بسم الله الرحمن الرحيم
البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الرابع
لمجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
في دورته الرابعة 2014م - 2018م
مدينة قونيا بالجمهورية التركية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،،،
فقد انعقد بفضل الله وتوفيقه الاجتماع الرابع وذلك بتاريخ 29 شوال إلى 2 ذي القعدة 1437 هـــ الموافق 3 إلى 5 أغسطس 2016م بالمدينة التركية "قونيا"، وبرئاسة رئيس الاتحاد فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي.
وقد تدارس المجلس العديد من القضايا الداخلية للاتحاد ولجانه وفروعه، وبعض القضايا المتعلقة بأوضاع الأمة الإسلامية.
وفي خاتمة جلساته أقرّ المجلس البيان التالي:
أولاً: بخصوص الأعمال والأنشطة الداخلية للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يعبر مجلس الأمناء عن ارتياحه وتثمينه لما تم، وما يجري تنفيذه، من مشاريع وأنشطة علمية، وتعليمية، ودعوية، ويدعو إلى مواصلة هذا النهج وتوسيعه، سواء على صعيد المركز والمقر، أو على صعيد الفروع أو الأعضاء، أينما وجدوا. فالرسالة العلمية والتعليمية والدعوية التوعوية هي أولى أولويات الاتحاد خصوصاً والعلماء عموما.
ثانياً: وانطلاقاً مما أقرته الجمعية العامة للاتحاد حول مشروع النهوض بالأمة في جميع جوانبه فإن الأمانة العامة ولجانها المتخصصة تعمل جاهدة لتحقيق هذا الهدف العظيم، لذلك فإن مجلس الأمناء يثمن ما تبذله الأمانة العامة ولجانه من جهود في التعريف بالإسلام الوسط المعتدل لدى الناس كافة، ليستفيدوا بما جاء به من خير للبشرية أمنا وسلاما وتنمية حضارية، ويحث على المضي في ذلك بأكبر قدر من الجدية، كما يثمن الاتحاد ما تبذله الأمانة العامة وسائر اللجان من جهود في تصحيح المفاهيم لدى المسلمين وترقية الوعي الديني الصحيح عند الشباب منهم خاصة، وهو ما يتمثل في السعي الجاد إلى إنشاء المؤسسات التعليمية، والبحثية، والدعوية، لتساهم في أداء هذه المهمة، ولتدفع جهود الأمة الإسلامية نحو طريق التنمية وتأخذ طريقها إلى النهضة الحضارية بإذن الله تعالى، وكذلك ما تقوم به من مؤتمرات وندوات وورش عمل، حول سبل الارتقاء بالتعليم الشرعي في مختلف مراحله ووضع ميثاق الأسرة ليكون موازياً لاتفاقية سيداو.
ثالثا: وتنفيذاً لمشروع الاتحاد في النهوض بالأمة يولي الاتحاد عنايته القصوى بالقضايا الاجتماعية والتربوية والتعليمية والفكرية ولذلك أقام عدة المؤتمرات حول الأسرة وحول التعليم الشرعي والدعوة ويسعى جاهداً للمصالحة الشاملة داخل الأمة الإسلامية لكل مكوناتها.
رابعاً: وبخصوص القضية الفلسطينية يجدد الاتحاد مواقفه المبدئية الثابتة، ويؤكد بصفة خاصة ما يلي:
1- دعمه الكامل للمرابطين والمرابطات بالمسجد الأقصى.
2- إدانة جرائم الاحتلال الصهيوني من اعتداءات متكررة على المسجد الأقصى وعلى المصلين، وعلى أهل القدس الشريف.
3- إدانة الإعدامات الميدانية المباشرة للمواطنين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال والنساء، وهدم البيوت، والانتقام من أقارب الشهداء والأسرى والمرابطين.
4- رفض الاستيطان رفضاً تاماً بل وإدانته واستنكاره ودعوة المجتمع الدولي لرفع الغطاء الظالم عن الكيان الصهيوني والتوقف عن دعمه في جوره واحتلاله.
5- يدعو الاتحاد جميع المسلمين حكومات وشعوباً ومنظمات وعلماء ومفكرين وإعلاميين، وجميع أحرار العالم إلى الدعم الدائم للشعب الفلسطيني بجميع الأشكال، ومناهضة جميع جرائم الاحتلال الصهيوني ضده، مع العلم أن الاحتلال نفسه هو الجريمة الكبرى التي يرزح تحتها الشعب الفلسطيني، سواء من بقي منه تحت هذا الاحتلال، أو من هجروا وشردوا على يده الغاصبة الأثيمة.
6- يستنكر الاتحاد الحصار الهمجي المفروض على قطاع غزة، ويعتبره جريمة في حق الإنسانية، بما يتضمنه من إفقار وتجويع وحرمان من أبسط حقوق الحياة وأدنى درجات الكرامة الإنسانية، ويدعو العالم الحرّ كله إلى الوقف الفوري لهذا الحصار الإجرامي.
8- يجدد الاتحاد دعوة جميع الفصائل والمنظمات الفلسطينية إلى التصالح والتوافق، وبناء المؤسسات الموحدة للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
رابعاً: وفيما يخص محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة على أرض الجمهورية التركية، فإن الاتحاد يؤكد على موقفه الثابت من دعم الحق والشرعيات القائمة والخيار الشعبي على تحقيق العدل بين الناس ورفع الظلم عنهم، ومن ثم فإن الاتحاد كان أول المنظمات العالمية التي أدانت وشجبت وما زالت تندد بهذه المحاولة الفاشية الفاشلة، وبأنها محاولة لا تهدف أبداً لصالح الجمهورية التركية ولا المنطقة ولا الأمة الإسلامية ومصالحها، وإنما هي محاولة للتخريب والهدم. كما يحيي الاتحاد الموقف الرائع والملهم للشعب التركي في دفاعه عن حريته وإرادته وديمقراطيته التي ارتضاها أسلوباً للحكم واختيار الحاكم في بلادهم. ويدعو الاتحاد المجتمع الدولي إلى عدم النكوص عن دعم الممارسات الديمقراطية الحرة وبخاصة في الدول الإسلامية وتركيا مثالاً، ولا يصح دعم انقلابات عسكرية تأتي على حريات الشعوب وأحلامهم وآمالهم وثرواتهم، فهذه من القيم السلبية التي لا يصح أن نربي عليها أجيالنا الحالية والقادمة.
خامساً: وبخصوص الأوضاع الداخلية للبلدان الإسلامية وبخاصة التي تعاني من الصراعات الداخلية، فإن الاتحاد يدين بشدة ما تتعرض له بعض البلاد الإسلامية من فتن بأيد أجنبية، أو أيد طائفية يُقتل فيها المسلمون بما تكاد أن تكون إبادة جماعية، تنتهك أعراضهم وتدمر أملاكهم، مثل ما يقع في سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، وميانمار، وأفريقيا الوسطى. ويدعو الاتحاد الدول الإسلامية ويستنهض الضمير العالمي الحر إلى السعي الجاد لإيقاف هذه المآسي، وحقن هذه الدماء وتمكين الشعوب من أن تعيش آمنة، وأن تمكن من خياراتها الحرة لتصوغ مصيرها دون تدخل خارجي .
كما يعبر الاتحاد عن قلقه الشديد مما يقع في بعض البلدان الإسلامية من الفتن الداخلية التي يتقاتل فيها الشركاء في الوطن الواحد مثلما يقع في ليبيا ويدعو الجميع إلى أن يجتمعوا على كلمة سواء ليحلوا مشاكلهم بالحوار والمصالحة والوفاق، تحقيقا لقوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" (آل عمران: 103)، ويرى الاتحاد أنه لا مناص من السير في اتجاه توطيد الحريات والاعتماد على الحوار والتفاهم، في ظل احترام إرادة الشعوب وهويتها ومرجعيتها الإسلامية.
وفي هذا السياق يدين الاتحاد النهج الفاشل المعتمد على الاعتقالات والمحاكمات والتهم الملفقة ضد أصحاب الفكر والرأي من العلماء والمفكرين والدعاة والمثقفين، ويدعو إلى الإفراج الفوري عنهم أينما كانوا.
ويستنكر الاتحاد سياسة الشحن والحشد الطائفي، التي تجاوزت حدود الاختراق الدعائي والاستقطاب المذهبي إلى تأسيس الميلشيات المقاتلة ضد الدول والشعوب والمذاهب المخالفة، كما هو الحال في العراق وسورية ولبنان واليمن،
وذلك من خلال ما يلى :
1- سوريا:
فإنه مع مرور ما يزيد عن خمس سنوات على الثورة السورية تبدو للعيان أن سوريا تقع تحت وطأة مؤامرات دولية قامت بصنع داعش ورعايتها والهيمنة على القرار فيها، ثم جيء بقوات جوية هائلة من الدول العظمى، ثم بقوات برية وميليشيات إرهابية متوحشة من قبل دول إقليمية طامعة، لذلك فإن الاتحاد إذ يدين هذه المؤامرة وهذه المأساة المؤلمة يطالب العالم الإسلامي والعالم الحرّ بحلّ هذه المشكلة وإزالة أسبابها. وفى هذا النطاق يؤكد الاتحاد على ما يلى:
أ- أن مصدر الإرهاب هو النظام السوري الذي يقتل شعبه، وأن الإرهاب لن ينتهي مادام سببه موجوداً.
ب- يجب على شرفاء العالم وأصحاب الضمائر الحية أن يقفوا إلى جانب الشعب السوري في محنته التي تحرق الأخضر واليابس، وما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم.
ج - يدعو الاتحاد فصائل المعارضة السورية إلى توحيد صفوفها لكسر شوكة الطغيان، وإسهاماً في تحقيق الخلاص من ويلات الحرب.
د- يدعو الاتحاد الدول التي لا تزال تساند النظام السوري إلى التخلي عن دعمه ومساندته، كما يدعوها إلى الوقوف إلى جانب الشعب السوري والمعارضة والأحرار من أبناء سوريا الراغبين في التحرر الوطني.
هـ - يدعو الاتحاد الدول التي لجأ إليها الشعب السوري أن تقدم له ما يحتاجه من المرافق التعليمية والصحية، وأن تكون تلك الدول وحكوماتها بعد الله تعالى عوناً للشعب السوري ونصيراً له، وأن يحفظ لهم كرامتهم، وفي هذا الصدد يثمن الاتحاد تعامل تركيا شعباًورئيساً وحكومة مع الشعب السوري بمنتهى المسؤولية والأخوة الإسلامية ! كما يثمن جهود المؤسسات الإنسانية التي تساهم في تحقيق معاناة إخواننا السوريين.
و - يدعو الاتحاد الشعب السوري الذي لجأ إلى دول الجوار إلى الالتزام بقوانين تلك الدول واحترام أنظمتها، والتعاون مع أفراد شعبها، حفاظاً على الأخوة الإيمانية والعلاقات الإنسانية، وألا يكون مصدر قلق ومبعث الاضطرابات في تلك الدول.
2- العراق:
لايزال وضع العراق المنكوب يؤلمنا ويؤلم إخواننا في العالم الإسلامي كله، وأن مستقبله المرشح للتمزق يقلقنا.
فالصراع الطائفي والعرقي والثنائيات الكثيرة، يتوسع كل يوم، ويدفع إلى مزيد من سفك الدماء وتشريد الملايين في الداخل والخارج.
ولا شك أن دخول الإرهاب بمختلف أشكاله، المتمثل بداعش وغيره، نتيجة لتآمر أعداء العراق عليه والبعيد عن العدل والإنصاف وأحكام الشريعة الغراء،هو الآخر، عمق وجوه تلك المآسي، فقد فرضوا على المدن قوانين التوحش والقتل والتجويع.
وكان على القوى الأمنية من الجيش والشرطة والقوى المساعدة لها والملحقة بها أن تزحف لتحرير المدن الأخيرة، وقدمت ضحايا كثيرة في سبيل تحقيق ذلك، غير أن الذي وقع عقب ذلك، أن بعض القوى الطائفية المندسة، عاقبت كثيراً من ابناء تلك المدن بالاعدامات الميدانية إحياناً، وتدمير البيوت، وسرقة المتاجر وتفجير المساجد إحياناً أخرى، فضلاً عن الاعتقالات التعسفية، بحيث ظهرت آثارها المفجعة على شاشات الفضائيات العالمية.
ونحن في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كمرجعية دينية إسلامية ندعو إخواننا في المرجعيات الدينينة والسياسية في العراق، إلى رفع هذا الظلم عن تلك المدن المحررة وإعادة عشرات الألوف المشردة المعذبة في المخيمات إلى مدنها وحياتها الآمنة وتعويضها عما لحق بها من داعش والميليشيات المنفلتة الطائفية التي نشرت فيها الفساد والدمار.
وهذا مما يأمر به الدين والأخوة ونداء الوطن والعدل، حتى يعود العراق الجريح إلى وحدة شعبه وانقاذ ابنائه من الجرائم التي ارتكبت بحقه قبل الاحتلال وبعده.
3- اليمن:
ما زال الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرى أن ما حدث في اليمن هو انقلاب عسكري طائفي مسلح من قبل الحوثيين وأنصار المخلوع على عبد الله صالح، ضد سلطة شرعية أتت بإرادة الشعب اليمني، وضد ثورة الشباب والأحرار اليمنيين، وللأسف فإنه انقلاب تابع لمشروع إيراني طائفي لم يدخل بلداً إلا وأصابها بالخراب والدمار، كما ويرفض الاتحاد تماماً ما أعلنوا عنه بأنه مجلس رئاسي انقلابي كذلك، من شأنه أن يضرب كل محاولات حل القضية اليمنية.
ولهذا فإنه يحق للشعب اليمني الأصيل بكل فئاته وطوائفه وقبائله الحرة الشريفة الدفاع عن وطنهم بجميع الطرق لتحريره من هذا المشروع الانقلابي الطائفي، وفرض إرادته وإرادة ثورته الحرة، واستعادة الشرعية المسروقة، وإلى أن يصل اليمن إلى استقرار وأمن يحصل عليه ويشعر به كل من يعيش على أرضه. كما نطالب بفك الحصار الآثم عن "تعز" وفتح ممرات أمنة للمساعدات الإنسانية، ويدين الاتحاد اغتيال العلماء والمشايخ في جنوب اليمن، ويؤكد الاتحاد على وجوب بذل المساعي للحفاظ على وحدة اليمن وسيادته.
4- مصر:
ويستنكر ما يجري في مصر الكنانة من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بالاعتقالات الظالمة والأحكام الجائرة والمحاكمات الهزلية التي تجعل البريء مجرماً والمجرم بريئا، وإهدار الحريات والتضييق على العلماء والدعاة، ويتابعون باستنكار شديد استمرار الحصار وتشديده على أهل غزة الأبطال والمقاومة الباسلة، وتلك الحملة الفاجرة التي يشنها الإعلام المصري لتشويه المجاهدين وتحسين صورة الصهاينة المحتلين.
ويؤيدون حق الشعب المصري في المطالبة بحريته ورفضه للانقلاب العسكري الذي أتى على إرادته وحريته.
ويحذر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية من الآثار والممارسات الخطيرة الناتجة عن إغلاق أبواب الحريات مما يؤدي إلى انتشار العنف والفوضى في مصر والمنطقة بأسرها. ويرى الاتحاد أن الحل الوحيد هو الاحتكام إلى رأي الشعب واحترام إرادته الحرة.
5- ليبيا:
يتابع الاتحاد التطورات المتسارعة في الشأن الليبي، ويؤكد على مواقفه المؤيدة لإرادة الشعب الأبي في ليبيا، وتطلعه للحرية، ومناهضة الاستبداد وتحقيق أهداف ثورته.
ويدين الاتحاد تدخلات الدول الأجنبية التي تحاول فرض حكم عسكري غاشم يصادر إرادة الشعب الليبي ويدين إغتيالات العلماء والمشايخ لإسكات أصواتهم.
ويوصي ابناء هذا الشعب الكريم بدعم كافة المبادرات الوطنية التي تحث على تحقيق مقاصد الشرع من حفظ الدماء، ووحدة وتحقيق الوفاق السياسي والإجتماعي والمصالحة الوطنية العادلة، ونبذ كافة المحاولات التي تسعى لمصادرة إرادته؛ إرهاباً كانت أن إنقلاباً.
6- بنجلاديش:
يتابع الاتحاد بقلق بالغ ما يجرى في بنجلاديش من إعدامات واعتقالات بدون وجه حق، ومن سلب للحريات وقتل للأبرياء، وغير ذلك.
ويؤكد الاتحاد في هذا المجال أن هذا الطريق ليس طريق البناء والتقدم والإصلاح، لذلك يطالب الحكومة البنجالية بالكف عن هذه الإجراءات وإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات ويطالب الدول الإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي بالتوسط لإصلاح هذا الوضع المقلق.
7- شأن الأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية:
إزاء ما تتعرض له الأقليات العرقية والدينية في أكثر من موطن من العالم من حروب إبادة واستئصال وتهجير يحملهم على التغيير القسري لدينهم ولغاتهم وثقافتهم، والمصادرة لأبسط مقومات حياتهم، وبخاصة ما تتعرض له الأقلية المسلمة في أفريقيا الوسطى وميانمار، فإن العلماء يستنكرون أشد الاستنكار هذه التصرفات، ويطالبون العالم الحر برفع الظلم عنهم، ومساعدتهم للخروج من هذه المحن.
وفي هذا السياق يوصي الاتحاد الأقليات المسلمة بالالتزام بمقتضيات المواطنة في البلاد التي يعيشون فيها؛ احتراماً للقوانين، وقياماً بالحقوق وأداءً للواجب، وحرصاً على المصلحة العامة.
كما يسر الاتحاد أن يتوجه بالشكر والتقدير إلى حكومات البلاد التي تضمن للأقليات حرية الدين والفكر والرأي والبلاد التي فتحت ابوبها للمهاجرين السوريين ونحوهم، كما يُثَمِّنُ جهود تلك الحكومات التي ترعى الأقليات، وتوفر لها سبل العيش الرغيد، في ظل الحقوق الكاملة.
سادساً: دعوة الأمة الإسلامية بما يزيل فرقتها وتخلفها:
يدعو الاتحاد الأمة الإسلامية حكامها وشعوبها وعلماءها ومفكريها وجميع السياسيين إلى بذل كل ما في وسعهم لعلاج ما آلت إليه أوضاع أمتنا من التفرق والتمزق، والتخلف، والعنف والإرهاب، والفقر والبطالة بين الشباب.
ولذلك يحملهم المسؤولية أمام الله تعالى ثم أمام التاريخ، ويناشدهم بقوة أن يخلصوا النية لله تعالى، ويقوموا بمصالحة شاملة بين جميع مكونات الأمة على أساس العدل والحرية والكرامة والمواساة، وأن يبذلوا جهودهم لإزالة أسباب تلك المشاكل والمصائب وأن يوجهوا كل طاقاتهم للنهوض بأمتنا في جميع مجالات الحياة الفكرية، والعلمية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، ويدعوهم إلى التعاون على البر والتقوى، وإلى التكامل والوحدة، وأن يستعملوا نعم الله تعالى في شكر الله تعالى لصالح التنمية الشاملة، والالتزام بالأخلاق والقيم الإسلامية، كما كانت عليه أمتنا في القرون الأولى. كما أن من أهم واجباتنا جميعاً الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ونشر الرحمة بين العالمين، حتى تصبح أمتنا كما أراد الله لها ( خير أمة أخرجت للناس) وأن تكون كجسد واحد كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه مسلم وغيره.
سابعاً: يرى الاتحاد أن السياسة الطائفية العدوانية، لن يستفيد منها إلا أعداء الإسلام والمسلمين. وحتى الذين يسلكونها لن تعود عليهم إلا بالخسار والوبال في الدنيا والآخرة. ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) (الشعراء: 227(.
ثامناً: يجدد الاتحاد استنكاره ورفضه التام لكل الأعمال الإرهابية والإجرامية التي ترتكبها بعض المجموعات المسلحة في مختلف الأقطار الإسلامية وغير الإسلامية.
تاسعاً: يعلن الاتحاد أن الإسلام بريء وبعيد عن هذه الأفعال الإرهابية الشنيعة كما أخبرنا القرآن الكريم بذلك "مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا" (المائدة:32) ، بل يعتبر الاتحاد أن القائمين بها ومن يقفون وراءهم إنما يحاربون الإسلام في المقام الأول. ويوصى الاتحاد الأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية بالالتزام بمقتضيات المواطنة في البلاد التي يعيشون فيها وبأداء الواجبات والحرص على المصلحة العامة والابتعاد عن كل أشكال العنف أو الاستهتار بالقوانين العامة، والحرص على المشاركة الفاعلة في التنمية بالبلاد التي يعيشون فيها ليكونوا المظهر الصحيح للإسلام في تعاليمه السمحة وقيمه الإنسانية .
عاشراً :يدعو الاتحاد كافة الدول والمنظمات الدولية إلى إقامة العدل والحق، اللذين هما أساس السلم والأمن والاستقرار، سواء على الصعيد الدولي أو الصعيد الداخلي للدول واحترام الإنسان في حقوقه الأمنية وحماية الحريات.
حادي عشر :إن تفعيل المجتمع المدني فهو كفيل لارتقاء المجتمع وتعزيز السلم ومواجهة العنف والفرقة والإرهاب، ويؤكد أن الظلم يؤذن بالهلاك كما أخبرنا عن ذلك القرآن الكريم "هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ" (الأنعام: 47).
ثاني عشر :ويولي الاتحاد الاهتمام البالغ بالأسرة المسلمة وبخاصّة منها المرأة والطفل، وهو يعمل ويدعو كلّ المسلمين أن يعملوا على التصدي للتحديات التي تستهدف كيان الأسرة والقيم الإسلامية السامية التي تنبني عليها، وفي هذا السياق فإن الاتحاد قد قام بإعداد ميثاق عالمي للأسرة أعلن عنه في مؤتمر عالمي ليكون مرشداً للناس عامة، ويحفظ الأسرة من الأخطار المحدقة بها، وليعمّم عالمياً ليضاف إلى المواثيق الدولية في هذا الشأن.
ثالث عشر: يولي الاتحاد الاهتمام البالغ بترقية التعليم العام في البلاد الإسلامية وبالتعليم الشرعي على وجه الخصوص، وفي هذا الصدد يدعو الاتحاد إلى تأسيس مجلس إسلامي أعلى لترقية التعليم الشرعي يعمل على إصلاح هذا التعليم وترقيته، حتى يؤدّي هذا التعليم إلى أهدافه من الفهم الصحيح للدين والتنزيل الصحيح له في واقع الحياة.
كما يولي الاتحاد الإهتمام البالغ لتصحيح المفاهيم الدينية التي اصابها بعض الخلل في ثقافة الأمة وذلك من أجل أن يكون الدين والثقافة الدينية عامل إستنهاض للأمة نحو البناء الحضاري والتعمير في الأرض، ويعمل الاتحاد على تحقيق ذلك من خلال الندوات والمؤتمرات العلمية والتوعوية ومن خلال المؤلفات والمنابر الإعلامية.
وفي الختام لا يسعنا ونحن في هذا البلد الطيب تركيا، وفي هذه المدينة التاريخية العظيمة (قونيا)، إلا أن نقدم شكرنا للشعب التركي العظيم وقيادته الحكيمة، ولسعادة والي قونيا لرعايته، وإلى بلدية قونيا رئيساً و إدارة لضيافتهم لنا في أقامة هذا الاجتماع ، ولجميع من ساهموا معنا في إنجاح هذا الإجتماع، ولجميع وسائل الإعلام شاركت فعالياتنا، وللجهات التنظيمية والإدارية.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الاجتماع الرابع لمجلس الأمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
خلال دورته الرابعة 2014م - 2018م
29 شوال إلى 2 ذي القعدة 1437 هـــ الموافق 3 إلى 5 أغسطس 2016م