طلاقة القدرة الإلهية المبدعة
د . زغلول النجار
قال تعالى: *وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ * وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ * وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* (الروم: 20-27).
في هذه الآيات استعراض لعدد من الأدلة المادية الدالة على طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الخلق كما يلي:
١- الخلق من تراب الأرض.
٢- خلق كل شئ في زوجية كاملة حتى يبقى ربنا تبارك وتعالى متفرداً بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه، وتشريع الزواج لحفظ النسب، ومن هنا كان تحريم كل العلاقات بين الجنسين خارج دائرة الزواج. كما حرم ربنا تبارك وتعالى التبني، وهذا لا يعني عدم رعاية الأطفال الذين لا يجدون من يكفلهم.
٣- خلق السماوات والأرض، وهما من أعظم الدلالات على طلاقة القدرة الإلهية المبدعة في الكون. كما أن اختلاف الألسنة والألوان بين المخلوقين يعتبر وجهاً من أوجه الإعجاز في إبداع الخلق.
٤- إعطاء القدرة للإنسان على النوم في كل من الليل والنهار، وابتغاء الخلق جميعاً من فضل الله ورزقه وهدايته.
٥- ظاهرتا البرق والرعد هما من أعظم الظواهر الطبيعية التي تربط العبد بخالقه، خوفاً من عقابه وطمعاً في ثوابه، وهذه الظاهرة يصاحبها إنزال الماء من السماء مما يعين على إحياء الأرض بعد موتها.
٦- ومن هذه الآيات قيام العلاقات الثابتة بين الأرض و السماء مع استمرارية الحركة في كل منهما، ويتوج ذلك كله بعث الخلائق من الأرض الجديدة بأمر من الله تعالى.
٧- ومن هذه الآيات أيضاً هيمنة القدرة الإلهية المبدعة على جميع من في السماوات والأرض الذين يخضعون للإرادة الإلهية رغم أنوفهم.
٨- ومن أعظم الدلالات على طلاقة قدرة الله تعالى أنه هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، وله المثل الأعلى في السماوات والأرض.
ولوضوح هذه الأدلة تختتم كل واحدة منها بعدد من الأسئلة الاستنكارية أو التذكيرية من مثل أقواله تعالى:
١- {… إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون*}.
٢- {… إن في ذلك لآيات للعالمين*}.
٣- {… إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون*}.
٤- {… إن في. لك لآيات لقوم يعقلون*}.
٥- {… ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون*}.
٦- {… كل له قانتون*}.
٧- {… وهو العزيز الحكيم*}.
والتنوع في الألسنة يعتبر آية من آيات الله في الخلق، لأن هذه الألسنة بدأت كلها من اللغة العربية التي علمها ربنا تبارك وتعالى لأبوينا آدم و حواء عليهما السلام لحظة خلقهما، ومع تزايد نسلهما بدأت الهجرة من مكة المكرمة إلى مناطق الماء الدائم (ما بين النهرين في العراق، ثم وادي النيل في مصر)، ومع هذه الهجرات تحولت اللغة إلى لهجات ثم تحولت اللهجات إلى لغات، و تآصلْ اللغات يشير أيضاً إلى وحدانية الخالق سبحانه وتعالى الذي قدر ذلك لجميع خلقه.
هذا بالإضافة إلى أن التنوع الهائل في ألوان البشر يرجع إلى التباين في نسبة كل من الهيموجلوبين وصبغة الميلانين، وتأثير كل منها على ألوان كل من البشرة والشعر والعينين، ويتعدى ذلك التأثير إلى غير ما ذكرنا من الوظائف الحيوية الهامة، ولذلك أمر الإسلام العظيم بعدم التفريق بين الناس على أساس من ألوان بشرتهم، ولكن على أساس من تقوى الله.