البحث

التفاصيل

إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف وآثارها العظيمة .

إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف وآثارها العظيمة .

د/ أم كلثوم محمد فال

لقد كان لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف آثار عظيمة ؛ تشمل كل التعاليم الدينية والدنيوية ، حيث تشتمل هذه الذكرى على مراحل حياته صلى الله عليه وسلم ؛ من  ولادته ، ونسبه الشريف صلى الله عليه وسلم ، وأهل بيته ، ثم بعثته ، ودعوته ، وهجرته ، وغزواته صلى الله عليه وسلم،  وما تخلل تلك الفترة من تواتر أحداث حافلة بنزول القرآن الكريم ، وتعاليم السنة النبوية الشريفة ، كتشريع متكامل ،  الأحكام  في العبادات والمعاملات .

لقد كان لهذه الذكرى آثارها العظيمة في إحياء تراثنا العلمي والأخلاقي حيث تجمع بين دراسة تعاليم الإسلام ، ومنهجه صلى الله عليه وسلم؛  التعاملي  الأخلاقي ، و محبته  وأصحابه ،  وسيرته ، من ولادته إلى موته، والسير على  ذلك النهج العظيم

 

ولقد أنار لنا د/ علي الصلابي الطريق بما كتبه وألفه واستخرجه من كنوز السيرة النبوية في إطارها الصحيح ومنهجها التجديدي ، حيث جمع في علمها  بين تعاليم الوحي من القرآن الكريم والسنة النبوية ، وماتحتوي عليه من أحكام ،  وبين محبة رسولنا صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وكل صحابته رضوان الله عليهم أجمعين .

يقول د/ علي الصلابي : '' إن دراسة الهدي النبوي لها أهميتها لكل مسلم ' فهي تحقق عدة أهداف منها :

الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال معرفة شخصيته ' وأعماله ' وأقواله وتقريراته 'و تكسب المسلم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ...وتعرفه بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وتفاصيلها من ولادته حتى وفاته  و كذلك محبة صحابته الكرام والسير على نهجهم ... ''.  كتاب السيرة النبوية دراسة وتحليل ، د . محمد أبو فارس، ص، ٥٠ . نقلا عن كتاب ، السيرة النبوية عرض أحداث وتحليل وقائع . د . علي الصلابي .

ويقول د/ الصلابي، في السيرة النبوية أيضا : '' يجد فيها العلماء ما يعينهم على فهم كتاب الله تعالى ؛ لأنها هي  المفسرة للقرآن الكريم في الجانب العملي ، ففيها أسباب النزول ، وتفسير لكثير من الآيات ، فتعينهم على فهمها والاستنباط منها ...  فيستخرجون أحكامها الشرعية ، ويحصلون على تعاليم الاسلام المختلفة ، وبها يدركون الناسخ والمنسوخ ...

قال الواقدي : ' سمعت محمد ابن عبد الله يقول : سمعت عمي الزهري يقول :'' في علم المغازي،  علم الدنيا والآخرة ''.

وقال إسماعيل ابن محمد ابن سعد بن أبي وقاص : '' كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدها علينا ويقول هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها .

- مدخل لدراسة السيرة النبوية ، د/ يحيى اليحي . ص١٤ .

٢ انظر البداية والنهاية .(٢ / ٢٤٢).  نقلا عن كتاب السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث ..علي الصلابي ، ص، ٧.

إن هذه الذكرى تعتبر أعظم حدث تاريخي في حياة البشرية لإبراز ذلك التراث الهائل المليئ بتعاليم الوحي؛  ومآثرآبائنا الحافلة بأخلاق النبوة ، التي أوردها د/ الصلابي ، من كلام ابن سعد ابن أبي وقاص ، حيث نهانا أن نضيع هذه المآثر .

فكيف لنا أن نحافظ على هذه المآثر ، دون تخليد مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو مؤسس هذه المآثر وصانعها؟

 وكيف نغرس حبه صلى الله عليه وسلم في نفوس الأطفال دون تخليد ذلك المولد النبوي العظيم ؟

ورغم اختلاف العلماء بتعظيم هذا المولد والاحتفال به حسب ما يراه كل منهم في هذه المسألة ، حيث يرى البعض منهم أن الاحتفال بهذا المولد بدعة ، فجعلوه بذلك من العبادات المحضة ؛ التوقيفية التي لا يجوز فيها زيادة ولا  نقصان ؛ كالصلواة والصوم وغيرذلك من العبادات المحضة ، وأن من أحدث فيها شيئا فهو رد ، كما ورد في الحديث الشريف .

وقد أوضح د/  الشيخ علي القره داغي ذلك الاشكال

 بفتوى مبينة لذلك الالتباس ؛ إذ بين ذلك الفرق بين العبادات المحضة وغيرها ، فأوضح أن تعظيم المولد النبوي  يعد من القرب والأعمال الصالحة، وأنه من وسائل الدعوة إلى الله تعالى ؛ والتعبير عن حب رسوله صلى الله عليه وسلم وأن المرأ يثاب عليه .

فنحن المسلمون اليوم نتعرض لأعظم هجمة دينية ، لا ندري من أين  تبدأ ولا من أين تأتي ولابأي حق تمارس على نبينا و ديننا الحنيف .

فلو مارسها الملحدون المتشددون علانية دون أن يخفوا إلحادهم؛ لجادلناهم بالتي هي أحسن  كما أمرنا القرآن الكريم بذلك .

وإِنْ مارس المسيحيون واليهود تلك الهجمة على نبينا بالإساءة علينا بسبه صلى الله عليه وسلم؛  لكان  الحَكَم بيننا ؛ ما ورد في القرآن الكريم في الآية الكريمة ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ....) آل عمران ، الآية ٦٤ .

وإذا كنا نحن نؤمن بكل الأنبياء ولانفرق بين أحد من الرسل في الإيمان ، فلمذا لا تؤمنون بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذي بشرتم به في الكتب المنزلة على الأنبياء قبله ، كما بشر به موسى وعيسى في التوراة و الانجيل ، كما ورد في الآية الكريمة: ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أوْلئك هم المفلحون) الأعراف الآية ، ١٥٧ .

 فكيف تسبون هذا الرسول الأعظم وتسيؤون  إلى المسلمين بالرسوم المسيئة وغيرها ؛  فأينا المسيئ إذن ؛  إلى الآخرين بخلقه السيئ الوحشي الهمجي   الاستفزازي ،  اللامدني؟

 فاحترام الآخر من احترامك لنفسك ، وحرية الرأي تتوقف عند المساس بحريات الآخريين ومعتقداتهم ...

ألا ترون أنه محرم علينا في الدين الإسلامي أن نسب أي أحد من رسل الله تعالى المرسلين من عنده ؛ لهداية الناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كما ورد في القرآن ذكره مما سبق وروده آنفا .

فالهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين، تدعونا للتعبير عن مدى حبنا وتعظيمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبهجتنا وفرحنا بمولده صلى الله عليه وسلم ، دون أن نجعله عيدا،  لعل ذلك يؤدي ببعض المسلمين أن يجعلوا منه عيدا دينيا ، فالأعياد الدينية قد حددت بعيدين لا تتعداهما أبدا ، ولكن هذا اليوم العظيم الذي ولد فيه رسولنا صلى الله عليه وسلم ؛ علينا أن نحتفل بذكراه ونعظمه ، بعدة وسائل مباحة متاحة حتى نعبر عن عظيم حبنا له وفرحنا بمولده صلى الله عليه وسلم فهو ولد و بعث رحمة للعالمين جميعا .





التالي
مراسم الإجازة العلمية في كوردستان العراق
السابق
الأمين العام يجتمع مع أعضاء لجنة القدس بالاتحاد

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع