الحماقة الكبرى التي ارتكبها الغرب العنصري بقيادة أمريكا، منذ سبعين عاما، فزرع بها كيانا صهيونيا هجينا، في أرض فلسطين، هذه الحماقة لا تزال نذرها تترى.
فقد أخرجت هذه الحماقة الأصلاء الفلسطينيين من أرضهم، وزجت بخيرتهم في غياهب سجنهم، فروعت الأبرياء، ومكنت للغرباء الذين أمدتهم بالمال والسلاح والنفوذ باسم قانون الأقوياء..!
وظلت الفاجعة تتكرر على تعاقب الرؤساء الأمريكيين فنبت الغرس الهجين، وإن لم يثبت له أصل متين، وما كان ذلك كله ليتحقق، لولا تواطؤ عربي غبي، وصمت سياسي دعي، وتعاون اقتصادي سخي.
وأنى للغرب الأمريكي أن يفرض نفوذه على العرب في فلسطين، وأموال بنوكه منهم، وطاقة نفطه من أرضهم،
وما كان في مأساة ثمانية وأربعين صغيرا، كبر وتطور، وما كان ذليلا طغى وتنمر، وسبحان الذي يذل من يشاء ويعز من يشاء..!
رحماك ربنا، تجليت على العرب المسلمين بسخطك، فشتت شملهم، وفرقت صفهم، فطارت جموعهم كهشيم تذروه الرياح.
ففي الخامس عشر من ماي عام 1917م، صدر وعد “بلفور” المشؤوم، الذي مكن للصهاينة اليهود من إقامة الكيان النشاز، متحديا بذلك كل العرب والمسلمين من طنجة إلى أرض الحجاز.
وها هو نيرون العصر اليوم، يتحدى كل العرب والمسلمين، بعد أن أخذ مالهم، وضمن لحكمهم، نفوذهم ومآلهم، فقرر في صلف وكبرياء، وبعزف منفرد من لحن الخيلاء، أن ينقل، سفارة بلاده النكراء إلى القدس مدينة الأنبياء والشرفاء.
تتجدد الفاجعة إذن، بانقضاء مائة سنة بين وعد “بلفور”، والقرار المسعور، وبدل أن نقوم ونقاوم، صرنا نفاوض ونساوم..!
فهذه الكنائس ستبنى في بلد الأكرمين، وطائرات “العال” ستحلق، فوق قباب ومآذن الحرمين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ويحضرنا في مثل هذا المشهد الحزين، قول الشاعر العربي نزار قباني:
سبعون عاما يا بلادي
ولا يزال الدرب مجهولا
سبعون عاما يا كتاب الهوى
ولم نزل في الصفحة الأولى
إنّ الصفحة الأولى التي كُتبت بدماء شهداء فلسطين، من كل بلاد العرب، والتي خلدت بطولات عكا والقدس والناصرة والنقب، هي الصفحة التي تطوى بعد مائة سنة بحبر الخيانة، واتفاق الهجانة، واستسلام المهانة.
إن الصفحة الأولى في فلسطين، تذكرنا بالمئوية الأولى لاحتلال الفرنسيين لأرضنا، وما تلاها، من تبجح وصلف، ولكن أين الفرنسيون، بعد كل هذا؟
لقد حكم القدر عليهم – كما قال إمامنا ابن باديس – بأنهم لم يتمكنوا باحتفال المئوية الثانية، تحت أي ظرف من الظروف.
ونحن نستلهم من ابن باديس، مقولته الرائعة بأن الصهيونية لن تنعم بالاستقرار بعد المئوية الأولى، مهما مكن لها المتواطئون، ومهما وطّأ، لها أكتاف البيت، الزاحفون على البطون والذقون.
إن الأمة الإسلامية – وهي تستقبل شهر رمضان، شهر الطهر والغفران – لترفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل أن يرحم جهاد عهد التميمي والبرغوتي، واستشهاد أحمد ياسين، وقوافل المجاهدين والشهداء في مواكب العودة في غزة، وفي رباط القدس الشريف.
وما كان الله ليضيع إيمان وجهاد واستشهاد المدافعين عن أرضهم، والمنافحين عن عرضهم.
سوف يظل الفلسطينيون – بالرغم من التضييق عليهم، والتنكيل بحقوقهم – في نشوة المعتز بانتمائه، وبأصيل عطائه، والثبات على السلاح من أجل بقائه.
ولكن بالمقابل سيبقى الصهيوني المحتل، خائفا بترقب، ما تمطره به السماء من صواريخ المقاومة، وما تفجره الأرض من قنابل أطفال الحجارة المداوِمة.
وشتان بين من يعيش نشوة النفْس ومن يعاني ضيق النفَس، فالأول مكتوب له طول البقاء، لأنه ينحو نحو الصعود والارتقاء، بينما يعاني الثاني قشعريرة الخوف والارتخاء.
إن مأساة فلسطين، لا تكمن فقط في هذا النبْت الصهيوني الهجين، ولا في هذا الحامي لهذا النبْت، المخالف لكل القيم والدين، وإنما مأساة فلسطين الكبرى تبدأ وتنتهي بتشرذم قادتها وزعمائها، الذين يطعنون ظهور مجاهديها وشهدائها، وتكمن المأساة، في إصرار القادة العرب، على تصفية القضية بتقديم كل أنواع العون المخل بالشرف ليخلو لهم الجو، ويتحقق لهم المدنس من الهدف.
وإن كل هذه الحسابات، خاطئة، فالحق الثابت لا يعرف مثل هذه المعادلات الزائفة، ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي * إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [سورة المجادلة، الآية: 21]، ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا * وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [سورة الحج، الآية: 39].
فمهما ادلهمت آفاق الحياة الفلسطينية، ومهما تكاثرت خيوط المؤامرات على القضية، فإن النصر آت – لا ريب فيه – ومهندسو النصر، وصانعوه هم أبناء فلسطين المقاوِمة، ومعهم أبناء أمتهم العربية الإسلامية الداعمة، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ [سورة الشعراء، الآية: 227].
الحماقة الكبرى التي ارتكبها الغرب العنصري بقيادة أمريكا، منذ سبعين عاما، فزرع بها كيانا صهيونيا هجينا، في أرض فلسطين، هذه الحماقة لا تزال نذرها تترى.
فقد أخرجت هذه الحماقة الأصلاء الفلسطينيين من أرضهم، وزجت بخيرتهم في غياهب سجنهم، فروعت الأبرياء، ومكنت للغرباء الذين أمدتهم بالمال والسلاح والنفوذ باسم قانون الأقوياء..!
وظلت الفاجعة تتكرر على تعاقب الرؤساء الأمريكيين فنبت الغرس الهجين، وإن لم يثبت له أصل متين، وما كان ذلك كله ليتحقق، لولا تواطؤ عربي غبي، وصمت سياسي دعي، وتعاون اقتصادي سخي.
وأنى للغرب الأمريكي أن يفرض نفوذه على العرب في فلسطين، وأموال بنوكه منهم، وطاقة نفطه من أرضهم،
وما كان في مأساة ثمانية وأربعين صغيرا، كبر وتطور، وما كان ذليلا طغى وتنمر، وسبحان الذي يذل من يشاء ويعز من يشاء..!
رحماك ربنا، تجليت على العرب المسلمين بسخطك، فشتت شملهم، وفرقت صفهم، فطارت جموعهم كهشيم تذروه الرياح.
ففي الخامس عشر من ماي عام 1917م، صدر وعد “بلفور” المشؤوم، الذي مكن للصهاينة اليهود من إقامة الكيان النشاز، متحديا بذلك كل العرب والمسلمين من طنجة إلى أرض الحجاز.
وها هو نيرون العصر اليوم، يتحدى كل العرب والمسلمين، بعد أن أخذ مالهم، وضمن لحكمهم، نفوذهم ومآلهم، فقرر في صلف وكبرياء، وبعزف منفرد من لحن الخيلاء، أن ينقل، سفارة بلاده النكراء إلى القدس مدينة الأنبياء والشرفاء.
تتجدد الفاجعة إذن، بانقضاء مائة سنة بين وعد “بلفور”، والقرار المسعور، وبدل أن نقوم ونقاوم، صرنا نفاوض ونساوم..!
فهذه الكنائس ستبنى في بلد الأكرمين، وطائرات “العال” ستحلق، فوق قباب ومآذن الحرمين، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ويحضرنا في مثل هذا المشهد الحزين، قول الشاعر العربي نزار قباني:
سبعون عاما يا بلادي
ولا يزال الدرب مجهولا
سبعون عاما يا كتاب الهوى
ولم نزل في الصفحة الأولى
إنّ الصفحة الأولى التي كُتبت بدماء شهداء فلسطين، من كل بلاد العرب، والتي خلدت بطولات عكا والقدس والناصرة والنقب، هي الصفحة التي تطوى بعد مائة سنة بحبر الخيانة، واتفاق الهجانة، واستسلام المهانة.
إن الصفحة الأولى في فلسطين، تذكرنا بالمئوية الأولى لاحتلال الفرنسيين لأرضنا، وما تلاها، من تبجح وصلف، ولكن أين الفرنسيون، بعد كل هذا؟
لقد حكم القدر عليهم – كما قال إمامنا ابن باديس – بأنهم لم يتمكنوا باحتفال المئوية الثانية، تحت أي ظرف من الظروف.
ونحن نستلهم من ابن باديس، مقولته الرائعة بأن الصهيونية لن تنعم بالاستقرار بعد المئوية الأولى، مهما مكن لها المتواطئون، ومهما وطّأ، لها أكتاف البيت، الزاحفون على البطون والذقون.
إن الأمة الإسلامية – وهي تستقبل شهر رمضان، شهر الطهر والغفران – لترفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل أن يرحم جهاد عهد التميمي والبرغوتي، واستشهاد أحمد ياسين، وقوافل المجاهدين والشهداء في مواكب العودة في غزة، وفي رباط القدس الشريف.
وما كان الله ليضيع إيمان وجهاد واستشهاد المدافعين عن أرضهم، والمنافحين عن عرضهم.
سوف يظل الفلسطينيون – بالرغم من التضييق عليهم، والتنكيل بحقوقهم – في نشوة المعتز بانتمائه، وبأصيل عطائه، والثبات على السلاح من أجل بقائه.
ولكن بالمقابل سيبقى الصهيوني المحتل، خائفا بترقب، ما تمطره به السماء من صواريخ المقاومة، وما تفجره الأرض من قنابل أطفال الحجارة المداوِمة.
وشتان بين من يعيش نشوة النفْس ومن يعاني ضيق النفَس، فالأول مكتوب له طول البقاء، لأنه ينحو نحو الصعود والارتقاء، بينما يعاني الثاني قشعريرة الخوف والارتخاء.
إن مأساة فلسطين، لا تكمن فقط في هذا النبْت الصهيوني الهجين، ولا في هذا الحامي لهذا النبْت، المخالف لكل القيم والدين، وإنما مأساة فلسطين الكبرى تبدأ وتنتهي بتشرذم قادتها وزعمائها، الذين يطعنون ظهور مجاهديها وشهدائها، وتكمن المأساة، في إصرار القادة العرب، على تصفية القضية بتقديم كل أنواع العون المخل بالشرف ليخلو لهم الجو، ويتحقق لهم المدنس من الهدف.
وإن كل هذه الحسابات، خاطئة، فالحق الثابت لا يعرف مثل هذه المعادلات الزائفة، ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي * إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [سورة المجادلة، الآية: 21]، ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا * وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [سورة الحج، الآية: 39].
فمهما ادلهمت آفاق الحياة الفلسطينية، ومهما تكاثرت خيوط المؤامرات على القضية، فإن النصر آت – لا ريب فيه – ومهندسو النصر، وصانعوه هم أبناء فلسطين المقاوِمة، ومعهم أبناء أمتهم العربية الإسلامية الداعمة، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ [سورة الشعراء، الآية: 227].