البحث

التفاصيل

البيان الختامي لمؤتمر نصرة الفلسطينيين

البيان الختامي لمؤتمر نصرة الفلسطينيين

14-5-2006

           

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،، فإنَّ العلماء المجتمعين في الدوحة يومي الأربعاء والخميس 12 و13 من ربيع الثاني 1427هـ الموافق:10-11/5/2006م، في ملتقى نصرة الشعب الفلسطيني، بحضور ممثلين عن معظم الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الخارج، وعدد مرموق من قادة الحركات الاسلامية في العالمين العربي والاسلامي، ورموز الفكر والثقافة والعمل النقابي والمهني والإعلامي، الذين استجابوا لدعوة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة فضيلة العلامة الشيخ د. يوسف القرضاوي.

بعد أن تبادلوا الرأي في مشورة صريحة شاملة للشأن الفلسطيني كله، وبعد مداولة معمقة فيما ينبغي على العلماء والفقهاء والدعاة وأهل الرأي والفكر والثقافة ان يعلنوه إلى الأمة، والى العالم كله، والى الناس كافة في الظروف الحاضرة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وعن الحصار المفروض على أهل فلسطين وعن بوادر التنازع بين بعض القوى الفلسطينية وبعض.

وبعد ان استمعوا بعناية كاملة إلى ما قدمه ممثلو القوى الفلسطينية القادمون من داخل فلسطين وخارجها، من ايضاحات وافية عن الوضع الداخلي، وما يحكم العلاقات بين اطرافه وتأثره بالاوضاع الاقليمية والعالمية، انتهوا الى أن يعلنوا بيانهم الآتي نصه:

أولاً: يجب على المسلمين حيثما كانوا ان يعينوا اخوانهم في فلسطين بشتى انواع العون بالمال واللسان، والقلم والنفس، والعون المالي هو اليوم من اوجب الواجبات على المسلمين كافة، وعليهم ان يسعوا بكل طاقاتهم افراداً وجماعات وشعوباً وحكومات إلى تقديمه الى أهلنا في فلسطين من اموال الزكاة ومن أموال الصدقات من الوصايا بالخيرات العامة، ومن جميع صنوف الاموال الأخرى، بل ينبغي ان يقتطع المسلمون نصيباً من اموالهم الخاصة ومن اقواتهم لتقوية موقف اخوانهم في فلسطين، فإنه «ليس منا من بات شبعان وجاره جائع» و«المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه»، وعلى المسلمين كافة أن يسعوا بكل طريق ممكن الى ايصال جميع صور المساعدة المالية والمادية الى اخوانهم في فلسطين، ليتجاوزا أزمتهم الحالية وينجح مشروعهم البناء في تخفيف معاناة أهلنا في فلسطين وفي تثبيت حقوقهم الشرعية والتاريخية في وطنهم وقوفاً في وجه محاولات الابادة والتهجير التي يقترفها العدو الصهيوني بجميع الوسائل في كل شبر من ارض فلسطين.

وأن البنوك والمؤسسات العربية والإسلامية مدعوة إلى القيام بواجبها في هذا الشأن، بحيث لا تكون أداة في يد أعداء الأمة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني وهزيمة مشروعه.

إن الجهاد بالمال بنص القرآن الكريم لا يقل أهمية عن الجهاد بالنفس، وهو واجب على الأفراد والمؤسسات؛ والعلماء إذ يعلنون ذلك ليثقون في أن البنوك والمؤسسات المالية في العالمين العربي والإسلامي لن تقف في وجه إرادة الأمة، ولن تخالف الفتوى الشرعية لعلماء المسلمين، ولن تعرض نفسها لما لا نحبه من المقاطعة ونحوها.

ثانيا: إن من حق الشعب الفلسطيني في داخل الأراضي المحتلة في فلسطين التاريخية كلها، وفي الشتات، أن يجاهد في سبيل الله لاستعادة وطنه كاملا، وتحرير أرضه كاملة من النهر إلى البحر، واسترداد حقوقه الوطنية كاملة، وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين والمهجرين إلى أوطانهم وأراضيهم وبيوتهم، وتعويضهم عن سنوات القهر والحرمان التي امتدت نحو خمسة عقود حتى الآن؛ ولا يجوز لأحد أن يفتي بحرمة الجهاد لاسترداد فلسطين ولا بتأثيم المجاهدين، ولا أن يصفهم بما يسيء إليهم وإلى جهادهم تقليدا للقوى المعادية للأمة وإعلامها المغرض.

ثالثا: إن حق الأمة الإسلامية في فلسطين التاريخية كاملة حق ثابت لا يملك أحد التنازل عن ذرة منه، ولا تسقطه معاهدة ولا وثيقة ولا وعد، ولا يجوز الصلح عليه ولا على أي جزء منه، وعلى هذا أطبقت فتاوى العلماء قديما وحديثا من يوم بدء النكبة إلى يومنا هذا، وفتاوى المجمع الفقهية والعلمية، وفتاوى المراجع السنية والشيعية من علماء الرحمن الذين ابتغوا بفتاواهم وجه الله ورضاه وحده؛ والشعب الفلسطيني كله مدعو والأمة من ورائه إلى التمسك بمشروع الأمة في استرداد فلسطين، والذود عنه استنادا إلى هذه الفتاوى الجماعية التي من شذ عنها شذ في النار.

رابعا: إن التعاون بين جميع القوى الفلسطينية ضرورة تمليها العقيدة الدينية، والمصلحة الوطنية، والحكمة السياسية. فالكاسب الوحيد من الخلافات بين الفلسطينيين هو العدو الصهيوني ومن يجري في ركابه.

والفصائل الفلسطينية التي حملت سلاحها دائما في وجه عدو واحد، وحرمت في أحلك الظروف الدم الفلسطيني، وتمسكت بالثوابت الإسلامية والعربية والفلسطينية مدعوة اليوم إلى نبذ أي خلاف مهما يكن سببه، وقطع دابر أي نزاع مهما بدا له من تبرير. والعلماء والفقهاء المجتمعون في هذا المؤتمر يفتون بحرمة هذا التنازع أخذا من قول الله تبارك وتعالى: (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، ومن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض)؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه).

واذا كانت الرئاسة الفلسطينية قد نجحت في اجراء انتخابات حرة نزيهة اعلنت عن ارادة صحيحة لشعب فلسطين، فان العلماء يدعونها الى ان تكون عند مستوى المسؤولية الذي كانت عنده وقت تقرير الانتخابات واجرائها، وذلك بأن يستمر تعاونها مع من اختارهم الشعب الفلسطيني بارادته الحرة ليمثلوه في المجلس التشريعي ويشكلوا الحكومة التي تدير شؤونه في السنوات القادمة.

وهذا التعاون الصادق هو السبيل الوحيد للمحافظة على حقوق الشعب الفلسطيني، وهو السبيل الوحيد لتخفيف معاناته، ولتقوية عناصر الصمود والمقاومة فيه، وخير لكل فلسطيني وازكى له ان يكتب تاريخه في الذين حموا الديار ودافعوا عن المقدسات واستمسكوا بالثوابت من ان يكتب في غيرهم من غير وبدل او نكث وتراجع.

والفقهاء والعلماء يدعون الحكومة الفسلطينية ومؤيديها في كل مكان من ارض فلسطين الى بذل كل جهد ممكن باخلاص صادق ونية صادقة ليؤتي التعاون بين الحكومة والرئاسة ثماره.

خامساً: ينبه العلماء والدعاة وقادة الحركة الاسلامية المشاركون في هذا الملتقى الى ان اخفاق مسيرة الاصلاح والتغيير في فلسطين سيدفع الشعوب الاسلامية الى مزيد من الاعراض عن الوسائل السلمية التي يدعو اليها اهل العلم واهل الرأي لاصلاح الاوضاع في بلادنا كلها.

وسيؤدى ذلك - لا محالة - الى دخول المنطقة كلها في دوامة لا نهاية لها من العنف بين المدافعين عن حقوقهم المشروعة والغاصبين لها وهو امر لن يسلم من آثاره وعواقبه احد في المنطقة. لذل يؤكدون ضرورة العمل الجدى لتحقيق برامج الاصلاح والتغيير التي يتكرر الوعد بها والايهام بالامل فيها كلما ضاقت صدور الناس بما يحيونه من اوضاع وما يحيط بهم من مشكلات، ثم يتسارع النيسان اليها حتى تبدو ككلام الليل الذي يمحوه النهار. ان ذاكرة الشعوب لا تنسى، وحقوقها لا تتقادم، وقادتها اولى الناس بأن يؤدوا اليها حقوقها، وان يعملوا على احلال كل انسان في الارض العربية والاسلامية المكان اللائق بالانسان الذي كرمه ربنا تبارك وتعالى حيث قال: «ولقد كرمنا بني آدم».

سادساً: يدعو العلماء المشاركون في هذا المؤتمر قادة العالم وحكامه ومفكريه ومثقفيه وذوي الرأي في كل مكان الى التنبه الى مخاطر الصلف الصهيوني، والدعم العالمي له، والاهمال المستمر بل العدوان الجائر على حقوق الفلسطينيين شعباً وافراداً. ان كل ذي ضمير حي لا يقبل ان يستمر الوضع المأساوى الفردي والجماعي في فلسطين المحتلة، ولا ريب ان هذا الضمير يدعو اصحابه الى الجهر بكلمة الحق، ويدعو القادرين على التغيير في البلاد الديمقراطية بوجه خاص الى حمل قادتهم وحكامهم على احقاق الحق ابطال الباطل فان عجزوا فلا يكونون اعوانا للباطل وظلمه وطغيانه.

والامة الاسلامية لن تنسى الشرفاء الذين وقفوا مع قضاياها، لاسيما قضية فلسطين مثل موقف الرئيس السويسري والحكومة السويدية وغيرها ولا الذين يقفون في صف العدو الصهيوني ضد حقوق الامة العادلة.

سابعاً: ان المشاركين في هذا الملتقى يحضون الشعوب الاسلامية ومنظماتها الشبابية والثقافية والنقابية واحزابها وسائر القوى التحررية على تنظيم المسيرات والاعتصامات والاضرابات الاحتجاجية السلمية للضغط على الحكومات المتقاعسة عن نصرة فلسطين والدول المتواطئة حتى تنهض للقيام بواجبها في نصرة شعب فلسطين المجاهد، وتكف عن كل مسعى تطبيعي مع الكيان الصهيوني الغاضب.

ثامناً: يعلن الملتقي عن تشكيل لجنة دائمة منبثقة عنه في اطار الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لمتابعة الشأن الفلسطيني، والقيام بما يوجبه الوقت من اصلاح ذات البين، او مد يد العون، او الدعوة الى الخير، او الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، لتبقى قضية فلسطين في مكانها المركزي من قضايا الامة وليحققوا قول النبى صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

تاسعاً: لا يفوت المشاركين في هذا الملتقى ان يوجهوا الشكر الى دولة قطر اميراً وحكومة وشعباً والى وسائل الاعلام وبخاصة قناة الجزيرة والقناة الفضائية القطرية والى جمعية البلاغ الثقافية والى جميع اهل الخير الذين اسهموا في تيسير اقامة هذا الملتقى والى اللجان التي عملت ليل نهار وفي وقت قصير جدا حتى امكن عقده.

والله من وراء القصد، وهو سبحانه ولي الحمد، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه اجمعين.

 





التالي
نص البيان الختامي لمؤتمر نصرة النبي
السابق
بيان بشأن موقف بابا الفاتيكان من الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم

البحث في الموقع

فروع الاتحاد


عرض الفروع