قال إن الأمر لن يستتب للحوثيين ولا لغيرهم
العودة: المنطقة تعيش مرحلة تشكيل وانتظروا واقعا مفاجئا بعد خمس سنوات
دعا الدكتور سلمان العودة، الأمين العام المساعد لاتحاد العلماء المسلمين، إلى عدم التعجل في تحليل الأوضاع الراهنة بالمنطقة، متوقعا أن تتضح معالم الصورة المرتبكة والمضطربة الآن بعد خمس سنوات من الآن.
وقال العودة، خلال مقاله 1441 المنشور على موقع "الإسلام اليوم" وعدد من الصحف العربية، إن عقداً من الزمن منذ بداية أحداث الثورات العربية وما تلاها ربما يحدد القوى التي نجحت في المحافظة على نفسها واستثمار الفرص بطريقة صحيحة، والقوى التي كانت ظواهر وقتيَّة تمَّ النفخ فيها أو توظيفها، ومع الزمن تعود إلى حجمها الطبيعي.
وأوضح العودة "خمس سنوات إلى تفكيرنا الحالي القلق يمنحنا فسحةً وهدوءاً نفسياً وفكرياً؛ فلا نقع تحت طائلة الإحباط اللحظي واليأس القاتل أو الإحساس بأن الأحداث تتحرك دوماً ضدنا".
ونوه الدكتور العودة، خلال مقاله التحليلي، إلى أن الأحداث المتلاحقة وأبرزها سقوط صنعاء بيد "الحوثيين" بهذا الشكل الدرامي المثير، وإتمام تلك العملية بانسيابية غريبة؛ يوحي بتواطؤ إقليمي ودولي، مدللًا على ذلك بأنه "لم يُسمع صوت احتجاج أو تنديد، ولا أُغلقت سفارة، ولا وُزِّعت ألقاب التطرف والعنف، والإخلال بالأمن، والعدوان على سلطة النظام!".
وأشار أيضا إلى أن "بغداد ودمشق عاشت قبلها أوضاعًا مأساوية غير مسبوقة، والعالم الذي كان يتفرَّج على مجازر الأنظمة ويقوم بإحصاء الضحايا -وهم بمئات الآلاف- دون أن يُفكِّر في منع الطيران على الأقل.. بدأ يتدخَّل تحت ذريعة محاربة الإرهاب!".
وتساءل "هل الأهمية فقط للأسلوب الذي يتم به القتل بحيث إذا استخدم سلاحًا كيماويًا يتهيأ العالم لضربه، وإذا قتل بطريقة أخرى يكتفى بالإدانة؟ أم القصة تتعلق بإنسانية المقتول؛ فإن كان عربيًا أو مسلمًا فالخَطب يسير، أما إن كان من جنسية غربية أو إسرائيلية فهو خط أحمر؟".
وتساءل أيضا عن بروز القوى المحليَّة؛ التي كانت تعيش في الهوامش والأطراف، وقفزت إلى صدارة المشهد، "هل هو مؤشر لمخطط تقسيم جديد للمنطقة العربية؟ أم أن ما يحدث هو بسبب تراجع الدور الأمريكي وضعفه مما ولَّد فراغًا تم ملؤه ببعض القوى الجاهزة أو والانتهازية والمتحالفة مع غيرها من قوى الثورة المضادة أو الدوائر الإقليمية؛ التي تحركت مطامعها الاقتصادية والسياسية بعد تراجع أحداث الربيع العربي؟"
وخلص إلى أنه على أيِّ الاحتمالين فالمحصِّلة أن الأوضاع غير مستقرة لا في صنعاء ولا في غيرها، ولن يستتب الأمر للحوثيين كمستفردين بالسلطة ولا لغيرهم، والأوضاع السياسية تحتاج لفترة كافية حتى تتضح معالمها".
لكنه وصف، في الوقت ذاته، الفترة الحالية بـ"المهمة عمليّا"؛ لأنها فترة فرز وتكوين جديد، وكما يقال (السابق لابق)، وإذا كانت بعض شعوب المنطقة متفرِّجة تكتفي بالحديث، فثمَّ شعوب أخرى بيدها الكثير من القوة والتأثير، وعليها أن تستحضر قول ربها: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}.
واختتم العودة مقاله، بقوله: "إذن دعونا نُرحِّل تحليلاتنا لأحداث الساعة؛ لنتساءل: ماذا سيكون عليه الحال في ذلك العام؟!".