البحث

التفاصيل

أما آن لإخواننا الليبيين أن يتحدوا؟

أما آن لإخواننا الليبيين أن يتحدوا؟

بقلم: د. عمار طالبي (عضو الاتحاد)

 

لقد مر على الشعب الليبي الشقيق سنون حرب أهلية وإقليمية ودولية، فتشتت أمره، وقتل أفراده، وتشردت أسر، وضاعت أموال، ودمّر الاقتصاد، وغابت رائحة السلام والأمن بسبب الدول ذات المصالح، والنفاق، والكذب، وجاءت المرتزقة من كل مكان شرقا وغربا، وتمرّد من أهله، ذلك المهزوم المشؤوم المجرم، السفاك للدماء، اتخذته الدول أداة لقضاء مصالحها، وشن حرب على أهل بلده، وأصرّ على ذلك واستكبر استكبارا لا يرعوي عن غيه، ولا يرتدّ إلى عقله إن كان له عقل أو حياء خلقي وضمير.


وهذا الاجتماع الذي تم في تونس ثم يتم الآن في طنجة بالمغرب يبشر بالخير، وأظن أن هؤلاء المجتمعين لهم من الحكمة والوعي السياسي ما يمكنهم من الاتفاق، على لمّ الشمل، واتحاد الكلمة، في وضع مؤسسات دستورية لدولة ديمقراطية مدنية جديدة، تمحو مشكلات الماضي، وتدخل في مرحلة ينعم فيها الشعب الليبي بنعمة الأمن على أرواحه وعلى أمواله ويسترد كرامته، وعليهم أن يتذكروا جهاد أبطالهم مثل ذلك المجاهد العظيم الذي دافع عن أمته، وهو في شيخوخته ماضي العزم، شديد الإرادة الشيخ الجليل عمر المختار، وغيره من الأبطال.
وللشعب الليبي قدرات ورجال لا يبخلون بخدمة الشعب، والتضحية بالمصالح الشخصية، والإيديولوجيات المفرقة، فاختلاف الآراء أمر مشروع، ولكن بشرط أن لا يؤدي إلى صراع ونزاع يفرّق أمر الوحدة، ويذهب بريح الدولة، لا قدّر الله.


ولا ينبغي أن يلجأ من يلجأ إلى دول أجنبية، فإن ذلك أمر مدمّر، وخيانة ما لم يكن معاهدة أو اتفاقا يحفظ للشعب وجوده وكرامته ندّا للندّ، كما فعلوا مع تركيا.


ولهذا الشعب الليبي إمكانات وقدرات تمكّنه من أن يصبح صاحب دولة لها مكانتها بين الدول، علما وثروة، وتقدما تقنيا، وعلى رجالها المهاجرين أن يعودوا لوطنهم لإغاثته، وتمكينه من أن يتجاوز هذه المحنة، وهذه الأزمة، بما لهم من علم، وعزم، ووطنية.


ونحن نرى والحمد لله دول المغرب العربي لا تريد أن تدخل في الشأن الليبي إلا للتصالح، والبناء بلا طمع، ولا خلفية، وندعو الله أن لا تشعل حرب في شأن الصحراء الغربية، وأن يكون الحوار هو السبيل الأرشد، والطريق الصحيح للخروج من الأزمة، أما الحرب فلا تجدي ولا تؤدي إلى الخروج من أية أزمة بل تعقّدها، ولعل فجرا جديدا يضيء مساحتنا، ويجمع شتاتنا، ويعيدنا إلى دولة مثل دولة الموحدين من طنجة إلى برقة، تحمي نفسها من البحر، إلى الصحراء، يكون لها أسطولها البحري، وجيشها البرّي، حماية لشوكتها، وحصنا لكرامتها وحريتها في وحدة فدرالية، أو في أي شكل يتفق عليه، وعلى النخبة الثقافية، والنخبة السياسية، أن يفكروا وأن يعملوا من أجل هذه الوحدة، وعلى الأحزاب أن تسعى لذلك كما سعت الأحزاب الوطنية في عهد الاحتلال، واتفقت على وحدة الجهاد للتحرر من قبضة الاستعمار، ووقفت الشعوب مع ثورة الجزائر، إلى أن تحررت، وأخذت طريقها إلى وجودها من جديد، دولة تحفظ شعبها، وثروتها، من أن تبيد بأيد غيرها، أو بأيدي بعض المجرمين من أهلها.


ندعو الله لإخواننا في ليبيا أن ينتصروا على أنفسهم أولا، ثم على أعدائهم الماكرين المتربصين بهم.

 


: الأوسمة



التالي
55 هيئة مغربية تسلم رسالة للأمم المتحدة لوضع حد لجرائم إسرائيل بفلسطين
السابق
الرسالة الأسبوعية (11): "إضاءات وبـيِّـنات: حول موقف هيئة كبار العلماء بالسعودية من جماعة الإخوان المسلمين"

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع