بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد
البيان الختامي للجمعية العمومية الرابعة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المنعقدة في استنبول من: 24 ـــــ 26 / شوال / 1435 هـــ، الموافق: 20 - 22 / أغسطس / 2014 م.
استفتحت الجمعية جلستها الافتتاحية بتلاوة كريمة من آيات الذكر الحكيم.
ثم بدأت بكلمة افتتاحية لفضيلة الأستاذ الدكتور: علي محيي الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي علماء المسلمين، قدم فيها الشكر و التقدير لتركيا شعباً ورئيساً وحكومة، وللحاضرين على تجشمهم عناء السفر، ولكل من ساهم في إنجاح هذا المؤتمر، كما ركز من خلالها على أهم إنجازات الاتحاد وسياسته في ترسيخ المنهج الوسط والتعايش السلمي والمصالحة، والدعوة إلى الله تعالى، كما بين فيها التحديات الداخلية والخارجية التي تعصف بالعالم الإسلامي، وختم كلمته ببيان محاور مؤتمر دور العلماء في النهوض بالأمة.
وعبرت كلمات الضيوف التي ألقاها كل من فضيلة الشيخ: إحسان هندوس، والدكتورة: حفصة { لينة } عن شكر العلماء الحاضرين، واشادتهم بدور الاتحاد في خدمة العالم الإسلامي، كما تضمنت كلمة الأستاذ الدكتور: أحمد الريسوني نائب رئيس الاتحاد أهمية الاتحاد، وأنه المؤسسة العلمية العالمية الوحيدة المتميزة.
وأكد فضيلة الشيخ: راشد الغنوشي الأمين المساعد على أهمية دور العلماء في نشر مبادئ العدل والحرية، ومنع الاستبداد ونشر ثقافة الشورى والديموقراطية.
وركزت كلمة فلسطين التي ألقاها الأستاذ: صالح العروري على ما تتعرض له فلسطين بشكل عام، وغزة بشكل خاص؛، من حروب عنصرية همجية، وحصار خانق، واستيطان جائر، وتهويد للقدس الشريف، وتغيير لمعالمه، وفرض التقسيم الزمني والمكاني للمسجد الأقصى.
وتناولت كلمة سماحة الأستاذ الدكتور: محمد صالح كرماز شكرَ الاتحاد وبيانَ دوره وأهميته، وخطورةَ العنف والإرهاب، والاعتداء على المقدسات، وبيانَ جهود الشؤون الدينية في السلم الاجتماعي، والاعتدال والحس السليم، كما أبدى استعداد الشؤون الإسلامية في تركيا للتعاون مع الاتحاد؛ لتحقيق الأهداف المشتركة.
ثم استعرض سماحة العلامة الشيخ: يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في كلمته الضافية كيفية نشأة الاتحاد وتاريخه ودوره وأهميته، وضرورة الاعتناء بدور المرأة في المجتمع المسلم، وضرورة نشر ثقافة حضور المرأة في المسجد وغيره واعتنائها بالدعوة إلى الله تعالى أيضا
كما طالب أعضاء الاتحاد جميعا بالاهتمام بأمر الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأوصاهم بالتفاعل التام مع الاتحاد وأمانته العامة وبرامجه.
وختم كلمته بالشكر الجزيل لرئيس جمهورية تركيا المنتخب، الاستاذ الدكتور: رجب طيب أردوغان، وللشعب التركي العظيم، وحكومته.
وكانت كلمة الختام في الجلسة الافتتاحية لمعالي الدكتور: أمر الله، نائب رئيس الوزراء، وممثل رئيس الجمهورية المنتخب في المؤتمر، تناول فيها مجموعة من القضايا المهمة، وركز فيها على أن تركيا ستظل مع الشعوب المقاومة والأقليات المضطهدة، و مع قضايا أمتها الإسلامية، بل مع القضايا العادلة في العالم.
ثم استمعت الجمعية في جلستها الأولى إلى تقرير الأمانة العامة ـــــ الذي اشتمل على مجمل الأنشطة التي قام بها الاتحاد خلال السنوات الأربع الماضية ـــــــ، وبعد المناقشات المستفيضة والمداولة أقرت الجمعية التقرير ـــــــ بعد الأخذ بنظر الاعتبار ــــــ الملاحظات التي أبداها الأعضاء خلال ثلاث جلسات.
كما قامت الجمعية بمناقشة البنود التي قدمها مجلس الأمناء للتعديل، ثم أقرت البنود ـــــ كما هي مسجلة في النظام الأساس المعدل.
ثم بدأت أعمال المؤتمر الخاص بدور العلماء في النهوض بالأمة بكلمة توجيهية من رئيس الاتحاد للأعضاء، وبعد ذلك عرضت على الأعضاء المحاور السبعة الخاصة بالمؤتمر، وهي:
المحور الأول: دور العلماء في ترسيخ منهج الوسطية والتجديد.
المحور الثاني: دور العلماء في الحفاظ على الهوية الإسلامية ودعهما.
المحور الثالث: دور العلماء في حسن التعامل مع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي للنهوض بالأمة.
المحور الرابع: دور العلماء في الوساطة وحل النزاعات ودعم الوحدة والتعاون بين المسلمين.
المحور الخامس: دور العلماء في ضبط الفتوى وترشيد الخطاب الديني.
المحور السادس: دور العلماء في التعليم الشرعي في العالم الإسلامي {واقعه وتطلعاته}.
المحور السابع: دور العلماء في خدمة قضايا الأمة عن طريق القانون الدولي.
بالإضافة إلى المحاور الخاصة بفلسطين والقدس الشريف، حيث خصصت لها الجلسات الصباحية في اليوم الثالث للمؤتمر.
وكان جدول أعمال هذه الورش مقسماً إلى قسمين:
الأول: مناقشة محاور الورشات بأكاديمية تسمو إلى تطلعات الشعوب الإسلامية.
الثاني: صياغة خلاصات واقتراحات لتلك المحاور، حسب المرفق بالبيان الختامي.
وهي خلاصات واقتراحات تبين ما على العلماء من دور في استنهاض الأمة في دعم هويتها وترسيخها وتصحيح مفاهيمها تأصيلاً في هدي الدين القويم، وتجديداً في الفكر الديني وفي التعليم الشرعي بما يعالج مشاكل العصر بأحكام الشرع ومقاصده، وصياغة كل ذلك في مشاريع عملية تعالج واقع الأمة وترتقي بها إلى النهضة المأمولة
وسيعمل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على تضمين هذه الخلاصات والبرامج والمشاريع في خططه المستقبلية ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لعلها تثمر نتائج طيبة مباركة تنهض بالأمة.
كما يدعو الاتحاد المؤسسات الأخرى ذات العلاقة، والشخصيات العلمية في مختلف التخصصات، ومن جميع أنحاء العالم الإسلامي للتعاون مع الاتحاد على تحقيق هذه البرامج النهضوية.
ثم استكملت الجمعية العمومية جدول أعمالها حيث عقدت جلسة خاصة لاختيار رئيس الاتحاد ونوابه الثلاثة، وقد تم انتخاب فضيلة الشيخ العلامة: يوسف القرضاوي رئيساً للاتحاد بالتزكية وبالإجماع، ثم عرض رئيس الاتحاد أسماء نوابه الثلاثة، وهم:
الأستاذ الدكتور: أحمد الريسوني، وفضيلة الشيخ: أحمد الخليلي، وفضيلة الشيخ: عبد الهادي أوان. فوافقت الجمعية على هؤلاء الثلاثة كل منهم على حد ة.
ثم بدأت الانتخابات بالاقتراع السري لانتخاب ثلاثين عضواً لمجلس الأمناء، وقد تم في المجلس التحضير لذلك، حيث شكل لذلك لجنة محايدة برئاسة الدكتور أحمد الراوي لكل ما يتعلق بالانتخابات ،فتم استعراض أسماء المرشحين حسب حروف الأبجد البالغ عددهم 71 شخصاً واحداً واحداً مع حضورهم على المنصة، وتمخضت الانتخابات عن انتخاب ثلاثين عضواً، وهم المذكورة أسماؤهم في آخر هذا البيان.
وقد استعرضت الجمعية العمومية أحوال الأمة الإسلامية، وما يتعرض له من أزمات وتحديات داخلية وخارجية، تهدد وجودها ومستقبلها، وعبر الحاضرون عن عميق تألمهم لما يحدث في العالم الإسلامي.
وبعد تلك المناقشات والمداخلات المعبرة عن ذلك، اتفق الحاضرون على الآتي:
أولاً: تعظيم حرمة الدماء
إن مما عُلِم من الدين بالضرورة تعظيم حرمة الدماء والتقاتل بين المسلمين، قال تعالى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًاعَظِيْمَاً } النساء: 93، وقال تعالى: { أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا }المائدة: 32، وقال النبي ــــ صلى الله عليه وسلم ـــ: { لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً }، وقال ــــــ صلى الله عليه وسلم ـــ: في حجة الوداع مخاطباً الأمة الإسلامية { إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا }، وعليه فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يؤكد على الآتي:
- التحريم القاطع لما تفعله بعض الجماعات الغالية والمنحرفة؛ من قتْل الأبرياءـ ــــ مسلمين وغير مسلمين ــــ تارة تحت ذريعة الطائفية البغيضة، وأخرى باسم دولة الخلافة الإسلامية المزعومة ومحاربة الطواغيت، وما تفعله من قتل وتدمير وتهجير وتشريد ، وتوجيه أسلحتهم نحو صدور المواطنين، ويعتبر العلماء كل ذلك أعمالاً إجرامية محرمة شرعاً، وخارجة عن دين الحق والعدل والرحمة، ومنافية لهدي المصطفى ــــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ، وما أجمع عليه أهل العلم، ويترتب عليها ضرر ماحق في تشويه صورة الإسلام والمسلمين وصد الناس عن سبيل الله.
- إن زعْم قيام دولة الخلافة الإسلامية ليس لأي فئة أن تدعيها، وإنما هو حق موكول إلى الأمة وعلمائها وممثليها، ويتوجه العلماء الحاضرون بالنصيحة الخالصة لشباب الأمة أن لا يغتر بمثل هذه الدعاوى التي لا تستند إلى أصل شرعي صحيح، ولا إلى فقهٍ مقاصدي معتبر، وأن لا يلقوا ربهم ورقابهم معلقة بدم الأبرياء، وأن يرجعوا إلى أهل العلم الثقات لبيان الحكم الشرعي.
ثانياً: تحدي التمزق والفرقة
يعبر العلماء الحاضرون عن الأسى البالغ لما آل إليه حال الأمة المسلمة من فرقة واختلاف وتمزق وشتات، أدى إلى الفشل وذهاب الريح، وفتح باباً واسعاً للفوضى المدمرة للإنسان والعمران والأوطان، والإمعان في تفتيت ما هو بالأصل مقسم، الأمر الذي مكن الأعداء من تعميق جراحاتها، وانتهاك سيادتها، ونهب ثرواتها، وضرب أبناء الأمة بعضهم ببعض.
ويؤكد العلماء على وجوب التلازم بين كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة، والاعتصام بحبل الله تعالى، وعلى أن إعادة وحدة الأمة فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع، قال تعالى: { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ } الأنبياء: 92 ، الأمر الذي يقتضي التآزر والتناصر والتناصح، والقبول بالاختلاف وحسن إدارته ورعاية آدابه، عن طريق الشورى والإيمان بالتعددية، والالتزام بالمنهج السلمي في معالجة الاختلاف، والنأي عن فكر الإقصاء والتكفير والتهميش.
قال تعالى داعياً إلى الوحدة، وناهياً عن التفرق: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } آل عمران:103 ، كما سمى الله تعالى التفرقة كفراً بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ }آل عمران: 100 أي متفرقين، وقال النبي ـــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ: محذراً من أخطار الفرقة و التمزق { لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض }.
ثالثاً: ضرورة التعايش السلمي والتواصل الحضاري
يؤكد العلماء الحاضرون على الإيمان بالتعددية الحضارية والدينية بمنأى عن كل منازع الهيمنة واستخدام القوة في حل الخلافات الدولية، والدعوة إلى الحوار الحضاري بديلاً عن الصراع، مع التأكيد على الحق في الاختلاف والحرية المسؤولة، والعدل في الحقوق والواجبات.
كما يشجب العلماء الدعم الذي تلقاه الأنظمة الشمولية المستبدة في المنطقة ونظام التمييز العنصري والاحتلال الغاشم الذي يتمثل بالكيان الصهيوني بالمال والسلاح والإعلام والفيتو، مما يمثل منبعاً وتشجيعاً للتطرف والإرهاب، ومانعاً من قيام علاقات تتسم بالتعاون والسلم بين الشرق والغرب، وبين الحضارات والديانات، وفْق النداء الرباني الخالد إلى كل الشعوب والحضارات، الآمر بتبادل المعرفة وبذل المعروف وتحقيق الشراكة الإنسانية، قال تعالى: { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا }.
رابعاً: مقاومة الظلم والطغيان بالوسائل السلمية المشروعة
يؤكد العلماء الحاضرون حق الشعوب، في نيل حريتها وكرامتها، وتقرير مصيرها، ومن ذلك مقاومة كل أشكال الاستبداد والاستغلال، وضروب الحيف والاستعلاء، وأن تلتزم في ذلك بالطرائق السلمية المشروعة، وأن تجد الدعم على ذلك من كل قوى التحرر، وأن تتمتع بحقها في اختيار حكامها ونظام حياتها واستغلال ثرواتها، بعيداً عن كل أنواع الطغيان الداخلي والتدخل الخارجي.
خامساً: في شأن القضايا السياسية للأمة الإسلامية.
- القضية الفلسطينية.
لا شك أن القضية الفلسطينية لا زالت ــــــ وستظل ــــ هي القضية الأولى للمسلمين، من مشارق الأرض ومغاربها، وهي تمر اليوم بمرحلة تاريخية فاصلة حرجة ومنعطف خطير؛ حيث يتعرض القدس الشريف للتهويد، ويمعن الصهاينة باقتحام المسجد الأقصى وتهديده باستمرار، ويحاولون تقسيمه زمانياً ومكانياً، وغدت المستوطنات تقضي على معظم أراضي فلسطين، بالإضافة إلى الجدار العازل الذي شل حركة الفلسطينيين.
ويجمع المؤتمرون من علماء الأمة الإسلامية أن ما جرى في غزة خلال شهر رمضان المبارك وفي هذه الأيام هو اعتداء سافر من العدو الصهيوني المحتل ومجازر وجرائم حرب ضد المدنيين الأبرياء وتدمير للبيوت الآمنة والمباني الحكومية والمدارس والمساجد ومؤسسات وملاجئ الأمم المتحدة دون أن يحرك ذلك مجلس الأمن والدول الكبرى لنصرة المظلوم، بل قامت بنصرة المحتل ضد ضحيته الشعب الفلسطيني الصامد وشاركته في جريمته منذ قرابة القرن من الزمان.
و في هذا السياق يؤكد الاتحاد على الآتي:
- إن القدس بما له من مكانة دينية وتاريخية وحضارية، هي قلب الأمة الإسلامية، وعنوان كرامتها، وأن كل مشاريع الاحتلال اليهودي لن تغير من حقيقة كون القدس للأمة الإسلامية والعربية.
وهذا الإيمان بحقنا في القدس يجعلنا نؤكد الفتاوى التي سطرها العلماء والمجامع الشرعية المختلفة المؤكدة وجوب نصرة القدس وأهلها بكل الوسائل الممكنة، لا سيما دعم القطاعات الحياتية للمقدسيين في سبيل استقلالهم عن منظومة الاحتلال.
- لا ينوب أي فرد أو جهة عن الأمة في التصرف بحق الأمة في القدس، ولا يملك التنازل عن شبر من المدينة المقدسة.
- يدعو الاتحاد الحكومات العربية والإسلامية إلى تحمل الأمانة المنوطة بأعناقها تجاه مقدسات الأمة، ومن سبل تحمل هذه الأمانة الدفاع عن المقدسات، وعن الشعب الفلسطيني المعرض للاجتثاث من القدس، كما يدعوها أن لا تفرض بالأقصى والقدس، و أن لا تمنح الغطاء لمن يفرط بهما.
- يدعو الاتحاد مكونات الأمة المختلفة، وفي مقدمتها العلماء إلى بذل كل الوسع؛ لمنع الاحتلال من تقسيم المسجد الأقصى أو السيطرة، ولوقف مسلسل الانتهاكات و الاقتحامات اليومية للأقصى.
- إن مقاومة المحتل حق مشروع في جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، ولذلك يدعو الاتحاد إلى الحفاظ على سلاح المقاومة في فلسطين عامة، وفي غزة خاصة، و يشجب كل دعوة إلى نزع سلاح المقاومة؛ لأن ذلك من الإعداد المطلوب شرعاً، قال تعالى: { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } الأنفال: 60.
وفي هذه اللحظة التاريخية الفارقة يحيي علماء الأمة الإسلامية جهاد الشعب الفلسطيني ومقاومة الشعب الفلسطيني الباسل ضد المحتل الصهيوني في غزة وسائر فلسطين، ويعتبرون هذا الصمود الأسطوري بداية تحرير الأرض الفلسطينية والمقدسات بعون الله تعالى، ويناشدون الأمة الإسلامية بكافة مكوناتها ودولها وعلى رأسها القادة والعلماء وكل الشعوب والقوى الحية أن تستكمل مسيرة التحرير، متعاونين متعاضدين حتى يصلي الجميع في المسجد الأقصى المبارك، محررين منتصرين.
ويثمن الاتحاد مساعي وحدة الصف الفلسطيني، والتي تجسدت مؤخراً في حكومة الوفاق وفي الوفد الفلسطيني المفاوض الموحد، والذي جمع كافة الفصائل الفلسطينية ووحد موقفها أمام العدو الغاشم.
كما يدعو الاتحاد أبناء فلسطين إلى المضي قدماً في وحدتهم ووفاقهم؛ تحقيقاً لقوله تعالى: { وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } الأنفال: 46
- مصر.
يستحضر العلماء ما جرى في مصر من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بالقتل والاعتقال والتعذيب لآلاف من المعتقلين، وأحكام الإعدامات والمحاكمات العبثية التي أدانتها المنظمات الحقوقية والضمائر الحية في العالم.
وفي هذا السياق يؤكد العلماء الحاضرون على حرمة هذه الانتهاكات، ويطالبوا بإطلاق سراح جميع المعتقلين الأحرار الذين مارسوا حقوقهم عبر منهج سلمي كفلته لهم الشرائع الدينية والمواثيق الدولية، كما يطالبوا بسرعة إيقاف كافة أحكام الإعدام العشوائية الصادرة في حق المتهمين ظلماً في قضايا الرأي والحريات في مصر وبخاصة العلماء والشيوخ والشباب الذين هم طليعة الأمة وخيرة أبنائها، وكافة الأحكام الجائرة التي صدرت في ظل الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر منذ 3 يوليو 2013م .
- اليمن.
يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ما يجري في اليمن من اضطرابات تهدد أمنها واستقرارها بقلق بالغ، ويدعو الشعب اليمني كافة إلى تبني مخرجات الحوار الوطني الشامل؛ لبناء دولة حديثة موحدة، تنطلق لتأخذ مكانتها بين حضارات العالم الحديث؛ ولتبقى مأزر الإيمان والحكمة، ويحث الأطراف المتنازعة فيها إلى تغليب مصلحة الوطن والمواطنة، ويهيب بها أن تنْجر وراء المصالح الذاتية، فتسيل دماء العباد، وتدمر البلاد.
- سورية.
لا يخفى عل حصيف أن ما يجري في سورية هو حرب إبادة طائفية مقيتة، راح ضحيتها الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، ومن نجا من آلة القتل منهم حصدته آلة التشريد، وفي هذا السياق يؤكد الاتحاد على الآتي:
- يجب على شرفاء العالم وأصحاب الضمائر الحية أن تقف إلى جانب الشعب السوري في محنته التي تحرق الأخضر واليابس، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم.
- يدعو الاتحاد فصائل المعارضة السورية إلى توحيد صفوفها لكسر شوكة الطغيان، وإسهاماً في تحقيق الخلاص من ويلات الحرب.
ج- يدعو الاتحاد الدول التي لا تزال تساند النظام السوري إلى التخلي عن دعمه ومساندته، كما يدعوها إلى الوقوف إلى جانب المعارضة التي تتسم بالديمقراطية.
د- يدعو الاتحاد الدول التي لجأ إليها الشعب السوري أن تقدم له ما يحتاجه من المرافق التعليمية والصحية، وأن تكون تلك الدول وحكوماتها ــــــــــــــ بعد الله تعالى ـــــــــ عوناً للشعب السوري ونصيراً.
هــ - يدعو الاتحاد الشعب السوري الذي لجأ إلى دول الجوار إلى الالتزام بقوانين تلك الدول واحترام أنظمتها، والتعاون مع أفراد شعبها، حفاظاً على الأخوة الإيمانية، وأن لا يكون مصدر قلق ومبعث الاضطرابات في تلك الدول.
- العراق.
يدعو الاتحاد الشعب العراقي إلى الالتفاف حول الوحدة، ويطالب الحكومة العراقية الجديدة أن لا تنهج سنة سالفتها، بل عليها أن تساهم في الدعوة إلى الوفاق الوطني، وأن توقف أعمال القتل والاعتقالات الواسعة، وعليها أن تحقق الأمن للبلاد حتى يفيء إليه المهجرون قسراً، وأن توقف أشكال التميز كافة، وفي هذا السياق يؤكد الاتحاد على الآتي:
- التحذير من الحروب الطائفية التي توقد نيرانها بعض الجهات الهمجية التي لا تعرف معنى تحمل المسؤولية، ولا ترعى حقوق المواطنة.
- يندد الاتحاد باستهداف العلماء بكل أشكال المضايقة ومصادرة الحريات، وبمباركة بعض التنظيمات العاملة على الأرض العراقي.
- يؤكد الاتحاد على ضرورة قيام الحكومة الجديدة بمهامها في تحقيق العدل وترسيخ المساواة، وتحسين ظروف وحياة الشعب العراقي.
- يندد الاتحاد بالمجازر التي ترتكبها بعض الجماعات المتطرفة، مثل ما يسمى { عصائب الحق } من قتل جماعي وتهجير واجتثاث ، ويشجب الاتحاد في هذا السياق ما حدث في { الديالى } من قتل حوالي ثمانين شخصاً داخل أحد المساجد، سائلاً الله تعالى أن يحسبهم شهداء، وفي المقابل يندد الاتحاد بما تقوم به بعض الجماعات الغالية من قتل على الهوية أو الطائفية وإثارة الفتنة بين مكونات الشعب العراقي.
- الصومال.
- يشيد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالخطوات التي تمت في الصومال؛ لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها.
- يدعو الاتحاد نداء عاجلاً للعالم الإسلامي والمنظمات والمؤسسات الإغاثية إلى مواجهة الجفاف الذي يأخذ دوره في الصومال.
- جيبوتي.
يثمن الاتحاد الحوار الوطني والمصالحة بين الحكومة والمعارضة، ويدعو كلاً منهما إلى تعزيز التفاهم الذي يصون الحقوق، ويمنح الحريات، ويضمن أمن البلاد والعباد.
- بقية دول العالم الإسلامي { مثل: بنغلادش } التي ترزح تحت نير حكم استبدادي، قائمٍ إما على تمييز عنصري أو ديني.
وأما مينامار وأفريقيا الوسطى فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لم تغفل عينه عما يحدث في تلك البلاد، ويؤلمها أن لا تجد تلك البلاد من يمد لها يد المساندة والمساهمة، إلا من ثلة قليلة من دول العالم الإسلامي، ويؤكد الاتحاد أن قضايا تلك البلاد محل اهتمامه، و لن يألوَ الاتحاد جهداً في نصرتها والوقوف معها بكل السبل المشروعة الممكنة، كما يدعو الاتحاد أحرار العالم ونبلاءه إلى مساندة تلك الشعوب وتأييدها، حتى تحقق ما تصبو إليه من بناء دولة العدل والحرية والمساواة ويوجه الاتحاد رسالته الى فرنسا التي تتم الابادة والقتل امام مرآها ويحملها مسؤولية ما يحدث للمسلمين من ابادة
وبالنسبة لجمهورية كوسوفا فإن الاتحاد يطالب الدول الإسلامية والحكومات العربية والدول الصديقة ـــــ التي ما تزال لا تعترف بها ـــــــ إلى الاعتراف بها كدولة مستقلة، كما يدعو الاتحاد الأمم المتحدة إلى تخصيص مقعد لهذه الجمهورية ذات الغالبية المسلمة.
سادساً: شأن الأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية
إزاء ما تتعرض له الأقليات العرقية والدينية في أكثر من موطن من العالم من حروب إبادة واستئصال وتهجير يحملهم على التغيير القسري لدينهم ولغاتهم وثقافتهم، والمصادرة لأبسط مقومات حياتهم، وبخاصة ما تتعرض له الأقلية المسلمة في أفريقيا الوسطى ومينمار، والأقلية المسيحية واليزيدية في العراق، فإن العلماء يستنكرون أشد الاستنكار هذه التصرفات، ويعتبرونها من الأعمال المحرمة في تشريع الإسلام، بل هي من أعمال الحرابة والإفساد في الأرض، ويجب على كل مسلم ، بل على كل إنسان أن يقف إلى جانب هذه الفئات المظلومة، التي أُخرجت من أوطانها بغير حق، مما ليس له علاقة بالجهاد الإسلامي الذي شرع لرد العدوان ودرء الفتنة، ونصرة هؤلاء المستضعفين.
وفي هذا السياق يوصي الحاضرون الأقليات المسلمة بالالتزام بمقتضيات المواطنة في البلاد التي يعيشون فيها؛ احتراماً للقوانين، وقياماً بالحقوق وأداءً للواجب، وحرصاً على المصلحة العامة.
كما يسر الاتحاد أن يتوجه بالشكر والتقدير إلى حكومات تلك البلاد التي تضمن للأقليات حرية الدين والفكر والرأي، كما يُثَمِّنُ جهود تلك الحكومات التي ترعى الأقليات، وتوفر لها سبل العيش الرغيد، في ظل الحقوق الكاملة.
الختام
حضر المؤتمر عدد كبير بلغ قرابة ألف من أصحاب الفضيلة والسادة العلماء، وأصحاب السماحة المفتين، من جميع أقطار العالم، ومن القارات الست، وهذا من فضل من الله تعالى، وعلى سبيل المثال، فقد حضره جميع المفتين في روسيا الاتحادية، وكذلك ممثلو الأقليات الإسلامية في العالم أجمع، مما يدل على الانفتاح والحقوق المتاحة لهم.
وهذا الحشد الكبير المتنوع في ظل الظروف الحالية لدليل ناصع على مرجعية الاتحاد ومنهجه والقبول لدى عامة الناس وعلمائهم ومفكريهم
ولا يسعنا في ختام مؤتمرنا هذا إلا أن نتقدم بالشكر والتقدير باسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى تركيا رئيساً وحكومة وشعباً، والى قطر أميرا وحكومة وشعبا، وإلى جميع من ساهم في إنجاح هذا المؤتمر من اللجان المنظمة ولجان الصياغة، ولجان ورش العمل، وإلى الإدارة المنظمة على حسن التنظيم والترتيب، وإلى جميع وسائل الإعلام، وإلى شركة النخيل المنظمة لهذا المؤتمر والى ادارة فندق الجواهر ثم إليكم ــــــــــــ أصحاب الفضيلة ـــــ أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد، فجزاكم الله خيراً عن الإسلام وأهله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
اجتماع الجمعية العمومية للاتحاد في بداية دورتها الرابعة 2014م - 2018م