البحث

التفاصيل

تأملات في المشروع الفكري للشيخ يوسف القرضاوي (6) قسوم لعربي21: القرضاوي اختار التأصيل المعرفي لعلاج مشكلاتنا

الرابط المختصر :

تأملات في المشروع الفكري للشيخ يوسف القرضاوي (6) قسوم لعربي21: القرضاوي اختار التأصيل المعرفي لعلاج مشكلاتنا

اليوم يحاور الكاتب والإعلامي الجزائري حسان زهار رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائرية الدكتور عبد الرزاق قسوم عن رأيه في مكانة الشيخ القرضاوي في تاريخ الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر.

منظر الصحوة الإسلامية

أكد الدكتور عبد الرزاق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، أن "العلاّمة الدكتور يوسف القرضاوي، يعد بحق أحد منظري الصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر وخارجها، فإضافة إلى ما كتب فيها الشيخ مساهمة منه في ترشيدها، فقد تميز دوره على الخصوص في مشاركاته في ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تعقد في الجزائر، خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي".

وأوضح الدكتور قسوم في حديث خاص لـ "عربي21"، أن الشيخ يوسف القرضاوي "كان إلى جانب ثلة من علماء الأمّة الإسلامية، كالشيخ محمد الغزالي، والشيخ أبوغدة، والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، والشيخ الحبيب بن الخوجة، والشيخ محمد عزيز الحبابي، والمفكر رجاء غارودي، والشيخ عبد الله بن عبد المحسن التركي، إضافة إلى علماء الجزائر ومفكريها، كانوا جميعا من نجوم الصحوة الإسلامية. مشيرا أن خطاب الشيخ يوسف القرضاوي، الموجه إلى الشباب بالخصوص من الجنسين، كان يتميز بالوسطية والاعتدال، والتسامح، وأدب الاختلاف مع المخالف".

وإن مما يحمد للشيخ القرضاوي بحسب الدكتور قسوم ، في دوره الحضاري هذا، في الجزائر بالذات، أنه كانت بالإضافة إلى المحاضرات، والنقاش الصريح والفصيح مع العلماء، انتقاله إلى الأحياء الجامعية للطلبة والطالبات، حيث يلقي محاضرات لتوعية الشباب وصحوتهم، والإجابة عن تساؤلاتهم وانشغالاتهم، مما كان له الأثر البليغ في ترشيد الصحوة الإسلامية وبنائها على أسس سليمة.

وقال الدكتور قسوم بالمناسبة: "لقد أكرمني الله بأن كنت أحد الفاعلين في إعداد ملتقيات الفكر الإسلامي، فقد كنت صحبة الإخوة عبد الوهاب حمودة، والسعيد شيبان، وأحمد عروة، ومحمد الهادي الحسني، ومحمد فارح، والعربي دماغ العتروس، كنا نمثل اللجنة العلمية لملتقى الفكر الإسلامي. الذي كان من حيث المواضيع المعالجة والشخصيات المشاركة، وحسن التنظيم المعد، يمثل الوسام الذي تعلقه الأمّة الإسلامية على جبينها".

وأن السبب في تلك المكانة برأيه: "أنه كان مفتوحا لكل الاختصاصات والمذاهب، وكان الملتقى هو الكفيل بتصحيح الأفكار بفضل الحرية المكفولة للنقاش، وإعطاء الكلمة لكل من يطلبها، وخاصة الشباب، وتمكين وسائل الإعلام من نقل وقائع الملتقى، دون مراقبة أو حذف".

وقد وجد الشيخ يوسف القرضاوي حسب الدكتور قسوم "في هذا الجو العلمي، منتشى للعقل، مقارنة بما كان سائدا في بعض البلاد الإسلامية، فأبدع، وأتى بما عنده من الحِكَم والجواهر، مما أحدث ذلك التجاوب الذي كان سائدا والذي كنا نلمسه في تحلق الشباب حوله وحول أمثاله، لنهل المعرفة منه".

علاقته بجمعية العلماء المسلمين

وحول علاقة الشيخ القرضاوي بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين يؤكد الدكتور عبد الرزاق قسوم أنها "تعود إلى النبع الإصلاحي، الذي كان يغرف منه علماء الجمعية في الجزائر، والمصلحون في مصر، وفي غيرها"، خاصة وأنه كما يضيف "كلنا يدرك عمق العلاقة التي كانت تربط علماء الجمعية بالرواد المصلحين للأمة الإسلامية، مثل جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وحسن البنا، وغيرهم، وقد تجلى هذا في كتابات الإمامين عبد الحميد بن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي".

ويضيف الدكتور قسوم: "إن هذه العوامل الإيجابية لدى العلماء قد وجدت الأثر الإيجابي لدى العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، الذي وجد نفسه أقرب إلى هذا المنهج، منذ تعاونه مع جمعية العلماء، بعد الاستقلال، وخلال ملتقى الفكر الإسلامي، والجامعة الجزائرية التي فتحت للشيخين الغزالي والقرضاوي مدارجها، لما وجدته في خطابهما من وسطية واعتدال، فكانت لهما بصمتهما في طبع الجيل الجامعي ببصمة الصحوة الإسلامية بواسطة الخطاب الإسلامي البعيد عن الغلو، والتشدد والتطرف".

منهج التأصيل المعرفي

ويعتبر الشيخ قسوم أن الشيخ القرضاوي الى جانب الشيخ محمد الغزالي"نهلا من معين واحد هو معين الإصلاح الإسلامي، ولذلك وجد المثقفون الجزائريون في خطابهما كل القبول، لأنه خطاب يتناغم مع خطاب ابن باديس والإبراهيمي، وباقي علماء الجمعية".

وهنا يوضح: "إذا كان خطاب الشيخ الغزالي له خصوصية الواقعية العقلية، التي تنزل إلى واقع الناس فتشخص الداء وتصف لهم الدواء، فإن خطاب الشيخ يوسف القرضاوي يتصف بمنهج التأصيل المعرفي، في البحث عن العلاج، لذلك فالخطابان يتكاملان، ويتناغمان مع العقل الجزائري، الذي عرف بالجد، وعمق الانتماء، والنأي عن الخطابية الجوفاء".

ويضيف: "من هنا جاء تأثير العالمين الجليلين في تعميق الصحوة الإسلامية لدى الباحثين الجزائريين، وهو الأثر الذي نجد صداه إلى اليوم، في كل منحى من مناحي الخطاب الإسلامي الصحوي في الجامع وفي الجامعة".

محاربة الاستبداد والغلو في الدين

ويرد الدكتور قسوم على منتقدي الشيخ القرضاوي بالتأكيد: "إنه بالرغم مما يثار، من بعض المتشددين أو المنسلبين، من أن خطاب الشيخ يوسف القرضاوي فيه أحيانا، بعض الحدة، فإننا نعتقد أن خطاب الشيخ هو في معظمه يحارب الغلو في الدين، والتطرف في الاستبداد، والتسلط في الحكم".

وأضاف: "لا نعرف للشيخ القرضاوي، خطابا دعا فيه الجزائريين إلى الثورة على حكامهم، حتى في عز الأزمة التي عاشتها الجزائر، والتي أدت إلى إسقاط حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة".

وعليه يشدد الدكتور قسوم على: "أن ما أعجب به الجزائريون في خطاب الشيخ، هو تنظيره للحكم الإسلامي، وتشريع الزكاة من منطلق الاجتهاد في النص، ونبذه للجمود على النص، أو تفسيره النصوص على غير ما قصد لها، أو صرفها، لتصبح في خدمة الحكام. وأن هذه الأحكام المؤصلة، الواقعية، المعتدلة، المتفتحة، هي ما وجد فيه المثقفون ضالتهم فتجاوبوا معه".

ومع ذلك يستدرك الدكتور قسوم بأنه: "لا يعدم أي عظيم مناوئين له، وكفى العالم نبلا، أن يعد خصومه، فالعبرة بالكلية وبالنوعية، ومعظم أهل العلم والمتضلعون في العلم، يشهدون للشيخ بحسن التوجه والرسوخ في العلم والمعرفة".

وأضاف: "إذا وجد بعض المناوئين له من العلمانيين أو المتطرفين في الفكر، فهؤلاء يمثلون استثناء، ولا عبرة بهذا النوع من الاستثناء.فهؤلاء ينطلقون في أحكامهم ضد الشيخ من مواقف ذاتية شخصية أو إيديولوجية سياسية، والعلم يعلو عن مثل هذه الانفعالات التي لا ترقى إلى مستوى الحكم المعرفي المنطقي".

دوره في صقل العقل الاسلامي

واعتبر الدكتور قسوم أن: "من الحكمة التي هدى الله إليها الشيخ القرضاوي، أنه عمد إلى قضايا المجتمع الإسلامي الشائكة والحساسة، فشخصها في ضوء الكتاب والسنة، وعالجها بحكمته المعهودة، وواقعيته المشهودة، من ذلك قضية العقيدة وأسس بنائها، ومنهجية الدعوة الإسلامية وطرق إنجاحها، وأحكام الزكاة في ضوء القوانين المالية السائدة، ونظام الحكم الإسلامي وضوابط إقامته، والصحوة الإسلامية ومنهجية ترشيدها وصيانتها من الغلو والتطرف...الخ".

وأشار إلى أنه: "من شاء المزيد من هذه المواضيع، فليعد إلى الكتب التذكارية التي ألفها أصدقاء ومريدو الشيخ بمناسبة بلوغه السبعين سنة، والتسعين، أطال الله في عمره. فقد فصّل الكتّاب في هذين الكتابين مختلف جوانب التكوين، والمنهج، والمقصد في فكر الشيخ القرضاوي، ودور ذلك كله في صقل العقل الإسلامي عموما، والجزائريين بصفة أخص".

الموقف من الشيعة

غير أن الدكتور قسوم يختلف مع الشيخ القرضاوي في الموقف من الشيعة بعد تراجع الشيخ عن فكرة التقريب، عندما أعلن أنه تعرض للخديعة، منوها: "إن احترامنا للشيخ يوسف القرضاوي، وإعجابنا به، لا يمنع من الاختلاف معه في هذه النقطة بالذات، فمبدأ التقريب بين المذاهب الإسلامية يظل مبدأ قائما، مهما اختلفنا مع الداعين إليه، أو القائمين على شأنه، لأننا محكومون في هذا الصدد بالحكم الإلهي: {إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً..}".

ويبرر: "فمهما اختلفنا مع الإخوة الشيعة من حيث المعتقد، وبعض التوجه السياسي، فلا ينبغي أن ننسى لهم فضل الدعم والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية. كما أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو اتحاد لكل العلماء، وليس لعلماء السنّة فقط، ومن هنا فإننا نستسمح شيخنا يوسف القرضاوي في أن نختلف معه في هذه النقطة بالذات".

المستقبل للاعتدال والوسطية

إنه لا مكان للتطرف، والغلو، والتكفير بالنسبة للدكتور قسوم، في مستقبل الأمة الإسلامية بالخصوص، لأن هذه الأحكام الشاذة هدم، وسلب، ولا يمكن البناء على الهدم، ولا على السلب.

لذلك يخلص الدكتور قسوم في ختام حديثه لـ "عربي21" إلى القول: "نعتقد أن مذهب الاعتدال والوسطية الذي نادت به جمعية العلماء المسلمين الجزائرية، والشيخ القرضاوي، هو المذهب الذي سيكتب له النجاح لأنه مذهب يقوم على البناء وفق أسس سليمة، ويعضد هذا البناء الإخاء، والحب، والتسامح، وهي القيم الإنسانية السامية، التي سيستجيب لها كل عاقل، وكل سليم التدين والإنسانية" و"البقاء سيكون دوما للأفضل، والأقوم، وهو المستمد من روح الإسلام الصحيح".

المصدر: عربي 21


: الأوسمة



التالي
يا قدسنا (أنشودة القدس وفلسطين)
السابق
بمعيار فلسطين.. القره داغي يوضح الفرق بين القادة العرب

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع