قرأت ما نشره الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن أعداد السكان فى مصر حسب انتماءاتهما الدينية وذلك حتى أوائل سنة 1986 للميلاد، جاء فى هذه النشرة أن عدد النصارى 2.829.349 وأن نسبتهم إلى جملة السكان 5.87%.
وكانت معلوماتى السابقة تقترب من هذه الحقيقة، لذلك لم أشعر بشيء من الدهشة، غير أن أحد الناس سألنى: ما تعليقك على هذا الإحصاء؟ قلت: لاشيء عندى! إن الأقباط الذين يقاربون ثلاثة ملايين لهم حقوق أمثالهم من المسلمين لا ينقصون ذرة، وعليهم واجبات ثلاثة ملايين مسلم لا يزادون شيئا ؛ وقاعدة الإسلام من قديم أنهم جزء من الأمة لهم ما لنا وعليهم ما علينا..
قال: لا أعنى هذا، وإنما أشير إلى أن هناك شائعات تردد أن نسبة النصارى أكبر!! قلت: إن هذه النسبة معروفة منذ كان الإنجليز يحتلون مصر ويشرفون على ما يقع فيها من إحصاءات عامة، ومن الحماقة تصور أن الإنكليز كانوا يحابون المسلمين بتقليل النصارى! إن المماراة فى هذه المقررات لون من العبث..
قال: لكن بعض الإذاعات تضاعف أعداد المسيحيين فى مصر وغير مصر مثنى وثلاث ورباع، بل قال أحد المذيعين: إن النصارى فى مصر نحو ثلث السكان!! قلت: إنه لم يزعم ذلك فى مصر وحدها! بل قال ما قال عن مصر والسودان والشام وغيرها.
وغرض الاستعمار العالمى واضح من ترديد هذه الأكاذيب، إنه يريد إشعار غير المسلمين بأن لهم حقوقا مغتصبة! وأن عليهم مقاومة هذا الاغتصاب، والمناداة باسترداد ما أخذ منهم، ورفض المظالم التى توقعها الكثرة الإسلامية بهم.. الخ.
وفى أيام الاحتلال الأجنبى للشرق الإسلامى كان المثقفون المسلمون مطاردين فى الأجهزة الإدارية، بل إن دخولهم كان ممنوعا فى بعض المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية.. فلما تحررت البلاد، وأخذ الميزان يميل إلى الاعتدال بقى الدس الاستعمارى يريد استبقاء المسلمين غرباء فى بلادهم.
ويعتبر لبنان نموذجا مجسما لهذا العوج فالمَوَارنة فيه طائفة أقل من غيرها، لكن الاستعمار شاء أن يجعل زمام الحكم فى يدها، وأن يجعل الرياسة العليا لها، فلما أحس الآخرون بالحيف، وتطلعوا إلى العدل رفضت الصليبية النزول عما اكتسبت. وآثرت خوض حرب مضت عليها إلى الآن سنوات طوال..
ويبدو أى منطق الجشع يريد أن يكسب كل شىء ولو على أنقاض المدن والقرى، إنه لا يتصور أن تجمعه مع المسلمين قسمة عادلة!.
إن أقليات كثيرة تريد أن تدوس الأكثرية لا لشىء إلا لأنها أكثرية مسلمة