الدولي في القرن الماضي يعترف بشرعية الحركات التحريرية التي تدافع عن أوطانها، لتحريرها من الاستعمار بكل أشكاله، ولكن انقلبت الحقائق في هذا القرن، وانعكست القيم الأخلاقية والسياسية، فأصبح الذي يدافع عن نفسه ووطنه إرهابيا، ويحاصر، ويحارب، ويكتب في قائمة الإرهابيين ظلما وعدوانا.
يزعم الأمريكان أنهم ناشروا الديمقراطية في العالم، والمدافعون عن قيمها، وعن الحريات، قولا ودعوى، ولكن تجري الأمور في الواقع على عكس ما يدعونه من هذه الدعاوى الكاذبة، والوعود الخادعة، يؤيدون الاستيطان الصهيوني وعدوانهم على أهل فلسطين أصحاب الأرض، وتقتيلهم يوميا، ويحرمونهم في المساعدات، يمنعونها عن هؤلاء اللاجئين الذين أخرجوا من ديارهم وأراضيهم بالقوة.
أصبح منطق القوة والغطرسة والطغيان هو الذي اتخذه الأمريكان معيارا لهم، حتى مع حلفائهم الأتراك الذين ساعدوا على الانقلاب عليهم، وحموا من كان يعمل على الإحاطة بحكومة أردوغان التي لم تعجبهم، ولم تكن على ذوقهم ومزاجهم الاستبدادي، وخدعوا الأكراد في كردستان، شجعوهم على أن يكوّنوا دولة مستقلة عن العراق وعلى الانفصال ثم خيبوا ظنهم، وخذلوهم.
وقد طالت المفاوضات برعاية الأمريكان في شأن فلسطين، وطال ضغطهم على الفلسطينيين، وما يزال وها هم اليوم يستضعفونهم، ويدبرون لهم المكايد والمكر مع بعض النظم العربية.
ويضغطون على ملك الأردن ليصبح في ركابهم ويستجيب لما يريدونه ويبيتونه من إعطاء القدس للصهاينة، ومحو قضية فلسطين وتصفيتها مع أن المجتمع الدولي في أغلبه لم يوافق على هذا القرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي الذي أحاط به الصهاينة في أسرته ونوابه من المسيحيين المتطرفين الصهاينة يريدون أن يشعلوا حربا دينية، وربما حربا عالمية أخرى إذا استعملوا القوة مع كوريا الشمالية، وتصدوا للصين وروسيا، بالعدوان.
إن سلوك أمريكا، وما يضاده من سلوك روسيا وكوريا الشمالية ينذر بحرب تدمر الأرض ومن عليها، باستعمال الأسلحة النووية الفتاكة التي تأتي على الأخضر واليابس.
وهذه الحرب في اليمن التي لا تُفهم، وتدمر سكان اليمن، وتفتك بشعبها قتلا ومرضا وجوعا، وتؤدي إلى تفكيك اليمن وذهاب وحدته.
ولم نفهم إلى اليوم الغاية من هذه الحرب؟ وهل الإمارات على وفاق مع السعودية؟ أم أنها تريد الجنوب لها، والشمال للسعودية؟ وهل غاب الدفاع عن الشرعية الضعيفة المتهالكة جنوبا وشمالا فلم يعد لها نفوذ، ولا انتصار، ولا قوة تدفع بها مليشيات الحوثيين، والمجلس الجنوبي، ومن يعمل على استقلال الجنوب ويدعو لذلك جهرة؟ وهل الإمارات تساند هذا التفكيك والانقسام، وتعمل من أجله ومن أجل استغلال موانئه وجزره الاستراتيجية؟ لم نفهم شيئا واضحا، وهل دعوى القضاء على النفوذ الإيراني ذهبت أدراج الرياح؟ الله أعلم وأدرى.