البحث

التفاصيل

رمضان مدرسة المراقبة

رمضان مدرسة المراقبة

 م. أحمد المحمدي 
ومن يؤمن بالله يهد قلبه.ما أحوجنا الى هدوء النفس وطمأنينة القلب.ألا بذكر الله تطمأن القلوب. وذاك هو الطريق. الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم. أولئك لهم الأمن وهم مهتدون، واقترب رحيل الشهر، فمن منا لا يعمل ولا ينتظر الأجر؟ وقد اقترب الشهر من نهايته والراتب على وشك النزول وسيكون الراتب مكتملا ونقطف الثمرة (التقوى) وبها ننال الأجر من الله ففي الحديث يقول الله (الصوم لي وانا أجزى به) وهل هناك عطاء بعد عطاء الله. وكل حسب اتقانه ودرجته وخشيته سيكون راتبه وحظه من التقوى. فثمرة الصوم (لعلكم تتقون)والتقوى كما اشار النبي ها هنا (القلب) فهو محط نظر الله والذي إذا سلِم، سلِم العبد ونجا يوم القيامه (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم) قلب سليم من الغش والحسد والغيبه والغل وسرقة النظر للحرام ،اتبعه الشيطان فكان من الغاوين.وها هو رمضان( مدرسة التقوى) والخشيه والمراقبه والإحسان .لنا معه أياما معدودات فهل نحسن فيه وأعظم الإحسان خشية الله بالغيب قال تعالى( إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ۚ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ ۚ) 18 فاطر.وفي الحديث الإحسان هو( ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) ، لقد ابتلى اللهَ المؤمنين وهم في حال الإحرام بالحج أوالعمرة حرم عليهم الصيد قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾94 المائدة ،فحذرهم بأن الصيدَ لو اقترب منهم حتى إن أحدهم (يستطيع أن يصيده بيده ورمحه) دون استخدام آلةٍ للصيد! وفي زمننا هذا ابتلينا ببلاء عظيم ولكن بشكل مختلف!كـيف؟! قبل أعوام كان الحصولُ على الصُّوَروالمقاطع الإباحيه صعبا نوعا ما، أمَّا الآن فبلمسةٍ خفيفةٍ على شاشة الجوال أوالكمبيوترتستدعي كل شيء فيكون بين يديك وعينيك(تستطيع ان ترى كل شيء بضغطة زر) والمؤمن ذو القلب الواعظ  يستحضر نفس المعنى﴿ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ كما نزلت على الجبل الأول محذرةً لهم، لتتأمل فيها ففي خلوتنا بالمعاصي لا يغرنّا صمتُ أعضائـنا الآن قال تعالى(هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)الجاثيه،وقال تعالى(أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَىٰهُم ۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)(الزخرف 80)، نعم الجوارح اليوم صامته سياتي اليوم الذي ستتكلـم فـيـه،قال تعالى﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾هناك إذا وقعت الواقعه(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).هذا احدهم قد ابتلي بالنظر للحرام فحين سمع خشخشةً في الباب، بلغ قلبه حنجرته، وأنقطعت أنفاسه، فأغلق جواله، وفتح الباب؛ فإذا بها هرَّة تخربش بالباب.ألم يعلم هذا المسكين أن الله يرى وهو أقرب إليه من حبل الوريد، فليس بينه وبين ما يشاهده من عُري في الهاتف(الذكي- الغبي) إلا جدار"مراقبة الله" يقول العلامة الشنقيطي:أجمع العلماء أن الله لم يُنزِل إلى الأرض واعظ ولا زاجر أعظم من( جدار المراقبة)فمن هدم هذا الجدار؛ فقد تجرَّأ على الله!.وما أقبح الجرأة على الله ! فلا يجب ان يكون المرء ولياً لله في الظاهرغادرا عاصيا له في الباطن) فإذا أردنا الثبات حتى الممات. فعلينا بالمراقبة ولنحذر ذنوب الجوالات في الخلوات. قال ابن القيم: ذنوب الخلوات سبب للإنتكاسات وعبادة الخلوات سبب للثبات.ويقول" كلَّما طيَّب العبد خلوته بينه وبين الله, طيَّب الله خلوته في القبر"أما يوم القيامة فذنوب الخلوات تفلسنا هناك إذا وقعت الواقعه؛ فعن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﻷعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا.قال ثوبان: يا رسول الله صفهم لنا جلهم لنا أن ﻻ نكون منهم ونحن ﻻ نعلم؛ قال: أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها. رواه ابن ماجه؛وصححه الألباني.
ورمضان مدرسة للتدريب على المراقبه ففيه يتربى القلب على الخشية من الله حتى يصير ذاك القلب الواعظ لصاحبه يستفتيه وان أفتاه الناس ،وتلك هي مرتبة الإحسان وهي أعلى مراتب الايمان( ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)
سئل (طفل) طفل! ما هذه الثقة الشديدة؟ فقال إن امي لم تراقبني يوما ابدا ولكن علمتني كيف استشعر مراقبة ربي لي!!
- يقولون من لم ينتفع بعينه لم ينتفع بأذنه وللعبد ستر بينه وبين الله وستر بينه وبين الناس فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله هتك الله الستر الذي بينه وبين الناس، وللعبد رب هو ملاقيه وبيت هو ساكنه فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه ويعمر بيته قبل انتقاله إليه. 
- الجوالات مثل الصناديق إما: حسنات جاريه أو سيئات جاريه، فضع فيها ما تشاء ان تجده في صحيفتك يوم القيامة. خذوا حذركم من ذنوب الخلوات وخاصة مع الجوالات.
هذا هو صيام القلب مع الجوارح في معناه الحقيقي، فالصوم الحقيقي هو الذي يدخل صاحبه الجنه، صوم يرزقك الله فيه وبعد رمضان قلبا واعظا سليما به ننجوا وننال التقوى ومن ثم رضوان الله والجنة. قلب تقي نقي مراقب واعظ لنفسه. فإذا كان كذلك نالنا الأجر والجزاء الأوفى من الله. فلا نكن أولياء للناس في الظاهر والله يمقتنا لعلمه ما في الباطن) قال تعالى (وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع العطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر، إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.
فاللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك. ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك. اللهم انك عفوا تحب العفو فاعف عنا.
 


: الأوسمة



التالي
بيان الاتحاد وعلماء الأمّة حول اقتحام القوّات الخاصّة الصّهيونيّة للمسجد الأقصى ومجريات الأحداث في حيّ الشّيخ جرّاح
السابق
من شُعَب الإيمان (25/ 30) أن نتحرى الصدق، ونجتنب الكذب!

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع