الرابط المختصر :
القضية الفلسطينية هي الأولى من القضايا العالمية للمسلمين ، وفِي ظل تصاعد دعوات للتطبيع مع الاحتلال واعتراف عدة دول للقدس عاصمة اسرائيل كيف ترى القضية الفلسطينية الآن ؟ وما واجب العلماء والأمة تجاهها؟
د. محمد عمارة
الموقف الحالي للحكومات العربية والإسلامية يذكرنا بالمناخ والملابسات التي ضاعت في ظلالها الأندلس! .. أمراء وولاة يُطَبِّعون مع العدو، بل ويتحالفون معه ضد المقاومة! .. بينما الأمة - في مجموعها- على ولائها للقضية، لكنها مغلولة الأيدي بسبب ولاءة الجور والفساد والاستسلام.
ويذكرنا هذا الموقف كذلك بحقبة الغزوة الصليبية [489- 690 هـ / 1096- 1291م] التي شهدت قيامَ إمارات وأمراء وسلاطين تحالفوا مع الصليبيين المُغْتَصِبين للأرض والمُدَنِّسين للعِرْض، والذين حولوا الأقصى (أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومَسْرَى رسو الله صلى الله عليه وسلم) إلى كنيس لاتيني واصطبل للخيول!.
بينما ظلت الأمةُ رافعةً رايةَ الجهادِ ضد الغزو الصليبي .. وقد وصف المؤرخ أبو شامة [600- 666 هـ / 1203- 1268م]، صاحب [كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية]، هذه الازدواجية وهو يؤرخ لإحدى الحَوْليات فقال - في ختامها- : "وانقضى العامُ وأهلُ التجارة في تجارتهم، وأهلُ الحرب في حربهم، ولله عاقبة الأمور" !
ولأن عاقبةَ الأمورِ تحكمها السنن والقوانين الإلهية التي لا تبديل لها ولا تحويل، فإننا نؤمن بأن الصهيونية ودولتها (المزروعة قسراً في قلب الجسد الإسلامي) مصيرها هو مصير الكيانات الصليبية التي سبق وزُرِعَت في الأرض المقدسة .. ولقد عبر صلاح الدين الأيوبي [532- 589 هـ / 1137- 1193م] عن هذه الحقيقة في رسالته إلى المَلِك الصليبي ريتشارد قلب الأسد [1157- 1199م] عندما قال له: "وطالما استمر الجهاد، فلن يقوم لكم حَجَرٌ في هذه البلاد".
* أما واجب العلماء فهو إبقاء القضية المقدسة حيةً في عقل الأمة ووجدانها .. وهذا ما صنعه العلماء والأدباء والشعراء إبان الغزوة الصليبية وإبان حقب الاستعمار للأوطان الإسلامية، شحذاً للهمم، وإعداداً واستعداداً لمعركة التحرير.
إن صلاح الأمة رَهْنٌ بصلاح العلماء والأمراء .. وإن صلاح العلماء هو الشرط لصلاح الأمراء .. هكذا علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- .. وهكذا يجب أن يعي العلماء مكانهم ودورهم في تحرير الأرض المقدسة.