الرابط المختصر :
صلــــوات فــي محـــراب العـــام الجــديــــد
بقلم: أ. د. عبدالرزاق قسوم
أشرق علينا، من علوّ سمائك، بأنوار هلالك، -يا محرم- كي تطهرنا، صحيا من جراثيم الكورونا، وبقايا الصقيع، وتخلصنا سياسيا من خيانة الهرولة نحو التطبيع، وتبعد عنا-دينيا، فتاوى التزلف، والترقيع والتمييع.
إنك تطل علينا، يا أيهذا العام الهجري الجديد، وقد تبدلت الأرض غير الأرض، والإنسان غير الإنسان، فقد أنبتت أرضنا، كائنات غريبة، ذات سياسات مريبة، تدين بالولاء لغير الله، ولغير الوطنية الأصيلة الحبيبة.
فماذا دهى بعض زعمائنا وأمرائنا، وماذا حل ببعض علمائنا وكبرائنا؟
أيجوز أن تخرج أرضنا، من يجاهر بالعقوق، لآبائه، ومجاهديه وشهدائه؟
وهل تتسع أوطاننا، بأن يحكمها من لا يملكها، ويعطيها لمن لا يستحقها؟
إن أرض العرب والمسلمين، هانت على أبنائها ودانت، بالولاء، لأعدائها، فما كان بعيدا -بالأمس- صار اليوم قريبا، وما كان غريما أصبح حليفا، فأية داهية، أخطر من هذه، وأيه مصيبة أعظم من هذه المصيبة.
أرضنا اليوم تستصرخ أصلاءها، الذين عقدوا العزم على سطحها، بأن يحرروا فلسطين، كل فلسطين، وأن ينصروا قضية الفلسطينيين العادلة.. ذلك كان شأن الملك فيصل، والشيخ زايد، والرئيس عبد الناصر، والرئيس بومدين، والرئيس صدام، وغيرهم.. فخلف من بعدهم خلف، فرطوا في الأرض، وضيعوا الفرض، وداسوا على العرض فهانوا على أنفسهم وعلى الناس.
فكيف يكون التصدي للتحدي؟ هل نستسلم جميعا، للانهزامية، ونقبل رفع الآذان، بالعبرية، ونرضى بالدنية؟
معاذ الله، وفينا عرق ينبض، وشباب ينهض، وجيش يركض؛ ونفس تثور لله وفي سبيله تبغض.
نريد جيلا غاضبنريد جيلا يفلح الآفاق
وينكش التاريخ من جذوره وينكش الفكر من الأعماق
نريد جيلا قادما مختلف الملامح
لا يغفــــــــر الأخطــاء لا يســـــامــــــــــــــح
لا ينحني لا يعرف النفاق نريد جيلا رائدا عملاق
إنه الجيل الذي بشر بميلاده، الشهيد أحمد ياسين، والمجاهد رائد صلاح وأطفال الحجارة السائرون على دربهم.
إنه الجيل الأمل الذي سيصحح الأخطاء، ويزيل الأرزاء، ويعطر بالاستشهاد الأرجاء، ويستأصل شأفة الأعداء.
ذلك –إذن- هو العهد الجديد، الذي نحلم به، لبناء المستقبل العربي الإسلامي الأفضل، فهو الذي سيعيد اللحمة التي توشك أن تندثر، ويبني القاعدة الصحيحة التي عمل البعض على أن تندحر، وبذلك نضمن للعصر العربي الإسلامي الجديد أن يبعث في رحلة إلى الحياة وأن ينتصر.
إننا ونحن في مستهل العام الهجري الجديد، الذي منه نستلهم معاني الجهاد الصحيح في سبيل نصرة القضية العادلة، ونستخلص معنى الثبات على الثوابت بتقديم أغلى ما يمكن من التضحية الفاضلة.
نرفع –إلى الله- أكف الرجاء، بأن يحقق لنا، بصلواتنا الصادقة، المطالب التالية:
1- أن يمنّ على أمتنا، بالأمراء والعلماء، والعقلاء، والصلحاء، ليقودوا الأمة، نحو السيادة، والنبل والمجد والإخاء، للنصر على الأعداء.
2- أن نركز في عقول وقلوب الجيل الصاعد من أبناء أمتنا، قيم الإباء والإيمان بالتضحية والفداء، لصيانة الأوطان من الدخلاء، والعملاء، الذين كانوا، ولا يزالون، سلما للأعداء.
3- ترسيخ قيم الحق، والعدل، والحب الجماعي للوطن، حتى توضع الأسس المضادة للزلازل، التي تستعصي على كيد الأعداء، ومؤامرات الخونة والسفهاء، ضد إعلاء البناء.
4- توعية كل مواطن ومواطنة، بالانتماء إلى الإسلام، دين الحضارة، والتشييد والإخاء، الذي يجمع المظلومين والمعذبين ضد الظالمين المحتلين، من الصهاينة ومن شايعهم من المستكبرين الطغاة الأقوياء.
على أن تحقيق هذه المطالب كلها سيظل مرهونا، بقوة السعي، وتعميق الوعي، وشدة الإيمان بالحق المسلوب، والطلب المرغوب، فيتجند الجميع في خندق المقاومة، التي تعلو عن كل أنواع المساومة ويحافظ على خندق المداومة.
وإننا لقوم نؤمن، بأن الحق المبين مهما سلط عليه من بطش المعتدين، فسينتصر ولو بعد حين.
ومثال الأمة العربية الإسلامية اليوم دليل، على بعد هذه الأمة حكاما ومحكومين عن مبادئ الله، الذي ينصر من يشاء من أهل الحق، وتلك هي سنة الله.
﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [سورة المجادلة/ الآية:21].
إن الأمل معقود لواؤه، على الجيل الصاعد، الذي عاش معاناة اللجوء، والقتل، والسجن والتعذيب، وكل ذلك يمثل، عزما، وإصرارا على احتكاك الحق، بالمقاومة.
إن هذا الجيل المنشود، هو المؤتمن على استعادة حق الآباء، والتمكين لعهد الأبناء، وتحقيق النصر على الأعداء.
فليع الجميع، أن ما بني على باطل فهو باطل، وأن دولة الظلم ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة، ذلك إن عرس صهيون، كما قال الإمام الإبراهيمي، هو عرس لا ينبت، وإذا نبت، فإنه لا يثبت.
﴿ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [سورة الروم/ الآيتين: 04، 05].