بيان من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
حول طرد طلاب العلم غير الباكستانيين من باكستان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد،
فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلين قد تلقى بقلق بالغ الأنباء التي نشرتها جهات عديدة حول اعتزام الحكومة الباكستانية طرد نحو 1400 طالب غير باكستاني من طلاب العلم الشرعي في المدارس الدينية من باكستان وإعادتهم إلى بلادهم.
إن هذا القرار هو الأول من نوعه في تاريخ بلدان العالم الإسلامي كافة التي جرى العمل فيه دائماً على فتح أبوابها أمام الطلاب المسلمين، من جميع الأقطار، للتزود بالعلم الديني الذي تقدمه مدارسها وجامعاتها وعلماؤها. وليس بعيداً عنا أن الأزهر الشريف يضم حتى اليوم أروقة تحمل أسماء البلدان التي يأتيه منها الطلاب فهناك رواق الشوام ورواق المغاربة ورواق التكرور ورواق دارفور وغيرها من أسماء الأقاليم الإسلامية، التي أوفدت أبناءَها على مر التاريخ إلى هذا المعهد العريق. والجامعة الإسلامية، في المدينة المنورة، تقوم بدور مقارب لما بدأه الأزهر منذ نشأته، ولا يزال مستمر فيه حتى الآن. وقل مثل ذلك عن الزيتونة في تونس، والقرويين في فاس، والحوزات الكبرى في العراق وإيران والمدارس الإباضية في سلطنة عمان وفي تونس وليبيا وشرق أفريقيا.
ويلفت نظر الاتحاد في هذا الشأن أن باكستان على وجه الخصوص دولة أقيمت باسم الإسلام لتحمي أهله وتساهم في حمل شعلة حضارته، ونشر فقهه وفكره، في شبه القارة الهندية وما حولها من البلاد، وقد أتاحت منذ نشأتها فرص التعليم الديني لمن وفد إليها، من أي بلد كان. ولذلك فإن الاتحاد يهيب بالحكومة الباكستانية أن تعيد النظر في هذا القرار، الذي نحمد الله أنه لم ينفذ حتى الآن، ويأمل الاتحاد مخلصاً أن تؤدي إعادة النظر في هذا القرار إلى احتفاظ باكستان بطابعها الإسلامي المعطاء الذي يمكن طلاب العلم من التزود منه في مدارسها وعلى أيدي علمائها.
ويذكر الاتحاد الحكومة الباكستانية بوجه خاص، وحكومات العالم الإسلامي بوجه عام، بأن النزول عند الرغبات الأجنبية التي لا تحركها إلا إرادات سياسية، لا تهتم بالشأن الإسلامي وأهله ودوله، إلا من وجهة نظر مصالحها الآنية الضيقة، أمر يضر ولا ينفع، ويهدم ولا يبني، ويضعف ولا يقوي.
وقد أخذ الله تعالى العهد على العلماء أن يبينوا ولا يكتموا وقال تعالى: â ¨bÎ) tûïÏ%©!$# tbqßJçFõ3t !$tB $uZø9tRr& z`ÏB ÏM»uZÉit7ø9$# 3yçlù;$#ur .`ÏB Ï÷èt/ $tB çm»¨Y¨t/ Ĩ$¨Z=Ï9 Îû É=»tGÅ3ø9$# y7Í´¯»s9'ré& ãNåkß]yèù=t ª!$# ãNåkß]yèù=tur cqãZÏ軯=9$# ÇÊÎÒÈ á [البقرة: 159]، â øÎ)ur xs{r& ª!$# t,»sVÏB tûïÏ%©!$# (#qè?ré& |=»tGÅ3ø9$# ¼çm¨Zä^Íhu;çFs9 Ĩ$¨Z=Ï9 wur ¼çmtRqßJçGõ3s? á [آل عمران: 187].
وإعمالاً لهذه الأوامر القرآنية يعلن الاتحاد قلقه العميق وأسفه الشديد للأنباء المتداولة حول طرد طلاب العلوم الدينية من باكستان ويقرر عدم اتفاق هذا القرار مع القيم الإسلامية والأوامر القرآنية والنبوية الموجبة للتعلم والتعليم، ففي القرآن الكريم يقول الله تبارك وتعالى: â $tBur c%x. tbqãZÏB÷sßJø9$# (#rãÏÿYuÏ9 Zp©ù!$2 4 wöqn=sù txÿtR `ÏB Èe@ä. 7ps%öÏù öNåk÷]ÏiB ×pxÿͬ!$sÛ (#qßg¤)xÿtGuÏj9 Îû Ç`Ïe$!$# (#râÉYãÏ9ur óOßgtBöqs% #sÎ) (#þqãèy_u öNÍkös9Î) óOßg¯=yès9 crâxøts ÇÊËËÈ á [التوبة: 122] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [ رواه البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه].
وفي الحديث أيضاً « ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم، وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون؟ والله ليعملن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم ويفقهون ويتعظون أو لأعاجلنهم بالعقوبة في الدنيا.» [رواه علقمة بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن جده وقال ابن السكن: إسناده صالح، ووافقه الحافظ ابن حجر فذكره في الإصابة ج1 ص 28 في ترجمة أبزى الخزاعي].
والمأمول أن ينضم إلى نداء الاتحاد بالعدول عن هذا القرار العلماء المسلمون كافة وأن تقوم الحكومة الباكستانية بما يوجبه عليها الشرع الحنيف من تمكين طلاب العلم من طلبه وتلقيه دون عقبات أو معوقات.â .... cuÝÇZus9ur ª!$# `tB ÿ¼çnçÝÇYt 3 cÎ) ©!$# :Èqs)s9 îÌtã á. [الحج: 40]
والحمد لله رب العالمين،
القاهرة في: 4 من شعبان 1426هـ
8/9/2005
رئيس الاتحاد
الدكتور يوسف القرضاوي