البحث

التفاصيل

الشاهد المتألم على الواقع المتهدم

الرابط المختصر :

الشاهد المتألم على الواقع المتهدم

بقلم: أبو زيد المقرئ الإدريسي (عضو الاتحاد)

 

ما نفع عرفات اعتراف 100 دولة به دفعة واحدة، فور انتهائه من خطابه " التاريخي " بمقر الأمم المتحدة بجنيف سنة 1988؟

وما نفعه اعتراف العالم به كله ، بما فيهم اسرائيل، بعد توقيعه اتفاق غزة أريحا، برعاية كلنتون يوم 13 شتنبر 1993؟ بل وحصوله على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع رابين؟

لم تكلف" اسرائيل" نفسها ، بعد كل ما أعطاها، إلا أن تقول له ، يوم وصل الموعد المتفق عليه لقيام الدولة الفلسطينية على 22% فقط من أرض فلسطين التاريخية:" ليس هناك تواريخ مقدسة"! ثم تداعت دول الغرب كلها تتناهق تناهق الحمير: إياك يا عرفات أن تركب رأسك وتعلن الدولة الفلسطينية من طرف واحد! فلن ننصرك! ثم بعد ذلك قتلوه ، وجاءوا من بعده بمن باع دمه: أبو مازن.

واليوم يعدون أسوا فلسطيني على وجه الأرض: دحلان، ليطيح به ، رغم انبطاحه الكامل.

هكذا يطلبون منا التعقل حين نظلم، مع الالتزام الكامل بما أكرهنا على توقيعه، ولا يطلب من الطرف الآخر أي شيء مقابل دعم شامل غير منقوص ولا مشروط؟؟!!

فكيف لنا بعد كل هذه البيانات، أن نصدق حديثا معسولا عن مصداقية للصهاينة، او جدية لأمريكا، أو توازن في المواقف؟

تركيا سلمتهم سنة 1917 العالم الإسلامي، وسلمتهم نفسها سنة 1923, وذبحت نصف مليون تركي مسلم إرضاء لهم ، وطبقت علمانية شرسة أجرمت في حق الإسلام والمسلمين، واعترفت بإسرائيل فور قيامها سنة 1948, ودخلت حلف الناتو لتكون سدا منيعا للغرب في وجه الشيوعية، وناصرت الغرب ضد المسلمين في كل القضايا ، وأرسلت أبناءها ليموتوا في الحرب الأهلية الكورية 1950- 1955، حيث مقبرتهم هناك أكبر من مقابر قتلى الكوريين أنفسهم. واليوم لأنها تريد أن تدافع عن الحد الأدنى من مجالها البحري بموجب القانون الدولي الذي شرعه الغرب نفسه، تتحد الدول الأوربية كلها وراء اليونان في موقف صليبي تشم منه رائحة القرون الوسطى، وتتخذ قرارات قاسية بعقوبات ظالمة ضد الطرف المظلوم. فماذا بعد؟

على سبيل التذكير: في سنة 1829 أرسلت الجزائر شحنات ضخمة لفرنسا هدية لإنقاذها من المجاعة، وشحنات أخرى بيعا بثمن مخفض وتسهيلات كبيرة. ومنحتها قرضا بدون ربا وبأقساط مريحة جدا. فماذا كانت المكافأة في السنة التي تليها؟ احتلت فرنسا الجزائر سنة 1830 وأبادت قبائل بأكملها حرقا بالنار ، وهدمت على امتداد نصف قرن 85% من المساجد، وأرغمت الجزائريين أن يغرسوا مكان القمح ، الكروم لإنتاج الخمور، وفعلوا في بلادهم العكس ، لتصبح فرنسا اليوم هي من يصدر القمح للجزائر، ولكن في أي سياق وبأية شروط؟؟؟؟

ولم نضيع كل هذا الوقت؟ والجهد؟ ما نفع الهنود الحمر أن وقعوا مئات اتفاقيات السلام بعد تنازل رهيب عن حقوقهم المتعلقة بوجودهم، وعلى امتداد أربعة قرون، إلا اتخاذ تلك الاتفاقيات سبيلا لإبادتهم ومحوهم من الوجود. أناشدكم الله أن تقرأوا كتب منير العكش، لتقفوا على التفاصيل المذهلة في هذا الموضوع.

إنه الخراب القادم، ولا حول ولا قوة الا بالله! لننظر ما فعل بمصر وهي أقوى وشعبها أعرف بالصهاينة وهو لهم أشد كراهية. كيف وقد خربت مصر من إسرائيل مع الفشل الكامل للتطبيع الشعبي واقتصاره على المستوى الرسمي. كيف ووعينا بالقضية لا يتناسب مع حبنا لفلسطين؟ كيف إذا أصبح لمليون مغربي إسرائيلي حق التصويت بمسمى أنهم من " مغاربة العالم"؟

أما وهم أننا كسبنا مقابل التطبيع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، فما أسهل أن يأتي بايدن ويمحوه بجرة قلم ، في سطر تغريدة، كما فعل ترامب مع الاتفاق النووي الإيراني، في حين يستحيل علينا نحن الضعفاء التراجع عما ورطنا فيه ، أو حتى التوجع من السكين الصهيوني حين ينغرس عميقا في الأحشاء، أو حتى ردع المغاربة المتصهينين عن صلفهم وعتوهم، على قلتهم وتفاهتهم.

المرجو الاطلاع على كتاب الدكتور أحمد ويحمان:" بيبيو الخراب على الباب" وملحق " حصاد الهشيم " في آخر كتابي " أفهم القضية الفلسطينية ليكون لي موقف". وحسبنا الله ونعم الوكيل.


: الأوسمة



السابق
"شيخ السلطان" والمعايير الأخلاقية للاتصال بالسلطة

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع