بيان عاجل
بشأن الأحداث الأخيرة في فلسطين
التاريخ: 10 يونيو 2006
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فقد تابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بحزن عميق وقلق بالغ ما يجري على أرض فلسطين الحبيبة من أحداث يألم لها كل عربي وكل مسلم، بل كل ذي نفس تأبى الظلم وتنكر العدوان على الأبرياء.
وقد كانت المجزرة التي وقعت قبل يومين على شاطئ غزة وراح ضحيتها سبعة أفراد من أسرة واحدة بريئة فُقِدَ منها الأب والأم معاً، وعدد من أولادهما، دليلاً لا يقبل مراءً على أن الصهيونية الحاكمة في الأرض المحتلة تسعى إلى إبادة حقيقية للشعب الفلسطيني، وترتكب جريمة التطهير العرقي بدم بارد وهي آمنة من اللوم الدولي، ومن التدخل العربي لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم.
وإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وهو مطمئن تمام الاطمئنان إلى أن دماء الشهداء الأبرار من كل فئات الشعب الفلسطيني لن تذهب هدراً، ليدعو الحكومات العربية والإسلامية وملوكها ورؤساءَها جميعاً إلى اتخاذ الموقف الذي يوجبه الدين، فالمسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يسلمه، وتوجبه المروءة، فإن قصف العزَّل المدنيين بالصواريخ لا تقره شرعة ولا عرف ولا قانون. والذين يقعدون اليوم عن نصرة المظلومين لن يجدوا من ينصرهم غداً إذا دارت عليهم الدوائر.
ويتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين التوتر المتصاعد في العلاقات بين السلطة الفلسطينية المنتخبة وبين الرئيس محمود عباس المنتخب أيضاً. ولا شك أن الجميع يهدفون إلى تحقيق المصلحة العامة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، لكن تلك المصلحة لا تتحقق إلا بالوحدة الفلسطينية الوطنية واحترام إرادة الشعب الفلسطيني والتعاون الجاد بين الرئاسة والسلطة المنتخبين بعيداً عن وقيعة الوشاة ودسائس المنحرفين.
وينبه الاتحاد العالم لعلماء المسلمين إلى أن تخلي الحكومات العربية والإسـلامية ـ أو بعضها ـ عن الحق التاريخي الثابت للأمة العربية والإسلامية في أرض فلسطين التاريخية لا يجيز للقيادات الفلسطينية الوطنية المتابعة في هذا التخلي أو الموافقة على ما يؤدي إليه أو يتضمنه من وثائق واتفاقات.
إن الثوابت الفلسطينية هي نفسها الثوابت العربية والإسلامية، والأمة الإسلامية لن تستسلم للعدوان الصهيوني مهما طال أمده ولن تخضع لجبروت آلته العسكرية الطاغية مهما كانت قوتها. وهي تؤمن بقول الله تبارك وتعالى: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» [آل عمران: 200] وبقوله تعالى: «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ» [البقرة 249].
إن الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني ظلماً وعدواناً عقاباً له أن عبَّر عن إرادة حرة في اختيار ممثليه لا يجوز أن يستمر، وكل قادر على إنهائه أو إضعافه ثم يقعد عن ذلك فهو آثم.
ويهيب الاتحاد بجميع المؤسسات والهيئات الرسمية والشعبية في كل مكان أن تؤدي ما بوسعها لإنهاء هذا الحصار ومواجهة آثاره المهلكة على الشعب الفلسطيني البطل.
كما يهيب الاتحاد بالقوى الفلسطينية كافة أن تضع أيديها معاً في مواجهة العدو الصهيوني وبغيه وجرائمه، وأن تقويَّ المؤسسات الشرعية المنتخبة القادرة وحدها وبوحدتها على الوقوف في وجه الاستخفاف الصهيوني والعالمي بحقوقنا في فلسطين وبجهاد شعبها العظيم لاستعادة وطنه المحتل وتحريره.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
الأمين العام رئيس الاتحاد
أ.د. محمد سليم العوَّا أ.د. يوسف القرضاوي