الرابط المختصر :
معالم في التعامل مع الهزيمة
أ. محمد خبر موسى (عضو الاتحاد)
الإقرار بالهزيمة والاعتراف بها لا يعني على الإطلاق القبول بها، فالإقرار بالهزيمة هو نقطة البداية للخروج منها وقلبها إلى نصر، بينما القبول بالهزيمة هو بداية طريق خنوعٍ وذلٍّ طويل.
في المعارك الكبرى ذات الطبيعة المعقّدة والأبعاد المتشابكة والزّمن الطّويل من الطّبيعيّ أن تحدث انكساراتٌ عسكريّةٌ وهزائم ميدانيّة، ومن الطبيعيّ أن يتفوّق الباطل في جولاتٍ ويغلب في معارك، ولكن غير الطّبيعيّ وغير المقبول على الإطلاق أن ينهزم أهل الحقّ أمام أنفسهم في ميدان الفكرة التي يتبنّونها، ويرتكسوا في ساحة الحق الذي يحملونه في قلبوهم ونفوسهم ويذودون عنه.
غلبةُ أهل الباطل في ميدان القتال يجب أن لا تؤثّر على الإطلاق في ميدان المبادئ والقناعات، فالباطل هو الباطل مهما استعلى وغلب، والحقّ هو الحقّ مهما تزلزل أهله في ساحات القتال، ينبغي أن يبقى ثابتًا راسخًا لا تزعزعه كلّ قوى الأرض، وإيمان المرء بحقّه هو قوّة عظمى، وهو سلاحٌ نوعيّ، وهو الضّامن للبعث من تحت رماد الهزيمة الحاضرة.
من الواجبات الضروريّة عند حلول الهزيمة المسارعة إلى الإفاقة من المصيبة لا الغرق في إحباطاتها، والمعاجلة إلى الكَرّة بعد الفَرّة، والنّهوض السّريع للبدء بمعركةٍ جديدةٍ بآليّاتٍ مختلفةٍ ووسائل غير تلك التي أدّت إلى الهزيمة وساهمت في وقوعها، وهذا يحتاج حلماء كبارًا وعقولًا راجحةً ونفوسًا واسعة.
من أوجب الواجبات عند حلول الهزيمة أن يسارع العقلاء في المجالات كافّة، العسكريّة والسياسية والفكريّة والشرعيّة والأخلاقيّة إلى عقد مراجعاتٍ شاملةٍ تستند إلى مكاشفاتٍ عاقلةٍ ومصارحاتٍ جريئةٍ لتشخيص الخلل ومواطنه، وتحمّل المسؤوليّة عن الهزيمة بجرأة وشجاعة، وتعرُّف السنن والقوانين التي تمّت مخالفتها فهزمنا، ووضع الحلول النّاجعة، والمباشرة بالتنفيذ.