قيام نوح عليه السلام بدعوة قومه إلى عبودية الله تعالى وتحقيق العبودية في نفسه
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
إنَّ المتأمل لقصة نوح عليه السلام ودعوته لقومه يرى عظم هذا النبي في قيامه لأداء مهمة التبليغ لقومه ودعوته إليهم لعبادة الله تعالى وحده حيث مكث عليه السلام فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم ليلاً ونهاراً، سراً وعلانيةً، وكانت دعوة نوح عليه السلام التي دعا قومه إليها هي دعوة التوحيد الخالص، وتحقيق عبودية الله تعالى، وترك الشرك الذي هم فيه من عبادة الأصنام.
قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ 25 أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ﴾ (هود: 25- 26). وفي قوله تعالى "ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه":
- "ولقد": الواو للاستئناف أرجح، وللعطف موضوعاً على موضوع تجوز، واللام للقسم أو الموطئة له والدالة عليه، وقد: للتحقيق.
- "أرسلنا نوحاً إلى قومه": حملنا رسالتنا وأوحينا لعبدنا نوح إلى قومه وهم الذي عاش بينهم ويعرفونه ويعرفهم، وهم في فجر الحياة البشرية مع بدايات تشكل الجماعات والمجتمعات والأقوام.
- "إني لكم نذير مبين": أي فحوى رسالته لهم قوله ما سجلته الآية، إني يا قوم لكم أنتم لا لغيركم، وأنتم من تعرفونني، نذير: منذر محذر من سوء عواقب ما أنتم فيه، مبين: واضح الإنذار لا لبس فيما أقول، ولا تعمية ولا تعقيد، بل كلام بسيط مفهوم، والتحذير واضح أن الكفر والشرك عواقبه في الدنيا والآخرة وخيمة وبيلة، وإن التظالم لا يؤدي إلا إلى سوء النتائج.
وفي قوله: "إني لكم نذير مبين" إن كلمة "إني لكم" نفقه منها درساً وحكماً رائعة، أن الداعية "الرسول وغيره" لا يعيش لنفسه ولا لشهواته ولا لأقاربه فحسب، وإنما يعيش للناس لإسعادهم، ويفني عمره في إنقاذهم من الضلال إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
وحقاً إن الذي يعيش لنفسه وشهواته ولدنياه يعيش صغيراً ويموت صغيراً، وإن الذي يعيش للناس يعيش كبيراً ويموت كبيراً، يبقى ذكره الحسن العاطر على كل لسان، وهكذا عاش نوح عليه السلام، وسائر الأنبياء والمرسلين من بعده.
ومن خلال الآيات الكريمة المذكورة يظهر الأدب الرفيع في الطريقة التي سلكها نوح - عليه السلام - في طرحه للموضوع من خلال:
- التمهيد: حيث مهّد نوح عليه السلام للموضوع الذي سيطرحه بطريقة عنيفة قوية، ليحدث في نفوسهم جلبة وقلقاً يُهيئها للاهتمام والترقب الشديد لما سيقوله لهم، وقد صاغ نوح هذا التمهيد بقوله: "إني لكم نذير مبين"، وكثيراً ما تكون البداية قوية، أسلوباً بالغ الأهمية في لفت الأنظار للموضوع المطروح.
- صلب الموضوع: من أدب الكلام أن تعرض المواضيع ذات الأهمية الكبرى بكلمات بسيطة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، حتى يفهمها المخاطبون، على المستويات المختلفة، وهكذا فقد اختار نوح لموضوعه ألفاظاً واضحة المعنى والمراد، كي لا يصرف الذهن عن المعنى الأصلي المراد، ولا يترك أي مجال للتأويل، فلخص موضوع رسالته بقوله "ألا تعبدوا إلا الله"، وهذه الكلمة هي قاعدة الدين ومحوره وعموده وملخصه، التوحيد وإفراد الله بالعبادة، والإنسان عابد بالفطرة، لا يملك إلا أن يعبد فهو إما أن يعبد الإله الحق وإما أن يعبد الشيطان أو الهوى أو الأوثان، والمال والشهوات ... إلى آخر المعبودات، والأنبياء مهمتهم أو يردوا الناس إلى عبادة رب الناس وحده، وما أجمل كلمة الصحابي ربعي بن عامر لرستم قائد جيوش الفرس، إذ قال له: "الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد.....".
ولاحظ لم يقل: أن تعبدوا الله، ولكن أتى بها بصيغة الحصر والقصر "ألا تعبدوا إلا الله"، فكثير من الناس يؤمنون بالله ويعبدونه، ولكنهم يشركون في كل ذلك، كما قال تعالى في أكثر من موطن في قرآنه، ومن ذلك ما في السورة التالية لهذه السورة، سورة يوسف إذا قال الله سبحانه: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ (يوسف: 106).
وإنَّ العبادة مفهوم شامل - كما لا يخفى - ينظم شؤون الحياة كلها، فكل ميادين الحياة ميادين عبادة، وكل نشاط في هذه الحياة إن ابتغي به وجه الله فهو عبادة، والعادات بالنيات تغدو عبادات، والعبادات بلا نيات عادات.
إن من مضمون دعوة نوح عليه السلام دعوة الناس لعبادة الله، وإفراده وحده بذلك، وقد أثنى الله على دعوته وجهده في كتابه العزيز، فوصف الله عز وجل نوح عليه السلام بالعبودية، فقد استطاع أن يحققها في أعلى مستوياتها.
فوصفه الله تعالى بأنه كان عبداً شكوراً، قال تعالى: ﴿ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴾ (الإسراء: 3)، وذِكر صفة الشكر بعد صفة العبودية من باب ذكر الخاص بعد العام، فالشكر من العبادة، وقد اختص نوح عليه السلام بصفة الشكر فكان كثير الشكر في مجامع حالاته كلها، وجعله الله تعالى علة لما قبله من حمله في السفينة ونجاته من معه، فالشكر أعظم أسباب الخير، ومن أفضل الطاعات، وحثّاً لذريته على شكر الله تعالى، فكان نجاة نوح عليه السلام ومن معه ببركة شكره، وحث للذرية على الاقتداء به، وزجر لهم عن الشرك الذي هو أعظم مراتب الكفر.
وجاءت هذه الصفة - العبودية- لنوح عليه السلام في معرض الإشفاق عليه، لعناد قومه، وفضهم دعوته، فقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ﴾ (القمر: 9)، وإضافته لرب العزة في قوله: "عبدنا" هو تشريف لمنزلة نوح عليه السلام، فجمع بذلك بين تكريمين:
- الأول: ذكره عليه السلام بعنوان العبودية.
- الثاني: إضافته إلى نون العظمة، وهذا تعظيم له عليه السلام ورفع لمحله وقدره.
وجاءت هذه الصفة والإضافة لنوح - عليه السلام - على سبيل العموم لا الخصوص كما في الآية السابقة، وذلك في قوله تعالى: ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (الصافات: 80- 81)، فوصفه عليه السلام بصفة الإحسان، وهي أعلى مراتب العبودية، ومعناها: أن يعبد المرء ربه سبحانه كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، كما بين ذلك المعنى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ونوح عليه السلام من المحسنين بخلوص عبوديته، وكمال إيمانه، وهو من المصدقين الموحدين.
وقد وصف نوح عليه السلام بالعبودية مقروناً مع لوط عليه السلام في قوله تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا﴾ (التحريم: 10)، فمع وصف الله تعالى لنوح عليه السلام بصفة العبودية التي استحقها، وصفه سبحانه بالصلاح أيضاً.
وقد شهدت السنة المطهرة بصفة العبودية لنوح عليه السلام، ففي حديث الشفاعة أن الناس يذهبون إلى نوح عليه السلام فيقولون:" يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبدا شكورا أما ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما بلغنا ألا تشفع لنا إلى ربك فيقول ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله نفسي نفسي ائتوا النبي صلى الله عليه وسلم فيأتوني فأسجد تحت العرش فيقال يا محمد ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تعطه قال محمد بن عبيد لا أحفظ سائره ".
قام نوح - عليه السلام - بالدعوة إلى عبودية الله وتحقيقها في نفسه حق القيام، وأخلص له في أعماله كلها، فلم يصرف شيئاً من العبادة لغير الله عزَّ وجلَّ، بل وجهها لخالقه سبحانه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
- كان عليه السلام كثير الشكر في جميع أحواله كلها حتى اختُصّ بهذه الصفة ﴿إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا﴾ (الإسراء: 3) .
- وكان عليه السلام لا يدعو إلا الله عز وجل ولا يسأل سواه سبحانه، والآيات في هذا المعنى كثيرة، منها: قوله تعالى: ﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ (القمر: 10). وقوله تعالى: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ (الشعراء: 117- 118) فكلها آيات شاهدة على أن نوحاً عليه السلام كان يدعو الله عز وجل ولا يسأل سواه سبحانه .
- وكان عليه السلام يستعيذ بالله تعالى ويحرص على طلب المغفرة والرحمة منه سبحانه، فقال تعالى مخبراً عنه عليه السلام: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ (هود: 47)، فهذا اعتراف من عبد ذلّ وخضع لله تعالى يطلب مغفرة الله ورحمته به، مع علو منزلته من درجة النبوة، فكلما ازداد العبد خضوعاً لله تعالى ارتفعت منزلته ودرجته . فكلما ازداد القلب حباً لله ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية ازداد له حباً وحرية مما سواه .
- وسمى الله تعالى واستفتح به عند ركوبه عليه السلام ومن معه السفينة، فقال تعالى عنه: ﴿ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْ رَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ (هود: 41).
- كان نوح عليه السلام متوكلاً على الله تعالى حق توكله، فيقول الله تعالى عنه: ﴿فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ ﴾ (يونس: 71).
- ويقول مخبراً عن إيمان نوح عليه السلام بقضاء الله وقدره:﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (هود: 34) .والإيمان بالقدر من أعظم أركان الإيمان بالله تعالى.
- وكان عليه السلام مؤمناً بوعد الله تعالى، فيقول حاكياً قوله: ﴿ وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ﴾ (هود: 45).
- وكان مؤمناً عليه السلام برزق الله تعالى له، فيقول الله تعالى حاكياً قوله: ﴿ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ (الشعراء: 109).
- وكان مؤمناً بالبعث الحساب، قال تعالى عنه عليه السلام: ﴿ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ ﴾ (هود: 29).وقوله: ﴿ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ (هود: 34). وقوله: ﴿ إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ﴾ (الشعراء: 113.(
- وكان مؤمناً بأسماء الله وصفاته: فأسماء الله تعالى قد أمن بها نوح عليه السلام، منها: الغفور، الرحيم، فقال تعالى عنه: ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴾ (نوح: 10). وقال: ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ (هود: 41). وصفات الله تعالى آمن بها نوح عليه السلام، منها:
- صفة الإرادة، لقوله تعالى حكاية عنه: ﴿ وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ ﴾ (هود: 34).
- وصفة العلم، لقوله تعالى: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ ﴾ (هود: 31).
- وصفة الخلق، لقوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا﴾ (نوح: 13: 16).
ومن الأعمال الباطنة القلبية الخاصة بعمل القلب وهي أوثق عرى الإيمان هي الحب في الله والبغض في الله، فهذا نوح عليه السلام يتبرأ من أقرب الناس إليه، وهما زوجته وابنه، فإنه لما علم أنهما كانا من الظالمين، كما أخبره تعالى بذلك تبرأ منهما، فكانت زوجته تفشي سره لقومه فاستحقت العذاب معهم كما قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴾ (التحريم: 10). والآخر هو ابنه لم يسمع كلام أبيه بأن لا يكون مع الكافرين، قال تعالى حكاية عن نوح: ﴿ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ (هود: 42)، ورغم تحذير أبيه له الطوفان والغرق ولكنه قال: ﴿ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ﴾ (هود: 43).
إنَّ من أوضح الأعمال الظاهرة التي قام بها نوح عليه السلام امتثالاً لأمر ربه هي بناء السفينة، والتي أوحى الله تعالى إليه ببنائها، قال تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ﴾ (هود: 36- 37).
وقام عليه السلام ببناء السفينة، ومن معه ممن آمن به، وكان قومه يسخرون منهم ويستهزئون، قال تعالى: ﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ 38 فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ (هود: 38- 39).
وهكذا حقق نوح - عليه السلام - عبودية القلب، وعبودية الجوارح، وعبودية اللسان، وعلّمها لأتباعه ومن آمن به، ودعا إليها على بصيرة وعلم من عند الله عز وجل.
مراجع البحث:
علي محمد الصلابي، نوح عليه السلام والطوفان العظيم (ميلاد الحضارة الإنسانية الثانية)، دار ابن كثير، ص56-50
فريد إسماعيل التوني، عبودية الكائنات لرب العالمين، مكتبة الضياء جدة، الطبعة الأولى، 1413 ه، ص 168.
عودة عبد الله، أدب الكلام وأثره في بناء العلاقات الإنسانية في ضوء القرآن الكريم، دار النفائس للنشر والتوزيع, عمان، الأردن، ط1، 2004م، ص 308.
أبو السعود، إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (تفسير أبي السعود)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1425ه، 3/310