تتبعنا نبأ مشؤوما من بلادنا موريتانيا الإسلامية، نقض رخصة معهد تكوين العلماء. ولقد زرته عند زيارتها قبل سنوات، وما هو إلا مركز متواضع اعتمد على مساعدات أكثر أموالها من المستضعفين الذين لهم حلاوة الإيمان بدينهم، وثلة من الأغنياء. وبني على برامج التربية الإسلامية الوسطية، وليس فيه مثقال ذرة من أمارات التشدد والعنف والغلو التي وضعوها لكل صيحة ضد الصحوة الإسلامية.
والتقيت بعلمائها بقيادة الشيخ العلامة الشاب محمد الحسن ولد الدادو حفظه االله، وطلابها بملابس موريتانية تقليدية متواضعة، وليست فيها ملابس ضد الرصاص الحية أو أدوات مواجهة قنابل المسيلة للدموع. وإنما فيها حفظة كتاب الله الخاشعة الفائضة للعيون. أولئك الأبناء الذين نفروا من أريافهم وقراهم ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون.
ولذلك فإن صدر أمر منع المعهد إلا جزء من اتباع استراتيجية جديدة ضد الإسلام ومعاداته، ونوع من التغيير من حصار خارجي إلى مواجهة داخل الأمة الإسلامية نفسها، حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق، فشل الأديان غير الإسلام، وانهيار النظريات والايديولوجيات الوضعية من عمق دولها العظمى والصغرى التي تصدرها لرد المسلمين عن دينهم.
وما هو إلا تطبيق قول رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وليام غلاد ستون (1809-1898) في مجلس العموم: (هنالك ثلاثة عناصر القوة للمسلمين. هذا الكتاب (القرآن) والصلاة الأسبوعية (صلاة الجمعة وخطبتيها) والحج إلى مكة.
ولقد استخدم أسارى الغزو الفكري من أبناء جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتنا، للدعوة إلى أبواب جهنم، بتبديل الإسلام المستقيم إلى الإسلام المستسلم لأهوائهم كما بدلوا دينهم وسموه الإسلام السياسي وما هو إلا حركة علمنة الإسلام.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩) (إِبْرَاهِيمَ: ٢٨-٢٩)
وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (٤٦) فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (٤٧) (إبراهيم ٤٦-٤٧)
ألا تستحيي هذه الحكومات التي تحميها رجال القوات المسلحة ورجال الأمن وأدواتها الحديثة العصرية ووراءها الدول العظمى لمواجهة هذا المركز المتواضع؟
فاتقوا الله ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. ودمتم على هداية الله وبركاته.
الفقير إلى الله
عبد الهادي بن أوانج محمد
رئيس الحزب الإسلامي في ماليزيا
التاريخ: ٢١ محرم١٤٤٠ هجرية / ١ أكتوبر ٢٠١٨