عهد جديد من الهداية والرحمة والنصر الذي خص به الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين من أصحابه، وأيدهم بمدده وتمكينه. فكانت بدر أولى المعارك التي خاضها النبي الكريم وصحبه ضد المشركين وأعداء الدين. وكانت معركة فرقان فَرَّق الله بها الحق عن الباطل، فكانت نقطة تحول كبرى في مسيرة الدعوة الإسلامية وبداية لانتشارها في شتى أصقاع العالم.
- الوصف القرآنيُّ لمواقع المسلمين والمشركين في بدر:
وصف الله سبحانه وتعالى حالة المسلمين والمشركين في بدر بقوله: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 42].
هذه الآية الكريمة توضِّح الأماكن في غزوة بدرٍ، كما صوَّر لنا الله عز وجل حالة الجيشان يوم اللقاء، وفي الآية تصوير ما دبَّر سبحانه من أمر غزوة بدرٍ، ليقضي أمرًا كان مفعولاً؛ من إعزاز دينه، وإعلاء كلمته، حين وعد المسلمين إحدى الطَّائفتين، مبهمةً غير مبينةٍ، حتَّى خرجوا؛ ليأخذوا العير راغبين في الخروج، وأقلق قريشًا ما بلغهم من تعرُّض المسلمين لأموالهم، فنفروا؛ ليمنعوا عِيرَهم، وسبَّب الأسباب حتَّى أناخ هؤلاء بالعدوة الدُّنيا، وهؤلاء بالعدوة القصوى، وراءهم العير يحامون عليها، حتى قامت الحرب على ساقٍ، وكان ما كان.
- النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في ساحات بدر:
بعد نزول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والمسلمين معه، على أدنى ماء بدرٍ من المشركين؛ اقترح سعد بن معاذ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بناء عريشٍ له؛ يكون مقرّاً لقيادته، ويأمن فيه من العدوِّ. فأثنى عليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خيرًا، ودعا له بخيرٍ، ثمَّ بنى المسلمون العريش لرسول الله على تلٍّ مشرفٍ على ساحة القتال، وكان معه فيه أبو بكر رضي الله عنه، وكانت ثُلَّةٌ من شباب الأنصار، بقيادة سعد بن معاذٍ، يحرسون عريشه الشريف. ويُستفاد من بناء العريش أمورٌ؛ منها، وهو وجود مقر قيادة للإشراف على أرض المعركة، وأن يكون للقائد قوَّةٌ احتياطيَّةٌ أخرى، تعوِّض الخسائر الَّتي قد تحدث في المعركة.
ابتكر الرَّسول صلى الله عليه وسلم في قتاله مع المشركين يوم بدرٍ أسلوبًا جديدًا في مقاتلة أعداء الله تعالى، لم يكن معروفًا من قبل؛ حيث قاتل صلى الله عليه وسلم بنظام الصُّفوف، وهذا الأسلوب أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]. وصفة هذا الأسلوب: أن يكون المقاتلون على هيئة صفوف الصَّلاة، وكان من فوائد هذا الأسلوب إرهاب العدو وترتيب النظام العسكري عند المسلمين.
وتحدَّث ابن خلدون عن الأساليب القتاليَّة الَّتي استحدثها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في معركة بدر وما تلاها، والَّتي لم يكن للعرب عهدٌ بها، فقال مشيرًا إلى ذلك: «وكان أسلوب الحرب أوَّل الإسلام كلُّه زحفًا، وكان العرب إنما يعرفون الكرَّ والفرَّ..». وكان من أسلحة النبي الروحية الدعاء في كل مراحل المعركة. وفي رواية ابن عباسٍ: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ: «اللَّهمَّ أنشُدُكَ عَهْدَكَ، ووعدك! اللَّهُمَّ إن شئتَ لم تُعْبَدْ» فأخذ أبو بكر بيده، فقال: حسبك، فخرج صلى الله عليه وسلم؛ وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ*}.
وبذلك أخذ الرَّسول صلى الله عليه وسلم بالأسباب المادِّيَّة، والمعنويَّة، وتوكَّل على الله، فكان النَّصر والتَّأييد من الله تعالى؛ فقد اجتمع في بدرٍ الأخذ بالأسباب بالقَدْرِ الممكن، مع التَّوفيق الرَّبَّانيِّ في تهيئة جميع أسباب النَّصر متعاونةً. ففي عالم الأسباب تشكِّل دراسة الأرض، والطَّقس، ووجود القيادة والثِّقة بها، والرُّوح المعنويَّةَ لبِناتٍ أساسيةً في صحَّة القرار العسكريِّ. ولقد كانت الأرض لمصلحة المسلمين، وكان الطَّقس مناسبًا للمعركة، والقيادة الرَّفيعة موجودةً، والثِّقة بها كبيرة، والرُّوح المعنويَّة مرتفعة. فأخذ المسلمون الاستقامة على أمر الله، وأخذوا بالأسباب.
- نشوب القتال وهزيمة المشركين
اندلع القتال بين المسلمين والمشركين بالمبارزات الفرديَّة، فخرج من جيش المشركين عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، وابنه الوليد، وطلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثةٌ من الأنصار؛ ولكنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم أرجعهم؛ لأنَّه أحبَّ أن يبارزهم بعض أهله، وذوي قرباه؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «قم يا عُبيدة بن الحارث! وقم يا حمزة! وقم يا علي!» وبارز حمزةُ شيبةَ، فقتله، وبارز عليٌّ الوليدَ، وقتله، وبارز عبيدةُ بن الحارث عتبةَ، فضرب كلُّ واحدٍ منهما الآخر بضربةٍ موجعةٍ، فكرَّ حمزة، وعليٌّ على عتبة فقتلاه، وحملا عبيدة، وأتيا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ما لبث أن اسْتُشهد متأثراً بجراحه.
ووجه الحكمة، واللُّطف بالمسلمين في هذا التَّقليل، هو أنَّ إراءة المسلمين عدد الكافرين قليلاً ثبَّتهم، ونشَّطهم، وجرآهم على قتال المشركين، ونزع الخوف من قلوب المسلمين من أعدائهم. وكذلك المدد بالملائكة، وقد يسأل سائل: ما الحكمة في إمداد المسلمين بالملائكة لدحر جيش قريش؟
أجاب الأستاذ عبد الكريم زيدان على ذلك، فقال: لقد مضت سنَّة الله بتدافع الحقِّ، وأهله مع الباطل وأهله، وأنَّ الغلبة تكون وَفْقًا لسنن الله في الغلبة والانتصار، وأنَّ هذا التَّدافع يقع في الأصل بين أهل الجانبين: الحقِّ والباطل، ومن ثمرات التمسُّك بالحقِّ، والقيام بمتطلَّباته أن يحصلوا على عونٍ، وتأييد من الله تعالى بأشكالٍ وأنواعٍ متعدِّدة من التأييد، ولكن تبقى المدافعة، والتدافع يجريان وَفْقًا لسنن الله فيهما، وفي نتيجة هذا التَّدافع، فالجهة الأقوى بكلِّ معاني القوَّة اللازمة للغلبة هي الَّتي تغلب، فالإمداد بالملائكة هو بعض ثمرات إيمان تلك العصبة المجاهدة، ذلك الإمداد الَّذي تحقَّق به ما يستلزم الغلبة على العدوِّ، ولكن بقيت الغلبة موقوفةً على ما قدَّمه أولئك المؤمنون في قتالٍ، ومباشرة لأعمال القتال، واستدامة توكُّلهم على الله، واعتمادهم عليه، وثقتهم به، وهذه معانٍ جعلها الله حسب سننه في الحياة أسباباً للغلبة، والنَّصر مع الأسباب الأخرى المادِّية؛ مثل العُدَّة، والعَدد، والاستعداد للحرب، وتعلُّم فنونها ... إلخ،.
- الخلاف في الأنفال والأسرى
بعد الانتصار في بدر، قال الَّذين جمعوا الغنائم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن حَوَيَنْاها، وجمعناها؛ فليس لأحدٍ فيها نصيبٌ، وقال الَّذين خرجوا في طلب العدوِّ: لستم بأحقَّ بها منَّا؛ نحن نَفَيْنا عنها العدوَّ، وهزمناهم، وقال الَّذين أحدقوا برسول الله (ص) : لستم بأحقَّ بها مِنَّا؛ نحن أحدقنا برسول الله (ص)، وخِفنا أن يصيب العدوُّ منه غرَّةً، واشتغلنا به؛ فنزلت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ*} [الأنفال: 1].
إذًا خلَّد الله سبحانه وتعالى غزوة بدرٍ في سورة الأنفال، وجاءت مفصلةً عن أحداثها وأسبابها، ونتائجها، وتعرَّضت الآيات الكريمة لعلاج النَّفس البشريَّة، وتربيتها على معاني الإيمان العميق، والتَّكوين الدَّقيق، فبدأت السُّورة بتبيان حكم أثـرٍ من آثار القتال، وهو الغنائـم، فبيَّنت: أنَّ هـذه الغنائـم لله، والرَّسول فالله هو مالـك كلِّ شيءٍ، ورسوله (ص) هو خليفتهُ، ثمَّ أمر الله المؤمنين ثلاثة أوامر: بالتَّقوى، وإصلاح ذات البين، والطَّاعة لله والرَّسول (ص). وتلك الآيات وضعت قاعدةً هامَّةً في بناء الدَّولة حينما تكون في مرحلة التَّكوين، وفي سبيل هذه الكلِّيَّة يُطرح الاهتمام بالجزئيَّات حتَّى ولو كانت الحاجة ملحةً إليها.
كما كانت معاملة النَّبيِّ (ص) للأسرى تحفُّها الرَّحمة، والعدل، والحزم، والأهداف الدَّعوية؛ ولذلك تعدَّدت أساليبه، وتنوَّعت طرق تعامله (ص)، فهناك من قتله، وبعضهم قبل فيهم الفداء، والبعض الآخر منَّ عليهم، وآخرون اشترط عليهم تعليم عشرة من أبناء المسلمين مقابل المنِّ عليهم. وكان لا بد من الحزم مع مجرمي الحرب، ورؤوس الفتنة؛ من أمثال: عُقبة بن أبي مُعَيْط، والنَّضر بن الحارث، فقد كانا من أكبر دُعاة الحرب ضدَّ الإسلام، والمتربِّصين بالمسلمين الدَّوائر، فبقاؤهما يُعَدُّ مصدرَ خطرٍ كبيرٍ على الإسلام، فَقَتْلُهُمَا في هذا الظَّرف ضرورةٌ تفتضيها المصلحة العامَّة لدعوة الإسلام الفتيَّة، لذلك أمر رسول الله (ص) بِقَتْلِهما أثناء رجوعه للمدينة.
6. نتائج غزوة بدرٍ
قويت شوكة المسلمين، وأصبحوا مرهوبين بين قبائل الجزيرة العربية كلها، وتعزَّزت مكانة الرَّسول (ص) في المدينة، وارتفع نجم الإسلام فيها، ولم يعد المتشكِّكون في الدَّعوة الجديدة، والمشركون في المدينة يتجرَّؤون على إظهار كفرهم، وعداوتهم للإسلام؛ لذا ظهر النِّفاق، والمكر، والخداع، فأعلنوا إسلامهم ظاهرًا أمام النَّبيِّ (ص) وأصحابه. وازدادت ثقة المسلمين بالله تعالى وبرسوله الكريم (ص). ودخل عددٍ كبيرٍ من مشركي قريشٍ في الإسلام، وقد ساعد ذلك على رفع معنويات المسلمين الَّذين كانوا لا يزالون في مكَّة، فاغتبطت نفوسهم بنصر الله، واطمأنَّت قلوبهم إلى أن يوم الفرج قريب، فازدادوا إيمانًا على إيمانهم، وثباتًا على عقيدتهم.
كسب المسلمون مهارةً عسكريَّةً، وأساليبَ جديدةً في الحرب، وشهرةً واسعةً داخل الجزيرة العربيَّة، وخارجها. أمَّا قريش، فكانت خسارتها فادحةً، فإضافةً إلى أنَّ مقتل أبي جهل بن هشام، وأميَّة بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وغيرِهم من زعماء الكفر؛ الَّذين كانوا من أشد القرشيِّين شجاعةً، وقوةً، وبأسًا لم يكن خسارةً حربيَّةً لقريشٍ فحسب، بل كان خسارةً معنويَّةً أيضًا؛ ذلك: أنَّ المدينة لم تعد تُهَدِّدُ تجارتَها فقط، بل أصبحت تهدِّد أيضًا سيادتها ونفوذها في الحجاز كلِّه.
7. دروس وعبر وفوائد من غزوة بدر:
- حقيقة النَّصر من الله تعالى:
إنَّ حقيقة النَّصر في بدرٍ كان من الله تعالى، فقد بيَّن ـ سبحانه وتعالى ـ: أنَّ النَّصر لا يكون إلا من عند الله تعالى في قوله: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ*} [آل عمران: 126].
سُمِّيَ يومُ بدرٍ يومَ الفرقان، ولهذه التَّسمية أهمِّيَّةٌ عظيمةٌ في حياة المسلمين، وقد تحدَّث الأستاذ سيِّد قطب، عن وصف الله تعالى ليوم بدرٍ بأنه يوم الفرقان، في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *} [الأنفال: 41]. فقال: لقد كانت غزوة بدر الَّتي بدأت وانتهت بتدبير الله وتوجيهه وقيادته ومدده فرقانًا بين الحقِّ والباطل. فهذا الفرقان الكبير كان فرقانًا بين عهدٍ الدعوة الإسلاميَّة، عهد المصابرة والصَّبر، والتَّجمُّع والانتظار، وعهد القوَّة والحركة والاندفاع، والإسلام بوصفه تصويرًا جديدًا للحياة، ومنهجًا جديدًا للوجود الإنسانيِّ، ونظامًا جديدًا للمجتمع، بوصفه إعلانًا عامًّا لتحرير الإنسان في الأرض؛ بتقرير ألوهيَّة الله وحده وحاكميته، ومطاردة الطواغيت، الَّتي تغتصب ألوهيته.
- الولاء والبراء من فقه الإيمان:
رسمت غزوة بدر لأجيال الأمَّة صورًا مشرقًة في الولاء والبراء، وفيها تجسَّدت هذه المعاني، فعاشها الصَّحابة واقعًا، وفيها تهاوت القيم الجاهليَّة، فالتقى الابن بأبيه والأخ بأخيه:
- كان أبو بكر الصِّدِّيق في صفِّ المسلمين، وكان ابنه عبد الرَّحمن في صفِّ المشركين.
- كان مصعب بن عمير حامل لواء المسلمين وأخوه أبو عزيز بن عمير في صفِّ المشركين، ثمَّ وقع أسيرًا في يد أحد الأنصار، فقال مصعب للأنصاريِّ: شُدَّ يدك به؛ فإنَّ أمَّه ذاتُ متاع، فقال أبو عزيز: يا أخي هذه وصيَّتك بي؟ فقال مصعب: إنَّه أخي دونك.
- كان شعار المسلمين في بدرٍ: (أحَد.. أحَد) وهذا يعني: أنَّ القتال في سبيل عقيدةٍ تتمثَّل بالعبوديَّة للإله الواحد، فلا العصبيَّة، ولا القبلية، ولا الثأر، هو الباعث والمحرِّك؛ إنما الإيمان بالله وحدَه.
- الحرب الإعلاميَّة في بدرٍ:
قال حسَّان بن ثابت رضي الله عنه:
فَمَا نَخْشَى بِحَوْل اللهِ قَوْماً وَإِنْ كَثُرُوا وأَجْمَعَتِ الزُّحُوفُ
إِذَا ما ألبسُوا جَمْعاً عَلَيْنَا كَفَانَا حدَّهُمْ رَبٌّ رَؤُوفُ
وقال كعب بن مالك رضي الله عنه:
وما حَامَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرٍ ولا صَبَرُوا بِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ
فلا تَعْجَلْ أَبَا سُفْيَانَ وارْقُبْ جِيَادَ الخَيْلِ تَطْلُعُ من كَدَاءِ
بِنَصْرِ الله رُوْحُ القُدْسِ فِيْهَا وَمِيْكَالٌ، فَيَا طِيْبَ المَلاءِ
فكان الشِّعر يمثِّل الحملات الإعلاميَّة المؤثِّرة في دنيا العرب، فيرفع أقوامًا، ويخفض آخرين، ويُشْعِل الحروب، ويُطْفِئها.
وهكذا كانت بدر معركة الفرقان وفاتحة لعهد جديد مليء بالانتصارات اتسعت فيه الدولة الإسلامية في عهد النبي وخلفائه الراشدين ولتصل في عهد بني أمية إلى حدود الصين واطراف فرنسا، وكانت بدر حافزا للانطلاق نحو الفتح والتمكين.
.............................................................
مراجع المقال:
- ابن خلدون، المقدِّمة، ص 273.
- أحمد أبو الشباب، مقومات النَّصر، 2/154.
- تفسير الفخر الرَّازي، 15/133.
- تفسير القرطبيِّ،7/327.
- صالح بن عبد الله بن عبد الحميد، موسوعة نضرة النَّعيم في مكارم أخلاق الرَّسول الكريم (ص)، 1/291.
- علي محمد الصلابي، السيرة النبوية دروس وعبر، دار ابن كثير، بيروت، ص. ص 553 – 590.
- محمد آل عابد، حديث القرآن عن غزوات الرَّسول صلى الله عليه وسلم، 1/91.
- محمود خطاب، غزوة بدرٍ الكبرى الحاسمة، ص 23 - 24.
محمود محفوظ، المدخل إلى العقيدة والاستراتيجيَّة العسكريَّة، ص 121