الرابط المختصر :
الإعجاز التشريعي في فريضة صيام شهر رمضان
د. زغلول النجار
قال تعالى: *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*(البقرة:183).
(1) الخطاب في هذه الآية الكريمة موجه للمؤمنين من عباد الله، يخبرهم فيه ربهم أن صيام شهر رمضان كتب عليهم كما كتب على الذين من قبلهم، وفي ذلك تأكيد على وحدة رسالة السماء المستمدة من وحدانية الخالق سبحانه وتعالى وهي حقيقة الحقائق في هذا الوجود كله.
(2) وفي هذا النص القرآني تأكيد كذلك على أن الله تعالى قد ختم وحيه لهداية خلقه ببعثة الرسول الخاتم، سيد الأولين والآخرين من ولد آدم، النبي العربي الأمي محمد ﷺ، فليس من بعده نبي ولا رسول، والفعل (كتب) يشير إلى ثبات الحكم ثبوتا مطلقا. بما معناه أن صوم شهر رمضان بالهيئة التي حددها لنا كل من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كان مكتوبا على الأمم من قبلنا كما هو مكتوب علينا، وسيظل مكتوبا على جميع المؤمنين من بعدنا إلى قيام الساعة، ولذلك قال المصطفى ﷺ: "صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم" (ابن أبي حاتم).
(3) (الصوم) في اللغة هو الإمساك عن الشيء والترك له، وفي الشرع هو الإمساك عن الطعام والشراب وعن غيرهما من المفطرات (مع النية) من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس طوال شهر رمضان، لأن صوم شهر رمضان هو أحد أركان الإسلام الخمسة، لقول رسول الله ﷺ: "بني الإسلام على خمس: "شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت".
(4) تختتم الآية الكريمة بالإشارة إلى الحكمة من فرض الصيام على عباده المؤمنين، وهي اكتساب فضيلة تقوى الله، فقال تعالى في ختام الآية الكريمة: *....لعلكم تتقون*، والتقوى تعرف بالإيمان الصادق بالله الخالق البارئ المصور، وبملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره، والخضوع لله تعالى وحده بالعبودية (بغير شريك ولا شبيه ولا منازع ولا صاحبة ولا ولد)، وخشيته في السر والعلن. ويعبر عن التقوى بتعبير: (الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والاستعداد ليوم الرحيل)، وهذه القضايا الثلاث تؤصل لرسالة الإنسان في الحياة التي يجب أن يعيها كل عاقل، لأنه إذا غفل عنها الإنسان أهدر عمره هباء منثورا، ولقي الله صفر اليدين من الحسنات، مثقلا بالذنوب والتبعات.
الاعجاز العلمي رمضان الصيام