الرابط المختصر :
خطاب الإفك والبهتان من نواب أوروبا في البرلمان
بقلم: أ. د. عبدالرزاق قسوم
ألا ما أتعسكم على أنفسكم، وعلى غيركم من بني الإنسان، يا نواب أوروبا في البرلمان!
فقد تقدم العقل الإنساني، في كل الأوطان، وأنتم لا تزالون تراوحون مكانكم، في التنظير للطغيان، والتضليل باسم حقوق الإنسان.
إنكم تلوكون مصطلحات ومفاهيم مظلومة، أنتم في مقدمة من يدوس مضامينها، وترفعون شعارات جوفاء أنتم أول من يخون عناوينها.
فعن أية حقوق للإنسان تتحدثون، وأنتم ضد هذه الحقوق في بلدانكم تسلكون؟
وكيف تطالبون بلداننا، بما أنتم له معادون، وضد مبادئه تعملون؟
ألستم أنتم من يخيط المؤامرات ضد المستضعفين من الملونين، لصالح المستعمرين المتغطرسين والمتوسعين؟ أو لستم أنتم الذين تبنون الملاجئ للكبار المسنين، كي يعيشوا بعيدا عن الدفء العائلي، ويموتون في المنفى منبوذين؟
وهل من حقوق الإنسان، أنكم تشرعون للإجهاض فتقتلون البراءة، التي حرم الله قتلها، وتقننون من أجل التمكين للبغيّ، وشرعنة الحق للدعيّ، وتتنكرون، بذلك، لشرعة كل نبيّ؟
أفلا يخجل الأوروبيون، وهم يتحدثون عن حقوق الإنسان، عندما يشجعون على إشاعة الإسلاموفوبيا، والإساءة لنبي الإسلام، وقتل الأئمة الركع، وهدم المساجد على الساجدين الخشع؟
أفبعد كل هذا، يحق لمن يقترف هذه المناكر أن يطالب غيره باحترام حقوق الإنسان؟
﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً﴾ [سورة الكهف، الآية: 05].
فعن أية حقوق تتحدثون، وأنتم من قتل الملايين من شعوبنا، وسرق الكنوز من اقتصادنا، وخلف المشوهين والمعاقين، بتجارب أسلحتكم على إنساننا؟
الحقيقة، أننا لم نباغت، بمثل هذه الصلافة والوقاحة، وتجاوز كل حدود اللياقة والسماحة، من برلمان يزعم أنه بني لنصرة المظلومين، والدفاع عن المستضعفين.
كما لم نتفاجأ بتوقيعات نواب يرفعون -ظلما- شعار الديمقراطية ويزعمون الدفاع عن الحقوق الإنسانية، إنما الذي أدمى قلوبنا، وأثار شجوننا، أن تجد هذه الأصوات الناعقة، من يروج لها بيننا، ويبشر بأفكارها وقناعاتها بين أوساطنا.
والأنكى من كل هذا، أن يكون ما قام به مجلس النواب البرلماني الأوروبي، بطلب من بعض العملاء المندسين في صفوفنا، والعاملين على تفويض وحدتنا، وعصمتنا.
ألا ساء ما يخططون، وما يحكمون!
نحن لا ننكر، أن في وطننا أزمات، تمس أحيانا بحقوق الإنسان، وتلحق الأذى بسيادة الأوطان، ولكن المنطق يقتضي أن نسلم بأن هذه الإخلالات، إنما تمّت بسبب العصابات التي زرعتها لدينا، النظم الأوروبية، بإفساد الذمة، ومحاولة تفتيت الأمة، وزيادة أعراض الغمة.
ونحن إذ نسلم بوجود هذه الأعراض عندنا فإننا، نسلم أيضا، بأن حل هذه الأزمات وتجاوز الصعوبات والعقبات، ينبغي أن ينبع من داخل المؤسسات، وبقيادة النزهاء من الشخصيات، والمخلصين من الكفاءات.
حقا إن في الجزائر، أزمة سياسة، وأزمة اقتصاد، وأزمة ثقافة، وأزمة مجتمع، ولكننا قادرون والحمد لله على تجاوزها بالسعي والوعي.
وإن أصوات النشاز، التي تنبعث من هنا وهناك، خارج الوطن، ينبغي أن تكون حافزا لنا، على المزيد من رص الصف، والعمل على توحيد الهدف، ومد الأيدي لبعضها لتتصافح القلوب والأكف.
لقد استضعفوك فوصفوك، وأعداؤنا يستغلون ما قد يبدو من ضعف على الساحة فيحشدون الأعداء على حدودنا، ويزرعون العملاء في صميم وجودنا، كي يسهل عليهم مضاعفة قيودنا، وهدم سدودنا، وتحطيم إرث جدودنا.
فيا بني وطني!
أرى بين الضلوع وميض نار
ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن لم يطفها عقلاء قوم
يكون وقودها جثث وهام
فإن النار بالعودين تذكى
وإن الحرب أولها كلام
لطالما أسررنا وأعلنا، بأن الصفحة الاستعمارية لم تطو بعد، وأن العدو الذي طردناه من الباب يوشك أن يعود إلينا من النافذة، أو من أي ثقب يحدثها في جدار المبنى، وما الثقب إلا من لا يزالون يؤمنون بالثقافة الفرنسية، فهم المقدمة الفاسدة للنتائج السيئة التي نعانيها.
إننا لنغمس ريشة أقلامنا، في دماء قلوبنا، وفي دموع أعيننا، لنكتب بها هذا النداء.
نقول لأبناء شعبنا، على اختلاف فئاتهم وفيهم من عاش معاناة الجهاد، وفيهم من اكتوى بنار الاستعمار، ونخص بالذكر الشباب الصاعد، ونقول للجميع حذار فإننا جميعا مؤتمنون على هذا الوطن الذي هو إرث الآباء والأجداد، فلئن فرطنا فيه، أو تسلل إليه العدو من ضعفنا، أو عاث فيه فسادا، ونحن عصبة إننا إذن لخاسرون.
فيا إخوتي! ويا أخواتي! إن جرأة المجلس البرلماني على وطننا، والتعامل معنا كما لو كنا سفهاء، وهم أوصياء، إن هذا ليس إلا النذير، وما خفي أعظم، والبقية أخطر، وإنهم يكيدون كيدا، ويجب علينا أيضا أن نكيد كيدا.
فرب ضارة نافعة، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.. فلتكن هذه الاستفزازات العدوانية من البرلمان الأوروبي، الحافز لنا على المزيد من التلاحم، لنقلع جذور الخائنين، ونهز عقول الجامدين، ونُذق نفوس الظالمين، السم يمزج بالرهب.
لا عذر بعد اليوم للمتخاذلين، فنداء الوطن يتعالى، وأذان النهوض يصم الآذان. ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [ سورة آل عمران، الآية: 139].