البحث

التفاصيل

أقيموا الميزان

الرابط المختصر :

أقيموا الميزان

بقلم: د. ونيس المبروك – عضو مجلس أمناء الاتحاد

من أكبر المخاطر التي تهدد مجتمعاتنا العربية، هو هذه الانتكاسة المتثملة في غياب "الموازين"!

اسأل رجل الشارع، أو السياسي، أو المنشغلين بالشريعة والثقافة، بل سَلْ نفسك:

 من أين تستقي معلوماتك، عن الأحداث من حولك؟ من أين تستمد أحكامك على الأفكار والأقوال والأفعال؟ كيف تبني مواقفك من الهيئات والرجال؟

ما هو الميزان الذي تزن به الحقائق، والعين التي ترى بها الأشياء والمسطرة التي تقيس بها المسافات بين الخطأ والصواب والصدق والكذب والنافع والضار؟

قد تجد جوابا عاما، لكن لا ترى له اثرا حقيقا على أحكام الفرد.

لقد ذمَّ النبيُ صلى الله عليه وسلم شريحةً من المجتمع ، عطّلت عقلَها وسلّمت قِيادَها للموازين " الشعبوية "، وسمى الرسولُ هذه الشريحة " إمعات "!!

والإمعة الذي ذمه الرسول صلى الله عليه وسلم هو " الإمعة المُجتمعي" الذي لا ميزان له ولا بوصلة ولا " طارقة "، بل هو مع التجمّعات القَبَلية أو الحزبية، أو الفكرية؛ يُحسِن إن أحسنَ الناسُ، ويسيءُ إن أساءَ الناسُ!

يوجد في فراغنا نماذج كثيرة من الإمعيات!

 فهناك: "الإمعية المذهبية" و "الإمعية الحزبية" و "الإمعية الطائفية" و "الإمعية المشيخية"...

ولكننا اليوم أمام ظاهرةٍ أشدُ خطراً وأخفى ضررا، ألا وهي "الإمعية الإلكترونية" المتمثلة في ابتلاع واتباع ما تُلقيه إلينا وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، عبر برامجها الفارغة المُدججة بالمال، والتي تخلو عادة من سياسة إعلامية راشدة ومعايير إدارية صارمة، بل تُدار وفق أمزجة وأهواء المدير، الذي يقتصر دوره الأكبر في تنفيذ سياسة ولي النعمة والممول الخفي..

في عصور حضارة الإسلام، كان القرآن الكريم والعقل السليم والعرف القويم، الميزان الأعلى الذي توزن به الاقوال والأعمال والمواقف والرجال، ويُميّز به الخطأ من الصواب ، والصادق من الكذّاب!

فما هو ميزاننا اليوم؟

اليوم يمكن للكذب أن يكونَ صدقاً، وللخائن أن يكونَ أميناً، وللمخبول أن يكون شيخاً، وللص أن يكونَ وزيرا، وللسفّاح أن يكونَ بطلاً، وللجاهل أن يكونَ مرشدا ً.

كل ما تحتاجه هذه الأصناف لقلب موازين الناس؛ هو سياسة إعلامية تشرف عليها قنوات محلية وعربية، وصفحات مدعومة تقف خلفها أقلام مأجورة.

لقد راجت هذه البضائع الفاسدة الكاسدة، نظرا لغياب " الميزان " فصادفت قلوباً تتجاذبها الأهواء وعقولا سكنتها الأدواء!

والحل: هو أن يبدأ قارىء التدوينة بخاصة نفسه أولاً، ويعيد وزنَ الأشياء من حوله بالموازين التي شرّفه اللهُ تعالى بها.

فوالله لا يكاد ينجو من هذه الإمعية المعاصرة أحد!

 


: الأوسمة



التالي
دورة علمية بعنوان منظومة إعداد القيادة العلمائية
السابق
من شُعَب الإيمان (4/ 30) أن نوقر الكبير، ونحترم النديد، ونرحم الصغير!

مواضيع مرتبطة

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع